قصر الجزيرة في قلب القاهرة يستعيد مجده التاريخي بـ100 مليون دولار

شيده الخديوي إسماعيل من أجل عيون الإمبراطورة أوجيني في حفل افتتاح قناة السويس

واجهة قصر الجزيرة «فندق ماريوت القاهرة» حاليا («الشرق الأوسط»)
TT

حافظ قصر الجزيرة، وسط العاصمة المصرية، وعلى مدى سنوات - رغم تغير الجهات المالكة للقصر - على مكانته كتحفة أثرية وثقافية وسياحية لافتة في جزيرة الزمالك، التي تتوسط نهر النيل الخالد، وعلى بعد 45 كيلومترا من مطار القاهرة، ليتحول القصر الشهير، الذي ارتبط بناؤه بأحداث مهمة في مصر، إلى واحد من أشهر الفنادق في العالم، وهو فندق ماريوت القاهرة.

وسيتحول قلب وروح الفندق عقب عملية التطوير والترميم الشاملة التي يخضع لها حاليا، وتستمر سنتين، إلى معلم سياحي وتاريخي، معيدا البريق التاريخي والهندسي إلى المبنى، وإبراز تقاليده العريقة، حيث يتكون الفندق من برجين حديثين وسط حدائق غناء وقصر ملكي، وبمزيج سحري من الأناقة التقليدية والمرافق العصرية.

وأتيحت لـ«الشرق الأوسط» فرصة زيارة واستكشاف القصر، بكامل خدماته وتفاصيله التاريخية وحدائقه المفتوحة وهندسته المعمارية، التي تنتقل بنزلاء الفندق الشهير وضيوفه إلى زمان ومكان مختلفين، وتلبي احتياجاتهم الحالية.

وشيد قصر الجزيرة بمناسبة افتتاح قناة السويس عام 1869م، ليكون مقر الإقامة الفاخرة للضيوف البارزين من ملوك وأمراء أوروبا، الذين وجه لهم الخديوي إسماعيل الدعوة لزيارة مصر وحضور هذه المناسبة التاريخية المهمة، بهدف إبهار الملوك والأمراء، وعرض جمال ومعالم تلك الدولة الغنية بالثروات، وإقناعهم بالتعاون الاقتصادي والتجاري في المستقبل، من أجل تنفيذ خطته الطموحة لنهضة بلاده.

وكان من أشهر الحضور الإمبراطورة أوجيني، زوجة نابليون الثالث، إمبراطور فرنسا آنذاك، حيث حرص الخديوي إسماعيل على بناء قصر الجزيرة خصيصا لاستضافتها، كما قام بتمهيد الطريق المؤدي إلى الأهرامات، وشيد عدة جسور، من ضمنها جسر قصر النيل، وجسر أبو العلا، لتمكين الوفود المشاركة في احتفال افتتاح قناة السويس من التحرك إلى الأهرامات من قصر الجزيرة، ويعد القصر البناء الوحيد المشيد في جزيرة الزمالك في ذلك الوقت، وكانت حديقة القصر تضم أندر النباتات والأشجار، إضافة إلى ذلك، فقد احتوت على حديقة حيوانات متميزة لتسلية الضيوف والمدعوين، التي بدورها أصبحت النواة الأولى لحديقة الحيوان بالجيزة.

تسنى لـ«الشرق الأوسط» حضور حفل موسيقي، أعاد للأذهان الأجواء ذاتها التي كانت سائدة في عهد الخديوي إسماعيل، عندما عهد إلى الموسيقار العالمي فيردي بتأليف موسيقى، بمناسبة الاحتفال بافتتاح قناة السويس، حيث أنجز فيردي تأليف موسيقى «أوبرا عايدة» خصيصا لهذه المناسبة، وقد عزفت الموسيقى لأول مرة في حديقة قصر الجزيرة.

ويخضع القصر حاليا، مع برجي الفندق، إلى عملية تطوير شاملة؛ قدَّر عمر طنطاوي، المدير المقيم لفندق ماريوت الزمالك، تكلفتها بحوالي 100 مليون دولار، وتزامن ذلك مع إجراءات عملية لتطوير الموارد البشرية، ورفع أسلوب الأداء بما يتناسب مع مكانة الفندق التاريخية، الذي يعد متحفا مفتوحا، مشددا على أن إعادة إحياء هذه التحفة الثقافية الأثرية، ستعزز التجربة الملموسة والمعنوية لما كان عليه الفندق في السابق، من خلال المحافظة على الطابع التاريخي للفندق الذي يحتضن القصر، مفيدا بأن الاستثمار الجديد كبير جدا، إلا أن عائداته المادية والمعنوية ستكون أكبر بكثير.

ويضم القصر، الذي شهد ويشهد احتفالات اجتماعية مذهلة، لوحات وتماثيل باهظة الثمن، أنجزها أشهر النحاتين والرسامين الأوروبيين، واستوحى القصر رسومه من الطراز الشرقي ومن الفن الإسلامي، وتتناغم التصاميم الداخلية بين أقمشة وأثاث ومشغولات من مدارس فرنسية وألمانية وإيطالية.

ومن أبرز موجودات القصر، التي أعيد ترميم بعضها، نافورة من المعدن المشغول، وسلم من الرخام، وست ساعات جدارية قديمة، ولوحات متنوعة، منها رسم للإمبراطورة أوجيني، وطاولة من الرخام تعود لعهد الملك لويس الرابع عشر.

ويعد فندق ماريوت القاهرة، الذي افتتح عام 1982م، ويتكون من برجين حديثي العهد، يتوسطان قصر الجزيرة، أكبر فندق في الشرق الأوسط، حيث يضم 1250 غرفة، وسبعة أجنحة رئاسية، تتوزع على 20 طابقا في كل برج، و3 طوابق في جناح الحدائق، كما يحتوي الفندق على 21 قاعة للاجتماعات والحفلات، في حين تقدم 15 مطعما أطباقا من أرقى الأطعمة العالمية، بالإضافة إلى أطباق المطبخ المصري التقليدية، مثل الفلافل والفول والكباب والكفتة، مع الخبز البلدي الذي يقدم طازجا من إعداد سيدات مصريات، في الهواء الطلق داخل حديقة القصر.