المونديال يسحق العنصرية

محمود تراوري

TT

يرجع محلل الاتحاد الدولي لكرة القدم النجم الفرنسي السابق كريستيان كاريمبو ضعف إمكانيات منتخبات أفريقيا في المونديال إلى عدم اهتمامها بالدور التدريبي، لا تبحث عن مدربين إلا عند قرب المناسبات مثل بطولة أمم أفريقيا أو تصفيات المونديال، وهي تتعاقد مع مدربين لفترات وجيزة دون بحث عن الاستقرار التدريبي، وقال «هذا هو السبب في تراجع مستويات منتخبات أفريقيا، على عكس غانا التي تعاقدت مع الصربي ميلوفان راييفاتش منذ عام 2008 وهو يسير في الطريق الصحيح، ويقدم مستويات فنية عالية ويؤكد أن الاستقرار الفني مهم جدا للرقي بمستوى الفرق».

وعلق على خروج فرنسا مؤكدا أن العلاقة بين اللاعبين ودومينيك غير حميمية، وهذا خلق فجوة لدرجة أن بعض اللاعبين لا يتحدثون مع المدرب بعد التدريب، كما أن الاعتماد على لاعبين كبار في السن انتهى طموحهم وباتوا على وشك الاعتزال أثر سلبا. هي (الموضوعية) إذن في قراءة الواقع وتفسيره، لا تلك الكتابات التي تجسد السذاجة وتكرس سطحية التفكير حين تشير إلى دور (الفلوس) وجشع اللاعب الأفريقي كسبب في عدم التأهل، بل إن جان ماري لوبان زعيم اليمين المتطرف في فرنسا لن يجرؤ على أن يستبدل كلمة (الغربان) بـ(الديوك) كما وصف أحدهم منتخب فرنسا فقط لغلبة لون البشرة السوداء على غالبية الفريق، رغم أن الفريق الذي حقق كأس العالم 1998 كان أكثره من هؤلاء (الغربان)!

هناك مشكلة نفسية لدى البعض، تحول دون شفائه من ترسبات عقد خاصة وتفكير نمطي، وانغماره في عالم القرن الواحد والعشرين، أو كأن أدوات تفكيره مثلا قد لا تدرك التحول الذي يعيشه بلد كان من أكثر من مجتمعات الدنيا عنصرية، منطلقا من إيمان تاريخي بتفوق العنصر الآري، وتميزه عن بقية الشعوب. لكنه اليوم يسحق ذلك اليقين فيغدو المنتخب الألماني مزهوا (بتنوع أعراقه وتعدد ثقافاته فهو يضم أحد عشر لاعبا من أصل ثلاثة وعشرين من جنسيات غير ألمانية تتفرع بين الأفريقية والآسيوية واللاتينية، كما تضم التنوع في الأديان، وهي حالة نادرة في تاريخ «المانشافت»).

يقول أحد المراقبين (هذه متغيرات العصر التي فرضت قوانين جديدة ومفاهيم جديدة وأخلاقيات جديدة لم تكن مقبولة في وقت سابق. وأصبحت المنتخبات الأوروبية تمتلئ بلاعبين ألوان بشرتهم متنوعة، حتى المنتخب السويسري ضم بين صفوفه لاعبين من أصول أفريقية. إن المواهب الجديدة في المنتخب الألماني بكل تأكيد شكلت تطورا في المفاهيم الحضارية والأخلاقية لدى الشعوب الأوروبية بشكل عام ولدى الألمان بشكل خاص).

الخميس أصدر «فيفا» بيانا لإدانة التمييز العنصري، وأكد بلاتر أن الاحترام قيمة أساسية للرياضة.

للمونديال دروس في الثقافة الإنسانية والتحضر، لكن كم عدد من يستوعبها في محيطنا العربي ليتخلص من عقده المترسبة في روحه؟