إسرائيل ترفض الإعتذار.. وأنقرة تهدد بقطع العلاقات

باراك: القضية أن هناك حسابات داخلية في تركيا تجعل الحكومة هناك بهذه المواقف

TT

رفض مسؤولون إسرائيليون الشروط التركية للمصالحة، كما صاغها وزير الخارجية أحمد أوغلو، وهي: الاعتذار أو القبول بلجنة تحقيق دولية. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، إن إسرائيل أقامت لجنة تحقيق داخلية برئاسة قاضٍ ورفعت مستواها من لجنة فحص بلا صلاحيات إلى لجنة تحقيق حكومية ذات صلاحيات حتى تعرف حقيقة ما جرى وتصحح الأخطاء إن وجدت. فإذا كانت تركيا معنية بالمصالحة، فنحن مستعدون ولكن بلا شروط مسبقة.

وكان أوغلو قد صرح لصحيفة «حرييت» التركية بأن أمام إسرائيل ثلاث إمكانيات لمعالجة الأزمة في العلاقات بين البلدين. فإما أن تعتذر عن الهجوم الدموي على سفينة مرمرة، أو أن توافق على لجنة تحقيق دولية أو أن تتحمل قطع العلاقات الدبلوماسية معها.

ورفض أوغلو اعتبار هذه الشروط تعجيزية، وقال: «نحن لا نطالب إسرائيل بالاعتذار فورا، إنما نريد أن ينتهي التحقيق الداخلي في إسرائيل حول هذا الموضوع، وبعدها فقط يعتذرون ونعيد العلاقات إلى سابق عهدها».

وزاد أوغلو قائلا إن حكومته غير معنية بتدهور العلاقات مع إسرائيل، وغير معنية بأن تصد جهود الدول الصديقة للطرفين، التي تريد لهذه العلاقات أن تستمر وتزدهر. ولكن لديها شروط تطلب احترامها.

وقال أوغلو إن تركيا ستقطع علاقاتها مع إسرائيل ما لم تتلق اعتذارا عن هجوم إسرائيلي على سفينة مساعدات تركية كانت متجهة إلى قطاع غزة، لكن إسرائيل قالت أمس إنها ليس لديها أي نية للاعتذار.

وهذه هي أول مرة منذ بدء الأزمة تهدد فيها تركيا صراحة بقطع العلاقات مع إسرائيل، وكانت تكتفي من قبل بالتصريح بأنها تعيد النظر في العلاقات.

كما أعلن أوغلو أن بلاده أغلقت مجالها الجوي أمام جميع الرحلات العسكرية الإسرائيلية.

وقال الوزير التركي بحسب ما نقلت عنه صحيفة «حرييت» الصادرة إن «هذا القرار لم يتخذ لرحلة واحدة أو رحلتين فقط»، مشيرا إلى أنه قد يصار إلى توسيع نطاقه بحيث يشمل الرحلات المدنية أيضا.

وكانت السلطات التركية قد أكدت الأسبوع الماضي أنها أغلقت مجالها الجوي أمام طائرتين عسكريتين إسرائيليتين، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن هذا الإغلاق لا يشمل جميع الرحلات العسكرية.

وجاءت التصريحات المتبادلة بخصوص العلاقات بعد أن أجرى الجانبان محادثات الأسبوع الماضي لتسوية الخلاف، لكن كلا منهما شدد موقفه في ما يبدو.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إن إسرائيل ليس لديها نية للاعتذار.

والتقى داود أوغلو زير التجارة والصناعة الإسرائيلي بنيامين بن أليعازر الأسبوع الماضي في بروكسل في مسعى لإصلاح العلاقات. وقالت تركيا آنذاك إنها أبلغت إسرائيل مطالبها.

لكن داود أوغلو قال في تصريحاته لصحيفة «حريات»: «وصلت الرسائل التي تم نقلها إلى بن أليعازر إلى الحكومة الإسرائيلية. لن ننتظر ردا إلى الأبد».

من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أمس أن وزارة الدفاع التركية أبلغت نظيرتها الإسرائيلية مطلع الأسبوع أنها قررت عدم المشاركة في مناورات بحرية كان مقررا لها الشهر المقبل.

وبدأت القوات البحرية في كل من إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة قبل عشرة أعوام تنفيذ هذه المناورات التي تحمل اسم «الحورية الواثقة» سنويا، بهدف التدريب على عمليات البحث والإنقاذ وتحقيق تقارب بين القوات البحرية للشركاء الدوليين الموجودين في البحر المتوسط.

وأوضحت الصحيفة أن هذه المناورات أجريت الصيف الماضي على الرغم من الخلاف الذي نشب بين تركيا وإسرائيل بسبب عملية «الرصاص المصبوب» على قطاع غزة.

وقال مسؤولون عسكريون للصحيفة إن البحرية الإسرائيلية والأميركية ستمضيان في إجراء المناورة.

من جانبه شكك أيهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي في نوايا الحكومة التركية، وقال في تصريحات له أمام لجنة الخارجية في البرلمان، إن المشكلة الحقيقية مع تركيا «ليست أسطول الحرية وما جرى معه ولا حتى الحرب على غزة قبل نحو السنتين. القضية أن هناك حسابات داخلية في تركيا تجعل الحكومة هناك بهذه المواقف، وهناك حسابات إقليمية أيضا. ومهما تفعل إسرائيل فإنها لن ترضي الحكومة التركية. وها هي تعد لإرسال سفن استفزازية أخرى إلى غزة، مع أنها تعلم علم اليقين أنه لم يعد هناك حصار على غزة، ولا يوجد أي نقص في المواد الحيوية لأهل غزة».

وأضاف باراك: «هناك شخص واحد في غزة يحتاج إلى مساعدتنا هو جلعاد شاليط (الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حماس)».

وكشف باراك أنه عندما زار الولايات المتحدة قبل أسبوعين، عرض عليه أن يلتقي أوغلو، فرفض. وقال: «كنت واثقا بأنه لن يكون لقاء متكافئا، وأن أوغلو سيستغله ليس للتفاهم وليس لسماع رأي إسرائيل، بل لكي يسمعنا شرحا للمواقف التركية. فقلت إنني في غنى عن ذلك، لأن الأتراك لن يفهموا موقفنا وسيحسبوننا نتصرف من منطلق الضعف».

وأوضح باراك الخلاف مع وزير التجارة والصناعة، بنيامين بن أليعازر، حول لقائه أوغلو في سويسرا، قبل ثلاثة أيام، والذي أثار خلافا مع وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، الذي علم بأمر اللقاء فقط من الإعلام فاضطر نتنياهو إلى الاعتذار له، والتعهد بأن أمرا كهذا لن يتكرر. فقال وزير الدفاع الإسرائيلي إنه عندما سمع من رئيس الحكومة عن الاقتراح لإجراء لقاء بن أليعازر وأوغلو، قال إنه لا يرى حاجة للقاء كهذا، وأنه يفضل أن لا يتم. وبعد يومين التقى بن أليعازر فأبلغه أنه اتفق مع نتنياهو على السفر، فأجاب بأنه يتمنى له النجاح. وبهذا، أوضح باراك أنه لم يتخذ موقفا مزدوجا أو متناقضا، بل إنه متحفظ من جهة، ولكنه لم يرد أن يخرب اللقاء.

وكانت مصادر إسرائيلية أمنية قد قدرت بأن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، سيعمل كل ما في وسعه لمواصلة التوتر مع إسرائيل خلال الشهور القادمة، لأنه يخوض انتخابات عامة جديدة في السنة القادمة، ويحتاج إلى تكتل القوى الإسلامية الراديكالية معه. فهو «يريد أن يظهر كقائد دولة عظمى، تقود العالمين العربي والإسلامي وتعيد الحياة إلى الإمبراطورية العثمانية».