مبارك بعد لقاء ساركوزي: من المبكر الحديث عن التوجه إلى مجلس الأمن

التقى الحريري مصادفة في الفندق.. وكوشنير: الرئيس المصري يقول أمورا لا يعبر عنها الآخرون بصراحة

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى استقباله الرئيس المصري حسني مبارك في قصر الإليزيه أمس (رويترز)
TT

اعتبر الرئيس المصري حسني مبارك أنه «من المبكر الحديث عن «التوجه إلى» مجلس الأمن»، فيما خص الموضوع الفلسطيني بانتظار التعرف عما يمكن أن تسفر عنه المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية غير المباشرة بوساطة أميركية. غير أن مبارك جزم بأنه في حال فشلت المفاوضات غير المباشرة، وبالتالي لم يتم الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، فإن العرب سينقلون الموضوع برمته إلى مجلس الأمن.

وجاءت تصريحات الرئيس المصري المقتضبة عقب لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عصر أمس في قصر «الإليزيه» في زيارة لم يعلن عنها مسبقا، إذ وصل مبارك إلى باريس قادما من الجزائر.

وأفادت المصادر الرئاسية الفرنسية بأن موضوع توجه العرب إلى مجلس الأمن «لم يطرح بين الرئيسين» اللذين اتفقا في تشخيصهما حول أن «مفاوضات السلام لا تتقدم بالشكل الذي يتمنيانه». وبحسب مصادر متطابقة، فإن باريس والقاهرة «لا تتوقعان الشيء الكثير من المفاوضات الجارية حاليا ولذا فإنهما تحضران لمبادرة جديدة» يمكن أن تطرح، وفق المصادر الفرنسية، في إطار الاتحاد من أجل المتوسط، أو بمناسبة انعقاد قمته المنتظرة في برشلونة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ومن ضمن صيغة الرئاسة الثنائية الفرنسية - المصرية للاتحاد.

وكان موضوع السلام الملف الرئيسي الذي بحثه الرئيسان. وتناولا فيه العلاقات الثنائية، والسودان، والوضع في أفريقيا. ويذكر أن مبارك شارك في القمة الفرنسية - الأفريقية التي عقدت نهاية مايو (أيار) في مدينة نيس الفرنسية المتوسطية. وغاب موضوع التوتر في جنوب لبنان عن المناقشات التي دامت نحو 40 دقيقة، كما غاب موضوع الجندي الإسرائيلي - الفرنسي جلعاد شاليط.

وشكلت مفاوضات السلام غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وآفاقها وبدائلها بما فيها الأفكار الفرنسية ومجمل الوضع الشرق أوسطي والسودان والاتحاد من أجل المتوسط الملفات المحورية التي تناولها الرئيسان الفرنسي والمصري في باريس أمس بمناسبة زيارة قصيرة للرئيس مبارك إلى العاصمة الفرنسية لم يعلن عنها مسبقا والتي قدم إليها من الجزائر.

غير أن إطلاق مبادرة فرنسية - مصرية لا يمكن أن يتم من غير موافقة أو مشاركة أميركية ما. ولذا فقد تناول الرئيسان هذا الموضوع انطلاقا من التساؤل التالي: ما الذي يستطيعانه في إطار الاتحاد المتوسطي أو على هامشه؟ وكانت باريس تقترح منذ سنوات قمة دولية لتوفير الدعم السياسي الذي كان لا يحظى بحماسة أميركية، وكان يواجه برفض إسرائيلي. ولا يبدو أن كثيرين في باريس حتى داخل الحكومة يؤمنون بأن مبادرة كهذه يمكن أن تفضي إلى شيء جدي. لكن المدافعين عن الفكرة يؤكدون أنه «لا يجوز البقاء مكتوفي الأيدي». وكانت باريس استقبلت مؤخرا رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض وقبله الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء المغربي. وكان مبارك التقى في فندقه «مصادفة» رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، حيث كان التوتر في الجنوب الموضوع الرئيسي لمحادثاتهما. ودافع الحريري عن القوات الدولية التي قال عنها إنها تعمل لمصلحة السلام في لبنان، داعيا إلى تحاشي الاستفزازات.

وعلم في باريس من مصادر رسمية واسعة الاطلاع أن فرنسا تفكر في دعوة الدول المساهمة في قوات «اليونيفيل» إلى اجتماع في حال استمرت الاستفزازات التي تستهدفها، علما أن باريس ترى «أيد إيرانية» وراء ما هو حاصل في الجنوب. ودعا الحريري الرئيس مبارك لاستخدام وزن مصر الدبلوماسي والسياسي الدولي لمساعدة لبنان.

والتقى مبارك ظهر أمس بحضور أحمد أبو الغيط وزير الخارجية برنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسي الذي قال عقب اللقاء، إن أوضاع الشرق الأوسط بما فيها المفاوضات «لا تدعو إلى التفاؤل». وبحث كوشنير مع الرئيس مبارك المواضيع نفسها التي أثيرت لاحقا مع الرئيس ساركوزي. ونوه كوشنير بالرئيس مبارك الذي وصفه بـ«العاقل» والذي «يقول أمورا لا يعبر عنها الآخرون بصراحة ومباشرة».

وعبر كوشنير عن أمله في تحسن سريع للوضع الإنساني في غزة ولتخفيف الحصار ولوفاء الإسرائيليين بتعهداتهم لرفع الحظر عن غزة.

أما أبو الغيط فقد أشار إلى «أن الحديث دار حول الخيارات من أجل جهود السلام (إذ يبدو أن) المفاوضات غير المباشرة لا تحقق المطلوب منها». وتساءل «ما هو المتاح لكي نؤمن إما مفاوضات غير مباشرة مفيدة وذات عائد، وإما التحول إلى مفاوضات مباشرة بعد تحقيق التقدم المطلوب بما يشجع الفلسطينيين على الثقة وعلى بنائها بينهم وبين الإسرائيليين؟».

واعتبر «أن المتاح أخيرا عربيا هو اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي». وأضاف «طرحت نقاشات وتم تحليل الخيارات المتاحة بشأن إمكانية تناول الأفكار الفرنسية التي سبق التحدث بها سابقا، والخاصة بعقد مؤتمر دولي واسع تشارك فيه كافة القوى ذات التأثير».

وأخيرا بحث موضوع الاتحاد من أجل المتوسط، وقال أبو الغيط «إن هناك رغبة فرنسية مصرية بتحريكه وتأمين نجاحه». لكن عقد هذا المؤتمر «يفترض بطبيعة الأحوال أن يكون المناخ السياسي مناسبا لهذا التفعيل».

وقالت مصادر الإليزيه إن الرئيس ساركوزي رحب بلقاء نظيره المصري الذي أعرب عن رغبته في زيارة فرنسا.