رئيس برلمان كردستان السابق: انتخاب رئيس الجمهورية من غير الكرد سيخل بالتوازن القومي

المفتي لـ«الشرق الأوسط»: رئاسة البرلمان لا تلبي طموحاتنا.. وتفاهم المالكي وعلاوي لن يجد تجاوبا منا

عدنان المفتي رئيس برلمان إقليم كردستان السابق («الشرق الأوسط»)
TT

أكد قيادي كردي بارز أن موقع رئاسة الجمهورية هو استحقاق قومي للشعب الكردي يجسد الشراكة القومية في العراق، وأن ترشيح أي شخص غير كردي لهذا المنصب «سيخل بالتوازن القومي»، مشيرا إلى أن منصب رئيس البرلمان العراقي «لا يلبي الطموحات القومية للشعب الكردي».

وحول ما إذا كان منصب رئيس الجمهورية الذي تشدد عليه القيادة الكردية سيكون موضعا لصفقة أو مقايضة مع الكتل الأخرى التي يتفاوض الكرد معها حاليا في بغداد، خصوصا مع ورود إشارات بوجود نوع من التفاهم بين كتلتي دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، والقائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، لتقاسم السلطة بينهما بترشيح المالكي لرئاسة الجمهورية وترشيح علاوي لرئاسة الوزراء، رد عدنان المفتي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، والرئيس السابق للبرلمان الكردستاني، وعضو الوفد التفاوضي الكردي، بمنزله في مدينة أربيل، لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «نظرتنا إلى موقع رئيس الجمهورية لا تتحدد بالنتائج الانتخابية، وإنما ننظر إلى هذا الموقع كاستحقاق قومي، لأننا نعتقد أن العراق يتكون من قوميتين رئيسيتين، وهذا ما درجنا عليه منذ تأسيس الدولة العراقية، وقد أكدت على ذلك وثائق عصبة الأمم في ثلاثينات القرن الماضي، وكذلك الدستور العراقي المؤقت الذي صدر بعد ثورة 14 يوليو (تموز) عام 1958 ومن خلال بيان 11 مارس (آذار) أيضا، الذي صدر عقب اتفاق القيادة الكردية في تلك الفترة مع الحكومة العراقية لحل المسألة الكردية، وكل هذه الوثائق والاتفاقات تؤكد على «أن العراق يتكون من قوميتين رئيسيتين، وأن العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن، والشراكة تتطلب أن يكون للكرد موقع سيادي يجسد هذه الحقيقة، ويؤكد أن العراق هو عراق الكرد والعرب وغيرهما من الأقليات القومية، ولذلك ينبغي للكرد أن يكون لهم موقع رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء كأكبر موقع تنفيذي، رغم أن رئيس الجمهورية لا يتمتع بطبيعة الحال بصلاحيات كبيرة، ولكن المنصب هو رمزي، ومن حق الكرد أن ينالوا هذا المنصب بغض النظر عن عدد مقاعده في البرلمان لأنه استحقاق قومي».

واعتبر المفتي أن التفاهم بين المالكي وعلاوي لن يكون «موفقا»، وأنه لن «يلقى تجاوبا من الكرد، لأننا نعتقد بأن العراق سيواجه مشكلات كبيرة إذا تم انتخاب رئيس الجمهورية من غير الكرد، لأن هذا سيخل بالتوازن القومي في العراق، ورئيس البرلمان وإن كان موقعه مهمّا في كيان الدولة العراقية، لكنه في هذه المرحلة لا يلبي الطموح القومي للكرد، ربما في المستقبل عندما تكون دعائم الدولة الديمقراطية مترسخة، والمجتمع العراقي قد تحول إلى مجتمع مدني يشعر المواطن فيه بالمساواة الكاملة، عندها ليس مهما من يتبوأ ذلك المنصب سواء كان شيعيا أو سنيا أو تركمانيا».

وحول مفاوضات الوفد التفاوضي الكردي مع الكتل السياسية في بغداد، والذي اعتبر تنفيذ المادة 140 المتعلقة بتطبيع الأوضاع في كركوك والمناطق المتنازع عليها نقطة أساسية وجوهرية للتفاوض، قال المفتي إن «معظم الكتل الفائزة بالانتخابات التي تفاوضنا معها إلى الآن أكدت لنا التزامها بتنفيذ هذه المادة، والمادة دستورية صوت لها معظم أبناء الشعب العراقي خلال الاستفتاء الدستوري. إذن هي استحقاق دستوري، على البرلمان والحكومة ومؤسساتها الالتزام بتنفيذها، ومن دون تطبيق هذه المادة لا يمكن لنا الاطمئنان على التزام الآخرين بالدستور كاملا، والمصالحة الوطنية التي هي إحدى نقاط ورقة عملنا، لا يمكن تحقيقها من دون الاهتداء بالدستور والالتزام ببنوده كاملة، كما أن هذه المادة لا تتعلق بالكرد وحدهم، بل إن سياسات النظام السابق أضرت بالعرب والتركمان وبمعظم مكونات الشعب العراقي، وخلقت حالة من التوتر في المناطق التي تشملها المادة، ووضعت هذه المادة أساسا لحل النزاعات القائمة في تلك المناطق، وعليه فإن تنفيذ هذه المادة يشكل ضمانة للمصالحة الوطنية أيضا، ومن دون هذه المصالحة لا يمكننا التطلع إلى مستقبل أفضل لشعبنا الذي يواجه مخاطر جمة بسبب التحديات الأمنية والتهديدات الإرهابية، فمن دون توحيد صفوفنا في الداخل لا يمكننا مواجهة كل تلك التحديات, وأعتقد أن الكتل السياسية التي ترفض أو تطرح بدائل لهذه المادة إنما تسهم في إعادتنا إلى المربع الأول، وهذا أمر غير مقبول».

وقال العضو القيادي في الاتحاد الوطني عن التقارب الكردي من المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم: «لدينا علاقات تاريخية وقوية مع المجلس الأعلى، وتجمعنا معهم رؤية مشتركة حول مسائل كثيرة، وكذلك لدينا علاقة قوية مع حزب الدعوة الإسلامي (بزعامة المالكي)، ولكننا ننظر إلى الساحة العراقية بواقعية، ونرى أن هناك كتلا أخرى فائزة في الانتخابات لدينا مع معظمها علاقات، وإن بدرجات متفاوتة، والمجلس الأعلى هو جزء من التحالف العراقي الذي أنشئ مؤخرا، ومع ذلك فنحن لم نحدد بعد شكل تحالفاتنا المستقبلية، بانتظار ما ستسفر عنه المحادثات والسجالات الدائرة حاليا في بغداد، وبالتالي فإن أي تحالف مستقبلي ستحدده الرؤية المشتركة بيننا وبين الكتل التي تحاول التحالف معنا».

وحول زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى العراق ومساعيه لتقريب وجهات نظر الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة العراقية، قال المفتي إن «أميركا دخلت المعادلة لأسباب تتعلق بمصالحها، وفي مقدمتها خططها للانسحاب من العراق، وحاجتها إلى سحب القوات في مواعيدها المحددة، فهي لا تريد أن تؤثر أزمة الحكومة على خططها بالانسحاب، ولذلك فهي قلقة بهذا الشأن وتريد الإسراع بتشكيل الحكومة لكي تنجز انسحابها الموعود، ، وفي ما يتعلق بالتدخلات الخارجية، سوف لن أخالف الحقيقة بالقول إننا لسنا بحاجة إلى ذلك، فنحن بحاجة فعلا إلى تلك التدخلات سواء كانت من أميركا أو غيرها من الدول الإقليمية، ولكن بشرط أن تكون تدخلات إيجابية تسهم في تقريب وجهات نظر الأطراف العراقية وتحل مشكلة الحكومة، فالخلافات عميقة ومعقدة، وأؤكد أن القرار في المحصلة يجب أن يكون عراقيا، وفي الواقع إن إيران تدخلت من أجل تقريب وتوحيد الصف الشيعي، ولكن الشيعة لم يستطيعوا إلى الآن تجاوز خلافاتهم، وأميركا لديها وجهات نظر في الأزمة الراهنة ولكنها لا تريد التدخل بشكل مباشر وتحاول أن تدعم الحلول، وعليه فإن التدخلات الإيجابية في هذا الشأن مرحب بها، بشرط أن يبقى القرار الأخير قرارا عراقيا».