كلوزه على موعد لدخول التاريخ.. وإنييستا بطل بلا أضواء

الألمان لقلب التوقعات والإسبان لتأكيد الترشيحات

TT

لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن يصبح مهاجم المنتخب الألماني ميروسلاف كلوزه على عتبة دخول تاريخ نهائيات كأس العالم لكرة بعد أن أمضى الغالبية العظمى من الموسم المنصرم على مقاعد الاحتياط في فريقه بايرن ميونيخ الألماني. راهن مدرب المنتخب الألماني يواكيم لوف كثيرا على التشكيلة التي اختارها لخوض مونديال جنوب أفريقيا 2010 ولم يتوقع الكثيرون أن ينجح الألمان في الوصول إلى أبعد من الدور الثاني فلاعبوه الشبان يفتقدون إلى الخبرة المطلوبة في المحافل العالمية، في حين أن العدد القليل من المخضرمين في التشكيلة لا يرتقي إلى مستوى الحدث والتوقعات ومن بينهم.. كلوزه.

استغرب المتتبعون والمحللون حتى قرار لوف في الاستعانة بـ«المنهك» كلوزه خصوصا أنه كان من المكملين للاعبين الذين جلسوا على مقاعد احتياط بايرن ميونيخ بعدما فضل عليه مدربه الهولندي في النادي البافاري لويس فان غال عدة لاعبين.

راهن لوف على شبابه ونجح في ذلك، راهن على عنصر الخبرة المتمثلة بشكل خاص بكلوزه البالغ من العمر 32 عاما ونجح في رهانه انطلاقا من المباراة الأولى أمام استراليا عندما استعرض «المانشافت» (المنتخب الألماني) ودك شباك استراليا برباعية، بينها هدف لكلوزه.

لكن عاد الشك ليشق صدوره إلى عشاق ومتتبعي المنتخب الألماني عندما أعاده نظيره الصربي إلى ارض الواقع في المباراة الثانية بالفوز عليه 1 - صفر في مباراة طرد خلالها كلوزه في الدقيقة 37، مما حرمه من المشاركة أمام غانا في المباراة الحاسمة والمصيرية، لكن كرة صاروخية من الشاب مسعود اوزيل حملت «دي مانشافت» إلى الدور الثاني للمرة السادسة عشرة من أصل 17 مشاركة، وأعطت كلوزه فرصة التعويض بعد أن كان سببا أساسيا في خسارة منتخب بلاده أمام الصرب.

حصل كلوزه على فرصته للتعويض لكنه لم يكن يفكر على الإطلاق في أنه سيكون على عتبة دخول التاريخ وأن يصبح على بعد هدف واحد من مشاركة البرازيلي رونالدو في صدارة أفضل هدافي نهائيات العرس الكروي العالمي بعد أن ساهم في قيادة بلاده لفوز كاسح على المنتخب الإنجليزي في الدوري الثاني (4 - 1) بتسجيله هدفا، ثم أضاف ثنائية في الفوز المدوي الآخر على الأرجنتين (4 - صفر) في ربع النهائي.

ستكون الأنظار موجهة إلى كلوزه الذي سيكون على موعد مع التاريخ في حال وجد طريقه إلى شباك الحارس الإسباني ايكر كاسياس اليوم على ملعب «موزيس مابهيدا» في دوربان لأنه سيصبح أفضل هداف في تاريخ النهائيات مشاركة مع رونالدو أو قد ينجح في الانفراد بهذا الإنجاز إذا سجل أكثر من هدف.

رد مهاجم بايرن ميونيخ على مدربه فان غال بأفضل طريقة وعادل أمام الأرجنتين رقم مواطنه غيرد مولر في عدد الأهداف المسجلة في النهائيات بعدما رفع رصيده في النسخة الحالية إلى أربعة أهداف أضافها إلى أهدافه الخمسة في مونديال كوريا الجنوبية واليابان عام 2002 ومثلها في مونديال ألمانيا عندما توج هدافا له.

تلمس كلوزه خطواته الأولى في بلاوداخ/ديديلكوبف في دوري الهواة قبل أن تكتشف موهبته الأندية في درجات أعلى. منذ تلك الفترة، شهدت مسيرته صعودا تدريجيا حتى بلغ القمة التي جعلته على مستوى الهداف الأسطوري غيرد مولر. يتميز هذا اللاعب بإجادته الكرات الرأسية، وعندما يكون في كامل لياقته البدنية يستطيع أن يخدع خط دفاع المنتخب المنافس بأكمله، كما أنه يملك حاسة تهديف عالية.

ولد كلوزه في اوبول في بولندا، وقد انتقل إلى ألمانيا عندما كان في الثامنة من عمره. بدأ كلوزه مسيرته الاحترافية بعمر العشرين عاما في الدرجة الثالثة مع الفريق الرديف لاف سي 08 هومبورغ، وبعد 12 شهرا، انضم إلى صفوف الفريق الاحتياطيين في كايزرسلاوترن. لم ينتظر طويلا قبل أن تتم ترقيته إلى صفوف الفريق المحترف.

لفت هذا المهاجم الفعال والطموح الأنظار خلال موسم 2001 - 2002، قبل أن ينتقل الى صفوف فيردر بريمن عام 2004 حيث ضرب بقوة في موسمه الثاني مع الفريق الأخضر عندما سجل 25 هدفا في 26 مباراة في الدوري المحلي، ليتوج هدافا للـ«بوندسليغه» – الدوري الألماني عام 2006 وأفضل لاعب للموسم، لكن الغرور لم يشق طريقه إليه لأنه بقي شخصا بعيدا عن الأضواء ونجح في الحفاظ على تواضعه على الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققها، مما زاد من رصيده الشعبي لدى أنصار المنتخب الألماني. انتقل إلى صفوف بايرن ميونيخ صيف عام 2007 حيث شكل ثنائيا خطيرا في خط المقدمة إلى جانب الإيطالي العملاق لوكا توني ونجح في موسمه الأول بالحصول على لقب الدوري والكأس المحليين، مسجلا 21 هدفا في جميع المسابقات، ثم حافظ على وتيرته التهديفية في الموسم التالي مسجلا 20 هدفا لفريقه الذي خرج خالي الوفاض مما دفعه للتعاقد قبل الانتقال الموسم المنصرم مع المدرب الهولندي لويس فان غال الذي أطاح بتوني من الفريق وأبقى كلوزه على مقاعد الاحتياط في الغالبية العظمى من المباريات، ليكتفي الأخير بتسجيل ثلاثة أهداف فقط في الدوري و6 في جميع المسابقات.

بدأ كلوزه مسيرته في صفوف المنتخب الألماني في مارس (آذار) 2001 خلال مباراة ضد ألبانيا في تصفيات كأس العالم في ليفركوزن، حيث تألق من خلال تسجيله هدف الفوز قبل نهاية المباراة بدقيقتين، أي بعد ربع ساعة من نزوله إلى أرض الملعب، ثم فرض نفسه من العناصر الأساسية في التشكيلة حتى وصل إلى مباراته الدولية المائة، وهو الرقم الذي لم يصل إليه سوى خمسة لاعبين في تاريخ المنتخب الألماني وهم لوثار ماتيوس (150) ويورغن كلينسمان (108) ويورغن كولر (105) وفرانس بكنباور (103) وتوماس هاسلر (101)، وهو يأمل أن ينجح مثل هؤلاء في رفع الكأس الغالية بعد ثلاثة أيام من الآن.

قد لا يكون كلوزه بحجم نجومية ليونيل ميسي، كريستيانو رونالدو، واين روني أو فرانك ريبيري، لكن أين هم هؤلاء النجوم الذين ودعوا النهائيات وهم يجرون أذيال الخيبة، في حين أن «ميرو» أصبح على موعد مع التاريخ متفوقا من حيث عدد الأهداف المسجلة في النهائيات على عمالقة مثل البرازيلي بيليه (12 هدفا) والفرنسي جوست فونتين (13 هدفا).

على الجانب الآخر، ورغم وصول المنتخب الإسباني لكرة القدم إلى الدور قبل النهائي في بطولة كأس العالم 2010، لم تظهر حتى الآن جميع نقاط القوة في هذا الفريق الذي أحرز قبل عامين لقب كأس الأمم الأوروبية الماضية (يورو 2008). وما زال أنصار المنتخب الإسباني وعشاق كرة القدم في كل أنحاء العالم ينتظرون المزيد من هذا الفريق الذي يتمتع بإمكانيات لم تكشف عنها البطولة حتى الآن.

ولكن مباراة الفريق أمام منتخب باراغواي يوم السبت الماضي في دور الثمانية أكدت أن بعض الأوراق الرابحة لهذا الفريق بدأت في الظهور. وبينما انتظر كثيرون أن يلجأ منتخبا إسبانيا وباراغواي إلى وقت إضافي خلال المباراة التي جرت على استاد «إليس بارك» في جوهانسبورغ، قدم أندريس إنييستا واحدا من اختراقاته الرائعة وشق طريقه في وسط دفاع باراغواي ومرر الكرة إلى بدرو الذي سدد الكرة ولكنها ارتدت من القائم لتتهيأ أمام ديفيد فيا ليسجل منها هدف الفوز 1/صفر.

والهدف هو الخامس لفيا في البطولة الحالية لينفرد بصدارة قائمة الهدافين في مونديال 2010 حتى الآن ويصبح منافسا قويا على لقب الهداف وجائزة الحذاء الذهبي.ولكن المدرب فيسنتي دل بوسكي المدير الفني للمنتخب الإسباني سيكون سعيدا بشكل أكبر بتحسن مستوى إنييستا الذي بدا أنه تخلص أخيرا من آثار الإصابة في الفخذ والتي تعرض لها قبل البطولة بفترة وتعافى منها قبل انطلاق فعاليات البطولة.

وقال إنييستا «أشعر بأنني على خير ما يرام بالفعل.. أخوض التسعين دقيقة في كل مباراة وأشعر أنني بحالة جيدة للغاية. تأهلنا للمربع الذهبي ويجب أن نشعر بالفخر لذلك».

وشق المنتخب الإسباني طريقه إلى الدور قبل النهائي ولكنه لم يقدم حتى الآن المستوى الذي فاز من خلاله بلقب أوروبا قبل عامين بعد التغلب على نظيره الألماني 1/صفر في المباراة النهائية بالعاصمة النمساوية فيينا.

وقبل عامين، تخلص المنتخب الإسباني من شهرته كأحد الفرق التي تفشل في تحقيق الإنجازات حيث تغلب الفريق على نظيره الألماني وتوج باللقب الأوروبي ليكون الأول له في البطولات الكبيرة منذ عام 1964. وتأهل المنتخب الإسباني للمربع الذهبي في بطولة كأس العالم الحالية لتكون هذه هي المرة الأولى التي يصل فيها لهذه المرحلة على مدار مشاركاته في كؤوس العالم حيث حصل الفريق على المركز الرابع في مونديال 1950 بالبرازيل عندما أقيمت فعاليات الدور النهائي بنظام المجموعة.

ولا يفصل المنتخب الإسباني عن المباراة النهائية للمونديال الحالي سوى مواجهته اليوم مع نظيره الألماني بالذات في الدور قبل النهائي للبطولة حيث يصعد الفائز منهما للمباراة النهائية التي تقام يوم الأحد المقبل باستاد «سوكر سيتي» في جوهانسبورغ.

وقال إنييستا «إنه لشيء رائع بالفعل أن تكون ضمن أفضل أربعة فرق في العالم.. ونركز الآن على المباراة مع ألمانيا. تابعنا هذا الفريق حيث قدم بطولة كأس عالم رائعة. إنهم يتمتعون بأفضل مستوياتهم وستكون المباراة رائعة».

ويبقى شيء واحد فقط ستوضحه مباراة اليوم وهو مدى استعداد لاعبي المنتخب الألماني نفسيا وما إذا كان الفريق متأثرا حتى الآن بالهزيمة التي مني بها أمام نظيره الإسباني في النهائي الأوروبي قبل عامين. ويرى إنييستا نجم برشلونة الإسباني أن مباراة النهائي الأوروبي لن تؤثر على ذهن لاعبي المنتخب الألماني خلال مباراة اليوم في دوربان. ولكنه يتوقع في نفس الوقت أن تأتي مباراة الغد مفتوحة بشكل أكبر عما كانت عليه مباراة الفريق العصيبة أمام باراغواي.

وقال إنييستا البالغ من العمر 26 عاما إن المنتخب الألماني قدم بطولة رائعة حتى الآن من حيث مستوى الأداء والنتائج ما يبدو لدى الفريق حافز جيد على تحقيق الانتصارات.

وأضاف إنييستا «ولكننا أيضا في قمة مستوانا. ستكون مواجهة جميلة. ستكون مباراة بين فريقين يستمتعان بلعب الكرة وأعتقد أنها ستكون مباراة رائعة». وسجل إنييستا هدفا وحيدا في البطولة الحالية وهو الهدف الثاني في المباراة التي فاز فيها الفريق 2/1 على نظيره التشيلي ولكنه لا يبالي بمن ينال الإشادة. وقال إنييستا «قوة هذا الفريق تكمن في أننا نكافح جميعا سويا ونعلم جميعا ما نحتاجه لتحقيق النجاح».