«ألبسبيكس».. منصة على جبال الألب تطل من علو 2828 مترا

توفر للزوار مشهدا يمتد عدة كيلومترات داخل العمق الجبلي ومنحدرات الجبال الخضراء

السياح يطلون على وادي هولن من منصة ألبسبيكس (أ.ب)
TT

عام 1761، بعد أن تمتع جان جاك روسو بعطلته الصيفية على جبال الألب، كتب يقول إن «الإنسان ينسى نفسه على جبال الألب، ويشعر بالخوف في ذات الوقت من ارتفاع القمم». ويبدو أن روسو لخص قبل 250 سنة بالضبط مشاعر السياح الذين شهدوا افتتاح منصة «ألبسبيكس» AlpspiX على جبال الألب يوم الأحد الماضي.

فمنصة «ألبسبيكس»، التي أقيمت بمثابة شرفة (بلكون) على وادي هولن السحيق في منطقة الألب البافارية، تذكر بالمنصة الأميركية على «غراند كانيون»، وتطل على واد عمقه 1000 متر. وتوفر المنصة للزوار مشهدا يمتد عدة كيلومترات داخل العمق الجبلي، ونظرة عميقة إلى منحدرات الجبال الخضراء، ولقطة رائعة لقمة جبل جارمش بارتينكيرشن التي ترتفع 2962 مترا عن سطح البحر.

أقيمت المنصة الجديدة بهدف اجتذاب السياح، وخصوصا في فصل الصيف، وهو ما حققته منذ اليوم الأول للافتتاح، حيث حضر آلاف الفضوليين والصحافيين. والمنصة عبارة عن «لسانين» من الحديد تم نصبهما بالقرب من محطة «قطار الألب» التي تقع على ارتفاع 2828 مترا عن سطح البحر. والمنصة عبارة عن ذراعين تمتدان من عمق الصخر إلى الفضاء فوق الوادي، لا تلتقيان لكنهما تتقاطعان في الهواء بشكل حرف «إكس». أي إن هناك فرقا قدره 5 أمتار بالارتفاع بين الاثنتين.

ويبلغ طول كل منصة 24 مترا، وتمتد كل منهما مسافة 13 مترا في الهواء ومسافة 11 مترا في قلب الصخر. والذراعان مصنوعتان من الحديد الثقيل ومسيجتان بشكل لا يتيح سقوط أحد ولا يسمح لأحد بالقفز خارجها، أيا كانت الأسباب.

السياح الذين مشوا بخطوات حذرة على المنصة للإطلال على الوادي امتزجت مشاعرهم بين المتعة والخوف، فقال أحدهم إن النظر للأسفل يشيع ذعرا لا يقل عن ذعر القفز بالحبال (البنجي). وآخر قال إن المنصة ليست لضعاف القلب والمعانين من رهاب الارتفاعات، وفتاة من النمسا امتدحت تصميم الذراعين وعبرت عن ذهولها بجمال المشهد من فوق.

يقال في جبال الألب البافارية، بسبب جمال المنطقة، إن المرء يفضل «الموت البافاري على الأسر النمساوي». فإلى هذه المنطقة هرب الأمير البافاري ماكس إيمانويل، الذي تحالف مع الفرنسيين ضد النمساويين والإنجليز عام 1702 بسبب الخلاف حول الوصاية على الأراضي الإسبانية. وحينما انهزم جيش إيمانويل أمام الجيوش الأعداء عام 1704 قرب مدينة هكستشتدات على نهر الدانوب، هرب الأمير البافاري إلى الجبال وقال كلمته المأثورة «الموت البافاري ولا الأسر النمساوي».

تقع جبال الألب البافارية في جنوب ألمانيا وتمتد جنوبا وشرقا نحو النمسا وسويسرا. وهي مناطق تمتد بين جبال الغوي وجبال تشيمغاو نحو الشمال، لتصل إلى جبال فيترشتاين وامرغاور التي تنتهي في العمق السويسري. وتتميز المنطقة ببحيراتها الكثيرة التي تعتبر بحيرات مثل تيغرنزي وفالخنزي وشليرزي من أهمها وأشهرها على مستوى السياحة.

وطبيعي لم ينج مشروع «ألبسبيكس» من انتقادات أصدقاء البيئة وحماتها، وخصوصا من دائرة حماية البيئة البافارية واتحاد رياضة الألب. دائرة البيئة في بافاريا حذرت من تشويه المنصة لمشاهد الجبال والوديان، واعتبرت المشروع مسيئا لمناطق البيئة المحمية في جبال الألب. وإذ قال رينتشار ميرجنر، من دائرة البيئة، إن المشروع لا داعي له، ذكر بيتر ماير، من إدارة «قطار الألب» أن القطار يوفر أيضا نفس المشاهد الممتعة للسياح.

الحكومة المحلية في بافاريا تجد المشروع مهما لجذب السياح إلى جبال الألب الألمانية، وخصوصا في مجرى التنافس السياحي مع النمسا وسويسرا. والإطلالة على وادي هولن من هذه المنصة يكلف 22 يورو للكبار، ولا يسمح للأطفال بالمشي عليها إلا بصحبة ذويهم.