قدر الأفارقة

مسلي آل معمر

TT

عندما تريد الكرة أن ترسم حبكة درامية، فلا شك أن لديها القدرة على الإبداع، ولو لم تكن هذه الموهبة موجودة لديها لما شغلت العالم بأسره وجعلت حديث كل اثنين عن المونديال ومبارياته، فها هو رئيس نيجيريا يترك مشاغله ويوجه إيقافا لمشاركات منتخب بلده لمدة عامين بسبب عدم التأهل إلى الدور الثاني من المونديال، أكرر الدور الثاني من المونديال، وليس عدم التأهل إلى المونديال إطلاقا، الرئيس النيجيري أصدر هذا القرار، رغم أنه ليس من صلاحياته، بل من صلاحيات اتحاد كرة القدم، وفي أوروبا استدعى البرلمان الفرنسي مدرب الديوك ورئيس اتحاد كرة القدم لاستجوابهما، حضر الاثنان منكسي رأسيهما، وتعرضا لدش ساخن من الأسئلة والملامة.

إنها المجنونة التي أصرت أن تبتسم للاعبي الأوروغواي وتدير ظهرها للشعوب الأفريقية، فمن يشاهد اللقطة الأخيرة في الشوط الإضافي الثاني من لقاء غانا والأوروغواي، عندما أبعد المدافع الكرة بيده ليحرم سفراء أفريقيا من الوصول إلى نصف النهائي، يجزم أن التأهل أصبح من قدر الأورغواي، فأن يمنع اللاعب الكرة من الولوج في الدقيقة الأخيرة، ثم يضيع أسامواه ضربة الجزاء، ثم يخسر الغانيون بركلات الترجيح، فهذا يعني أنها «مكتوبة» لمنتخب الأوروغواي.

كان الغالبية يرشحون البرازيل للوصول إلى المباراة النهائية على الأقل، غير أن أبناء السامبا خيبوا كل الظنون، سقطوا أمام منتخب لا أعتقد أنه يستطيع الفوز بكأس العالم، ولو قدر للبرازيليين أن يصلوا إلى النهائي، ثم الفوز باللقب، لربما تغيرت حياة دونغا العملية رأسا على عقب، لكنه الآن سيفقد منصبه، وسيحمل أخطاء الخروج، رغم الإضافات الفنية والعمل الكبير الذي قدمه لفرقة السامبا، لكنه قدر دونغا، الذي جعله يتسلم منتخبا خاليا من «الظواهر» الكروية، كما وجد أسلافه فيليب لويس سكولاري وكارلوس ألبرتو باريرا.

كرة القدم فيها إثارة وتشويق وتحظى بمتابعة لا تحظى بها أي لعبة أو فعالية أخرى، إلا أن السياسيين يصرون على إفساد هذه المتعة والمنافسة بتدخلاتهم، حتى في دورات المياه، كما حدث بين سفيري الكوريتين الشمالية والجنوبية من مشادات، أثناء افتتاح المونديال، ولكن أين.. في دورة مياه؟

المستديرة المجنونة تصنع كل هذا الصخب، لذلك هي أفضل وسيلة للتسويق والوصول إلى عقول الآخرين، لكنني أخشى أننا لم نستوعب ذلك، وأن خطتنا التسويقية ليس لها وجود!.