سورية بين 4 دول عربية تدهور فيها العجز التجاري

النفط يخرج تدريجيا من الصادرات.. ومشتقاته تدخل بقوة في الواردات

جانب من مدينة دمشق («الشرق الأوسط»)
TT

صُنفت سورية بين أربع دول عربية تدهور فيها العجز التجاري عام 2009، ليتسع العجز فيها من 3.9 مليار دولار عام 2008 إلى عجز بلغ 5.9 مليار دولار عام 2009.

ويعود النمو الواضح في حجم التجارة الخارجية الذي سجلته سورية خلال عام 2008 و2009 إلى ارتفاع حجم الواردات لتفوق حجم الصادرات، مما أدى إلى تدهور كبير في الميزان التجاري. وسجل العجز عام 2008 ارتفاعا بلغ 78 في المائة مقارنة بعام 2007، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الوضع الخارجي للاقتصاد، الذي تمثل في تسجيل الميزان التجاري عجزا للمرة الأولى عام 2008 منذ خمس سنوات واستمر العجز بشكل واضح ومتنامٍ خلال عام 2009.

ويشير تقرير اقتصادي صادر عن غرف الزراعة والتجارة والصناعة العربية إلى أن «حجم الواردات سجل ارتفاعا بمعدل 10 في المائة أكثر من الارتفاع في حجم الصادرات، الذي بدوره ارتفع بنسبة 16.7 في المائة على أساس سنوي ليبلغ 13.6 مليار دولار». وأشار التقرير إلى أن «الصادرات النفطية ارتفعت بمعدل 27.5 في المائة لتبلغ 5.6 مليار دولار عام 2008 وتشكل 41 في المائة من الصادرات السورية، إلا أن تراجع أسعار النفط بدءا من أواخر عام 2008 وخلال عام 2009 أدى إلى تراجع دور النفط في الصادرات كقيمة وبشكل واضح».

ويظهر التقرير أن «ارتفاع قيمة الواردات السورية عام 2008 يعود إلى ارتفاع في أسعار النفط، إذ ارتفعت فاتورة واردات المشتقات النفطية بنسبة 33.1 في المائة ليبلغ 5.7 مليار دولار، مما تسبب في عجز نفطي بقيمة 48 مليون دولار للمرة الأولى منذ خمس سنوات، وذلك بالمقارنة مع فائض نفطي في الميزان التجاري النفطي بقيمة 146 مليون دولار عام 2007».

إلا أنه وخلال عام 2009 ظهر بوضوح وبحسب الإحصاءات الرسمية ارتفاع واضح في استيراد السلع الاستهلاكية التي كانت العنصر البارز في ارتفاع قيمة الواردات نتيجة انفتاح الأسواق وإلغاء الرسوم الجمركية. وتظهر البيانات الواردة في التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2009 أن «متوسط قيمة التجارة العربية البينية شهدت نموا للعام الخامس على التوالي، حيث ازدادت الصادرات البينية عام 2008 بنسبة 22.9% والواردات البينية بنسبة 22.2%».

وشهدت جميع الدول العربية نموا بدرجات متفاوتة في صادراتها البينية وحققت سورية نموا بلغ 5.9% بعد كل من السعودية والإمارات.

وتبعا للإحصائيات الخاصة بالتجارة العربية الخارجية والبينية لعامي 2008 و2009 فإن سورية تأتي في المرتبة الثالثة عشرة لجهة حجم صادراتها المتجهة إلى دول العالم والبالغة قيمتها نحو 10.4 مليار دولار، أي ما نسبته 32.7%, وهذه النسبة تجعل سورية في المرتبة الثالثة بين 19 دولة عربية لجهة نسبة صادراتها إلى الدول العربية من صادراتها إلى العالم, أما في جانب المستوردات فإن سورية جاءت في المرتبة الحادية عشرة لجهة حجم مستورداتها من العالم التي بلغت في عام 2009 ما يقرب من 16.3 مليار دولار، كان من بينها 2.5 مليار دولار من الدول العربية، أي ما نسبته 15.4% لتكون بهذه النسبة في المرتبة الثامنة لجهة ما تشكله مستورداتها العربية من إجمالي المستوردات, وهكذا فإن حجم الميزان التجاري لسورية مع الدول العربية بلغ عام 2009 نحو 5.9 مليار دولار بزيادة واضحة عن عام 2008 الذي سجل ما قيمته 3.9 مليار دولار.

وهو ما ظهر جليا في عام 2009 حيث تراجع النفط بشكل واضح في الصادرات كقيمة, كما أن تأثير الجفاف على تراجع المحاصيل الزراعية، وخصوصا القمح، ساهم في تراجع إجمالي قيمة الصادرات, خصوصا أن الصادرات الزراعية والغذائية تشكل نسبة 20 في المائة من إجمالي الصادرات السورية. وفي المقابل فإن النمو المحقق في الصادرات السورية عام 2008 يعود بشكل كبير إلى الإصلاحات الاقتصادية والتجارية التي تبنتها سورية في الآونة الأخيرة, ومنها فك قيود الرقابة على الصرف الأجنبي, مما ساهم في إعادة إدخال الكثير من المنتجات غير النفطية إلى قنوات الاقتصاد الرسمي.

وتشير المعلومات المتوفرة إلى الارتفاع في حجم الواردات إلى 17.2 مليار دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة, بمعدل نمو سنوي قدره 25.9 في المائة, نتيجة لإجراءات تحرير التجارة التي اعتمدتها سورية, وتحرير السوق أمام مشاركة القطاع الخاص في العمليات التجارية, بالإضافة إلى التحسن الملموس في الطلب الداخلي على السلع المستوردة. ويقدر معدل النمو في الاستهلاك المحلي بنحو 5.9 في المائة. وقد تبنت سورية الإجراءات اللازمة من خلال البدء بتحرير اقتصادها, للاستفادة من عائدات التجارة من القطاعات المختلفة بهدف التعويض عن التراجع في إنتاج النفط بنسبة 10 في المائة سنويا, وبالتالي في حجم عائداته. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التوجه ساهم في التخفيف من وطأة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية, التي تأثرت بها كثيرا الدول التي تعتمد على النفط بشكل رئيسي.

وتشمل إجراءات تحرير التجارة: تخفيض كلفة المعاملات التجارية، وتخفيض التعريفات، وإصدار جدول التعريفة الجمركية واللائحة السلبية الموحدة للواردات، والانضمام إلى اتفاقيات تجارة حرة. فسورية عضو في اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وفي السوق العربية المشتركة. كما أبرمت اتفاقيات تجارة حرة ثنائية مع الأردن وتركيا والهند وبلاروسيا وسلوفاكيا, وتجري المفاوضات لإبرام مثل هذه الاتفاقيات المتعلقة بتحرير التجارة والاستثمارات المشتركة مع العراق وماليزيا وقطر. كما تتعاون سورية مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية لتطوير قدراتها الفنية بما يتلاءم مع متطلبات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.