فياض: بحثت مع باراك رفع الحصار وفتح المعابر وتوسيع نفوذ السلطة والإفراج عن أسرى قدامى

السلطة نفت أن تكون للقاء علاقة بالمفاوضات.. وحماس والجهاد والشعبية اعتبروه أمنيا تآمريا

وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض خلال لقائهما في القدس المحتلة أمس وهو اللقاء المباشر الأول بينهما منذ فبراير (شباط) الماضي (إ ب أ)
TT

قال رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، إنه طالب إسرائيل خلال اجتماعه مع وزير دفاعها إيهود باراك في مدينة القدس أمس بضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة، وتشغيل المعابر هناك، ووقف الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة والقدس، وإلغاء قرار إبعاد النواب، وإطلاق سراح أسرى قدامى.

والتقى فياض بباراك في فندق «الملك داود» في القدس، في أرفع لقاء بين مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين منذ شهور. وأكد فياض في مؤتمر صحافي في رام الله أن لقاءه مع باراك تناول عددا من القضايا الحيوية والجوهرية التي تمس الحياة اليومية للفلسطينيين في غزة والضفة والقدس.

وقال فياض: «بحثنا عدة قضايا مهمة، أولها الإسراع في رفع الحصار عن قطاع غزة، وتنفيذ اتفاقية العبور والحركة لعام 2005، بما يشمل تشغيل الممر الآمن مع الضفة الغربية، وفتح كل المعابر بإشراف السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي. وثانيا، ضرورة الوقف الفوري لكل الانتهاكات الإسرائيلية ضد شعبنا في مدينة القدس، وفي مقدمتها الوقف التام والشامل للأنشطة الاستيطانية، ووقف سياسة هدم المنازل والتضييق على المواطنين، وإلغاء قرارات الإبعاد الصادرة بحق نواب من المجلس التشريعي، وثالثا ضرورة وقف الاجتياحات الإسرائيلية إلى مناطقنا، وتمكين السلطة الفلسطينية من الوجود الدائم، وفي كل الأماكن خارج المنطقة (أ). وقمنا بالتأكيد خلال الاجتماع على أن تمارس السلطة الفلسطينية أعمالها في كل المناطق».

وترى السلطة أن استمرار إسرائيل في اجتياح مناطقها يمس هيبتها ويضرب المنظومة الأمنية التي تبنيها، وقال الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطينية، اللواء عدنان الضميري، أمس، إن الاجتياحات الإسرائيلية للمدن والقرى الفلسطينية تعيق عمل قوى الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية. وأضاف: «إن العقبة الأساسية أمام تطور عمل قوات الأمن الفلسطيني هي الاحتلال الإسرائيلي، وعمليات الاجتياح المتكررة للمدن والقرى والمخيمات التي تمارسها قوات الاحتلال».

واعتبر فياض أن تنفيذ هذه المطالب يؤكد الجدية في «إنهاء الاحتلال والوصول إلى سلام عادل ودائم على أساس الالتزام الكامل بقرارات الشرعية الدولية، وليس الاستمرار في مناورات التوظيف الإعلامي لهذه العملية».

وقال فياض إنه تلقى وعودا من باراك بان تبحث إسرائيل «بجدية» مجموعة من القضايا العالقة بين الجانبين وتقدم ردودا «واضحة» بشأنها.

أما القضايا الأخرى التي بحثها فياض مع باراك فتركزت على قضايا المعتقلين والحواجز العسكرية والمشاريع الاقتصادية. وطالب فياض بإطلاق سراح 309 معتقلين في السجون الإسرائيلية، اعتقلوا قبل «اتفاقات» أوسلو عام 1993، ورفع نظام الإغلاق والحواجز بين مدن وبلدات الضفة الغربية، وإزالة كل القيود المفروضة على تنفيذ المشاريع التنموية في المنطقة المسماة «ج».

وقال فياض: «إن التزام إسرائيل بهذه القضايا الحيوية والجوهرية، وتنفيذها على أرض الواقع، سيضفي مصداقية على العملية السياسية والجهود الدولية المبذولة لضمان تقدمها وتحقيق الأهداف المطلوبة منها، وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال عن الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».

لكن فياض أكد على أن النجاح في تحقيق ذلك يتطلب تدخلا فاعلا وملموسا من المجتمع الدولي، وتحمله لمسؤولياته المباشرة لضمان إنهاء الاحتلال، وعدم ترك إسرائيل وهي القوة المحتلة لتقرر بشأن ذلك.

واتفق فياض مع باراك على استمرار الاتصالات المباشرة بين مكتبيهما بغية معالجة القضايا الملحّة. ورغم أن السلطة نفت عن اللقاء صفته التفاوضية، وأكدت أن لا علاقة له بخط المفاوضات، فإن فصائل فلسطينية هاجمته بقوة.

ووصفت حركة حماس اللقاء بأنه «أمني تآمري خطير». وقال الناطق باسم حماس، فوزي برهوم، في تصريح تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «إن اللقاء الذي سيجمع باراك بفياض هو لقاء أمني تآمري خطير، يأتي تلبية للأجندة الأميركية والأوامر الصهيونية، ورفع وتيرة التعاون الأمني مع العدو لتصفية المقاومة وحماية الاحتلال».

وأضاف أن «سلام فياض لا يمثل إلا نفسه، وسلطة فتح بالضفة الغربية لا تمثل الشعب الفلسطيني»، مؤكدا أن «أي نتائج لمفاوضاتهم مع العدو لن نعترف بها ولن تكون ملزمة لشعبنا».

واعتبر برهوم أن اللقاء «في هذه الفترة بالذات يعني إضفاء الشرعية على التهويد والاستيطان والاقتلاع وطرد المقدسيين والفلسطينيين من أرضهم». وتابع: «إنه (اللقاء) تحدٍّ خطير لمشاعر الشعب الفلسطيني والمتضامنين معه، وهو بمثابة عار على السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، وهو يكشف كذب ادعاءات (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس وحركة فتح بعدم الرغبة في الانتقال إلى المفاوضات المباشرة».

ومن جهتها قالت حركة الجهاد الإسلامي إن اللقاء «يندرج في سياق الأجندة التي ينفذها فياض بعيدا عن مصالح شعبنا وأولوياته». وأكد مصدر مسؤول في الجهاد الإسلامي في تصريح وزعه المكتب الإعلامي للحركة، أن «الحديث عن بحث موضوع الحصار على غزة هو تضليل محض، لأن من ارتكب جريمة القرصنة بحق المتضامنين على متن أسطول (الحرية) لا يمكن أن يرفع الحصار عن غزة».

وشدد المصدر المسؤول ذاته على أن هذا اللقاء هو تجميل «للقاتل باراك»، وغسل ليديه من جرائمه بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وبحق سفن التضامن الدولية.

واعتبرت الجهاد «أن ذهاب فياض إلى هذا اللقاء المباشر مع العدو يكشف مجددا عن خطورة دوره ودور حكومته الوظيفي، ويكشف أيضا عن حالة انفلات سياسي وتناقض مع مواقف منظمة التحرير الفلسطينية المعلنة».

أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير، فأكدت أنه «لا يوجد أي مسوغات» للقاء، مشددة على أنه «يخدم سياسة الاحتلال وممارساته الاستيطانية واعتداءاته المتكررة على شعبنا».

وقال بيان للجبهة: «لا توجد أي مسوغات لمثل هذا اللقاء، حيث يتم في ظل فشل المفاوضات غير المباشرة، التي يديرها مبعوث الرئيس الأميركي ميتشل، بعد أن حذرنا من ذلك مسبقا، بسبب استمرار الاستيطان وتصاعده في القدس وفي مختلف مناطق الضفة وبخاصة في الأغوار، وفي ظل استمرار الحصار على قطاع غزة الصامد».

وتساءلت الجبهة: «هل يأتي هذا اللقاء تمهيدا للعودة إلى المفاوضات المباشرة؟ وهل هو تقدمة لإنجاح لقاء نتنياهو - أوباما؟».