مسعود وخضيرة ومارين.. جيل من جذور أجنبية يقود ألمانيا إلى قمة الكرة العالمية

بعد مرور أكثر من 70 عاما على نظريات هتلر الخاصة بالشعب الآري

TT

قبل أسابيع قليلة، لم يكن الكثيرون خارج ألمانيا قد سمعوا عن لاعبين بأسماء مسعود أوزال وسامي خضيرة وماركو مارين، بغض النظر عن كيفية نطق هذا الأسماء. ولكن بعدما أشعلت ألمانيا بطولة كأس العالم الحالية بجنوب أفريقيا بانتصارات ساحقة أمام أستراليا وإنجلترا والأرجنتين صار هؤلاء اللاعبون ينظر إليهم على أنهم من ألمع نجوم كرة القدم العالمية في الوقت الراهن، وأنهم جيل ذهبي جديد قادر على قيادة ألمانيا إلى قمة الكرة العالمية.

ولكن هذا المنتخب لا يمثل ألمانيا القديمة، فبعد مرور أكثر من 70 عاما على نظريات هتلر البغيضة حول تفوق الجنس الآري، لم يعد المنتخب الألماني قائما على النخبة الألمانية، وإنما على احتضان البلاد للتنوع العرقي. حيث يستطيع 11 لاعبا من صفوف المنتخب الألماني الحالي أن يلعبوا في دول أخرى من غانا إلى البرازيل ومن نيجيريا إلى تونس مما يجعل المنتخب الحالي أكثر منتخب عالمي ينافس في تاريخ بطولات كأس العالم.

فمسعود أوزال (21 عاما)، على سبيل المثال، من أصل تركي، بينما ولد مارين في البوسنة قبل قدومه إلى ألمانيا، وهو بعد في الثانية من عمره. ووالد سامي خضيرة مهاجر من تونس، بينما جاء والد جيروم بواتينغ من غانا وأخوه كيفين - برنس بواتينغ يلعب بالفعل للمنتخب الغاني. وينحدر كل من ميروسلاف كلوزه ولوكاس بودولسكي من أصول بولندية بينما ولد المهاجم كاكاو في البرازيل.

وأثار ضم كل هؤلاء اللاعبين من أصول أجنبية إلى صفوف المنتخب الألماني غضب النازيين الجدد في البلاد الذين أعلنوا في أماكن متفرقة على الإنترنت أنهم لن يشجعوا المنتخب الألماني بعد الآن.

ونقلت مجلة «شبيغل» الألمانية عن أحد هؤلاء النازيين الجدد القول: يستطيع أوزال وخضيرة وكاكاو وبودولسكي أن يقفزوا في أي بحيرة لأننا لا نحتاجهم، فباقي اللاعبين على مستوى جيد، بالقدر الكافي، بينما قال آخر: هذا الفريق متعدد الثقافات التي يطلق عليها اسم المنتخب الوطني، لم يعد يهمني.

ولكن مع نجاح هذه المجموعة من اللاعبين في قيادة ألمانيا إلى إنجازات تاريخية، أشاد آخرون بتنوع أصولهم، فيما اعتبروه نموذجا مثاليا لألمانيا الجديدة.

وصرح وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير لمحطة «دويتشلاندفوند» الإذاعية بالقول: «إنه تطور مذهل». وأضاف: «لقد بذلوا مجهودا كبيرا وقدموا عروضا رائعة. أرادوا أن يكونوا مواطنين ألمان ونجحوا في ذلك دون أن يديروا ظهورهم لأوطانهم الأصلية.. لقد تقبلنا هذا الأمر وأصبحنا نحبهم كما نحب جميع اللاعبين الآخرين». وأكد ميزير أن المنتخب الألماني الحالي «مثال ناجح للتكامل.. ونموذج لبلادنا».

ولم يختلف رأي أسطورة الكرة الألمانية فرانز بكنباور على الإطلاق حيث قال: «هؤلاء اللاعبون لم يولدوا في ألمانيا ولكنهم بالتأكيد حصلوا على الجنسية الألمانية وربما يكون هذا التنوع سببا آخر في تألق الفريق في كأس العالم».

ولا يوجد من يعكس هذا الوضع، أفضل من أوزال، لاعب خط الوسط المهاري الذي يلعب لنادي فيردر بريمن، والذي يتردد أن تشيلسي الإنجليزي يسعى لضمه. وبينما كان اللاعبون الآخرون يرددون السلام الوطني لألمانيا قبل مباراة صربيا، كان أوزال يردد آيات من القرآن الكريم. وقال أوزال بعدها: إن القرآن يمدني بالقوة.. إن لم أردد بعض الآيات قبل أي مباراة يراودني شعور سيئ. ويعتبر أوزال إلى حد كبير الآن اللاعب رقم 10 الموهوب الذي افتقدته ألمانيا لسنوات طويلة، صانع الألعاب القادر على خلق فرص التهديف من لاشيء حيث يصفه يواخيم لوف مدرب ألمانيا بقوله: أوزال هدية للكرة الألمانية.

ويشرح أوزال أسباب تعدد المهارات والإمكانات لديه بقوله: إن فني وإحساسي بالكرة هما الجزء التركي من أدائي.. أما الانضباط والالتزام وبذل قصارى جهدي، فهم الجزء الألماني.