«حفلات الشاي» للاحتفال بيوم الاستقلال تتحول لتعليم الأميركيين الدستور

جهد متزايد بين المحافظين لتعليم أنصارهم كيفية خوض المعارك السياسية

TT

حاول ناشطو «حفلات الشاي» في جميع أرجاء الولايات المتحدة تحويل التركيز على الاستقلال في عيد الاستقلال الذي يوفق الرابع من يوليو (تموز) من كل عام، وذلك من خلال مهرجانات وتجمعات أخرى ركزت على الدستور وكيفية استخدامه لتحقيق مكاسب سياسية.

يعكس هذا الاتجاه المصحوب بزيادة في عدد الفصول التعليمية ونوادي الكتب التي تنظم في الولايات المختلفة، جهدا متزايدا بين المحافظين لتعليم أنصارهم كيفية خوض المعارك السياسية باستخدام سلاحا منيع: وثائق تأسيس البلاد (أو الدستور). ويعتبر هذا تغييرا في التركيز بالنسبة لحركة برزت على الساحة من خلال الاحتجاجات الحماسية والجامحة في بعض الأحيان في جميع أنحاء البلاد.

لكن تعليم الدستور يعتبر سلاحا يأمل المنظمون في أن يسفر عن نتائج سياسية حقيقية عن طريق تسليح أنصارهم بمعلومات تفصيلية لدعم المرشحين الموالين لأفكارهم فقط.

من جانبها قالت كيري سكوت، منظمة حفل شاي بالإسكندرية، وواحدة من عدة مئات من الناشطين المحافظين الذين حضروا مهرجان «حدث أميركي»، ومهرجان الرابع من يوليو «الله والوطن»، الذي نظمه أحد المزارعين المحليين على الأراضي الزراعية في سفح جبال بلو ريدج في ولاية فرجينيا في نهاية هذا الأسبوع: «كانت المسيرات مجرد بداية، لكن هدفنا الآن هو دفع الأميركيين إلى التوقف والتفكير في كل شيء».

ووسط ممثلين يعيدون تمثيل مشاهد من الحرب الأهلية، ومن يقرأون إعلان الاستقلال، وأكشاك تبيع الأعمال الفنية المرتبطة بالأميركيين الأصليين، وقفت سكوت توزع على الحضور عددا من الأوراق البيضاء، كل منها مطبوع عليها اقتباسات من عدد من الشخصيات البارزة في التاريخ الأميركي أمثال توماس جيفرسون، وجيمس مديسون، وجورج واشنطن. وأوضحت سكوت هدفها قائلة: «بالمعرفة تأتي القوة. وفهم الدستور سيقودنا إلى انتخاب أناس سيلتزمون به».

وجهة النظر القائلة إن الدستور لا يسمح بهذه الأفعال التي تقوم بها الحكومة الفيدرالية مثل تمرير قانون إصلاح الرعاية الصحية، وقوانين حماية البيئة، التي تعتبر أمورا مثيرة للجدل، مما تراه «حفلات الشاي» اعتداء على حقوق الولايات، يراها اليسار تفسيرا مقبولا في التفويض المذكور في المادة «1» من الدستور والبند الثامن، الخاصة بتحقيق «الصالح العام».

وعلى الرغم من ذلك فإن هناك دلائل وفيرة على أن هذا التأكيد المتجدد يتخذ نهجا سياسيا أشمل، كما هو الحال في جلسات استماع مجلس الشيوخ التي عقدت مؤخرا لإقرار تعيين النائبة العامة إيلين كاغن بالمحكمة العليا، ووجهت إليها مجموعة كبيرة من الأسئلة حول تفسيرها لقانون التجارة، التي بدت جميعها مقتبسة بشكل مباشر من النقاط التي تتحدث عنها حركة حفلات الشاي.

وتركز سكوت وغيرها من ناشطي «حفلات الشاي» بشكل أساسي على التعديل رقم عشرة في الدستور، الذي يمنح الولايات كل السلطات، التي لا يشترط بالضرورة أن تكون قد منحت أيضا للحكومة الفيدرالية. كما يركز ناشطو «حفل الشاي» أيضا، مثلهم في ذلك مثل اليسار، على المادة رقم «1»، البند رقم «8»، من الدستور، التي تعدد سلطات الكونغرس المحدودة، والتي تتضمن فرض الضرائب وتنظيم التجارة. في هذه الفقرات من الدستور يجد المحافظون الدليل على أن الكونغرس قد تجاوز بشكل كبير سلطاته بإقراره لقانون إصلاح الرعاية الصحية، والقوانين الخاصة بالبيئة، وتعامله مع عدد من القضايا الأخرى.

ويشير بعض الناشطين المحافظين أيضا إلى التعديل رقم 17 في الدستور، لكن في هذا الحالة يعارضونه. ورسخ هذا التعديل انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بدلا من تعيينهم من خلال المجالس التشريعية الخاصة بكل ولاية. ووجهة النظر في هذه الحالة هي أن التعديل ألغى سيطرة الولايات على مجلس الشيوخ واسع النفوذ.

وفي هذا السياق يقول ريك بوتشنان، أحد منظمي «حفلات الشاي» في مقاطعة فاوكواير، الذي بدأ في الفترة الأخيرة محاضرات لمدة 12 أسبوعا حول الدستور، وأعلن عنها في مهرجان يسمى «حدث أميركي»: «الآباء المؤسسون كانوا خائفين للغاية من الحكومة المركزية».

وقد تم تنظيم حفلات مماثلة في أماكن أخرى في جميع أرجاء البلاد لتركيز الانتباه في هذه العطلة على المبادئ المؤسسة لحركة حفلات الشاي. وبشكل نموذجي بالنسبة لهذه الحركة، لا يوجد جهد تنظيمي مركزي، ولكن كان هناك عدد من المهرجانات المحلية التي نظمها بعض الأفراد والجماعات المتفرقة.

وقد ذهبوا بعيدا عن إعادة تمثيل خطاب باترك هنري «أعطني حريتي» والقراءة العامة لإعلان الاستقلال، فقد قامت مجموعات بتوزيع كتيبات بها نص الدستور وأعلنوا عن المحاضرات التي ينظمونها، والتي ستستمر لمدة 12 أسبوعا لتدريس الدستور. كما كانوا يروجون لنوادي كتب أسبوعية حيث يمكن قراءة عناوين مثل «الرأسمالية والحرية»، وهو دليل الاقتصادي ميلتون فريدمان عن الأسواق الحرة، وكتاب «طفرة الخمسة آلاف عام» الذي كتبه الكاتب الأميركي المناهض للشيوعية دبليو كليون سكوسين، والذي يؤكد فيه على أن الولايات المتحدة دولة مسيحية اهتدى مؤسسوها بالكتاب المقدس.

وقال كين فوين، أحد منظمي «حفلات الشاي»، الذي نظم مؤخرا دورة تعليمية عن الأزمة الاقتصادية العالمية للأعضاء المهتمين: «الكثير من الناس قد درسوا بالفعل هذه الأمور، وهم الآن يرغبون في المزيد. نحن نريد التغيير، ولكننا لا نريد تغييرا أجوف. نريد حكومة تكون خاضعة للمساءلة بصورة أكبر أمام الشعب».

بدأت جماعات مثل الجماعات التابعة لمشروع 9 - 12 في عام 2009 بواسطة مقدم برنامج حواري يسمى غلين بيك وجماعة «الحملة من أجل الحرية»، التي بدأها المرشح السابق للرئاسة رون بول، ركزت جميعا على تدريس الدستور لما يزيد عن سنة حتى الآن. لكن هذه النشاطات امتدت إلى جماعات حفلات الشاي وآخرين يطلقون على أنفسهم «محافظون». ويقول بروك برايس، مزارع مقاطعة فاوكواير بولاية فرجينيا الشمالية، الذي نظم مهرجان «حدث أميركي» يوم السبت: «لقد قرأت الدستور 20 مرة خلال الشهرين الماضيين. الناس يتجاهلونه. والسياسيون لم يعودوا يدركون ما هو الصواب وما هو الخطأ».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»