الهولندي شنايدر الأوفر حظا للحصول على جائزة 2010

بعد ثلاثية الإنتر وتألقه مع الطواحين.. وإثر دمج الكرة الذهبية وأفضل لاعب للفيفا في جائزة واحدة

TT

بعدما قام سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم بدمج جائزتي الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة «فرانس فوتبول» المختصة بشؤون كرة القدم، وأفضل لاعب التي يمنحها الفيفا كل عام، في جائزة واحدة باسم «الكرة الذهبية للفيفا»، وبعد سنوات من اللبس بين الجائزتين اللتين فاز بهما لاعب واحد في كل عام من النسخ الخمس الأخيرة، بات ويسلي شنايدر نجم وسط المنتخب الهولندي، الذي قاده للوصول إلى المربع الذهبي لمونديال جنوب أفريقيا، كما كان دوره بارزا في الثلاثية التي أحرزها إنترميلان الإيطالي هذا الموسم (الدوري - الكأس - دوري الأبطال)، وما زال كل شيء وارد الحدوث، فهناك المونديال الحالي، وكأس السوبر الأوروبية (إنتر - أتليتكو مدريد) وكأس العالم للأندية.

يتقدم شنايدر على الجميع لأنه فاز بكل شيء لعب عليه، من دوري ودوري أبطال وكأس إيطاليا، وقدم أداء عظيما، فهو لاعب كرة قدم شامل من بلد ابتدعت الكرة الشاملة، وبإمكانه الفوز بالكؤوس الثلاث المتبقية. كان ظاهرة في جنوب أفريقيا، بما في ذلك 4 أهداف سجلها للبرتقالي. لكن في عام المونديال يكون المونديال هو الفيصل.

والسبب في عدم حسم الفائز بالجائزة بعد هو أن الألمان «مولر وشفينشتايغر وكلوزه»، والهولنديين «اريين روبن»، والإسبان «فيا وتشابي وكاسياس»، والأوروغوياني (فورلان)، ما زالوا في سباق نحو اللقب، بالإضافة إلى أرجنتينيين (ميليتو وميسي). لكن التهديد الحقيقي لشنايدر يأتي من لاعبي ألمانيا، ففريق لوف هو أقوى المرشحين للقب، والنجوم الثلاثة، وجميعهم من البايرن، لديهم في سيرتهم الذاتية هذا الموسم لقب البوندزليغا، وكأس ألمانيا ولعب نهائي دوري الأبطال.

إذا ما تحدثنا عن الأداء، فالأول هو توماس مولر الوحيد الذي يمكن مقارنته بشنايدر، فهو علاوة على كونه أكثر إمتاعا لو أردنا، فإنه يمثل تطبيقا للكرة الشاملة، حيث يعد مهاجما حديثا يجيد الانطلاق من وسط الملعب، ويلعب على الأطراف ليدخل إلى وسط الملعب سريعا، بالإضافة إلى مهارته الكبيرة الممزوجة بالبنيان القوي. اللاعب الألماني يبلغ 20 عاما، وقدم موسما غير عادي، وسجل 4 أهداف في المونديال.

يأتي بعده باستيان شفينشتايغر، فهو قائد، ولاعب وسط عنيد، لكن حظوظه قليلة. وأخيرا ميروسلاف كلوزه العائد من موسم متواضع (لعب 11 مرة أساسيا، وسجل 3 أهداف في الدوري الألماني)، بينما سجل إلى الآن في المونديال 4 أهداف، ولو فازت ألمانيا بالكأس من خلال جسارته فقد يذكرنا بباولو روسي مع إيطاليا في مونديال إسبانيا 1982، حيث كان بعيدا طوال الموسم للإيقاف، ثم حصل على الكرة الذهبية.

بالطبع مباراة نصف النهائي ستزيح بعض اللاعبين من السباق، إما الألمان أو الإسبان. هناك فيا، وهو باولو روسي آخر جديد، الذي كان هدافا في يورو 2008، وصدارته للهدافين هنا في جنوب أفريقيا، برصيد 5 أهداف من 6 سجلها لاروخا، ليست صدفة. غوارديولا ضمه إلى برشلونة وديل بوسكي يعتمد على حسه التهديفي، من دون أن نستثني تشابي، أفضل لاعب في يورو 2008، وهو صانع ألعاب كبير، وهو الذي فاز مع بالليغا مع برشلونة. حظوظ تشابي أكثر من إنيستا الذي أرقته الإصابات. وقد يبزغ نجم إيكر كاسياس، وهو القائد الرمز للفريق، ربما من خلال الفوز بالمونديال بركلات الترجيح.

تتضمن قائمة المرشحين أيضا كلا من دييغو فورلان (الفائز بالدوري الأوروبي مع أتليتكو، وسجل 18 هدفا في الدوري الإسباني)، وحظوظ اللاعب الأشقر أكثر من زميله سواريز، فقد سجل 3 أهداف في المونديال لكنه لن يشارك في نصف النهائي للإيقاف. وهناك أيضا دييغو ميليتو، الذي حملت أمجاد الإنتر هذا الموسم توقيعه، من خلال 22 هدفا في الدوري، 6 في دوري الأبطال (منها 2 في النهائي)، لكن مارادونا نسيه على مقعد البدلاء. من الظلم أن يمحو المونديال كل شيء آخر، لكن الأرجنتيني كان في حالة أفضل قبل المونديال، وهو الحال بالنسبة لميسي فقط بسبب اسمه وما يمكنه القيام به، فهو صاحب الجائزة حاليا، وسيكون من بين العشرة الأوائل، لكن المنتخب الأرجنتيني عاقبه هو أيضا.

ويبقى خارج المنافسة لاعبون كبار، مثل كريستيانو رونالدو وروني، ثم دروغبا (الفائز بدوري وكأس إنجلترا وأفضل هداف برصيد 29 هدفا) وجيرارد، وكامبياسو الذي لم يستدعه مارادونا للمشاركة في مونديال جنوب أفريقيا. لا أحد من الإيطاليين، ولا حتى الظل، وبالتالي لن تكون فضيحة.

لكن بعيدا عن كل هؤلاء، لقد أصبح شنايدر محط أنظار الجميع في جنوب أفريقيا بعد تألقه الكبير مع المنتخب الهولندي وتفننت الصحف العالمية في وصفه والإشادة بدوره الكبير مع منتخب بلاده. وكان لدافيد إيندت، مدير فريق أياكس، نصيب في عاصفة الإطراء العالمية التي هبت على معسكر الطواحين الهولندية في جنوب أفريقيا، حيث قال: «شنايدر لديه كمية كبيرة من الغضب بداخله. لم يكن لدينا شك أننا نرى ظاهرة كروية كبيرة عندما كنا نراه في الملعب وهو في السابعة من عمره».

كان ويسلي شنايدر طفلا ذكيا ومجادلا بفضل شخصيته التي لا تقل قوة عن قدميه. وعلى الرغم من صغر سنه فإنه كان محاطا بغيرة من حوله، بعد أن ظهرت موهبته الكروية المتميزة، وهو ما يعقب عليه إيندت قائلا: «كان قصيرا للغاية، وكان الجميع يقولون إن بنيته القصيرة ستعيق موهبته في المستقبل ولن يصبح نجما كبيرا مهما حدث. غير أن هذه الكلمات تركت أثرا إيجابيا لدى ويسلي وخلفت بداخله المزيد من الدوافع. لم يتخلّ شنايدر عن طموحه قط، وكان يثق بشدة في موهبته، وهو ما دفعه إلى العمل بشكل مستمر لتجاوز الانتقادات التي كانت تلاحقه. وكما قلت من قبل، لديه كمية كبيرة من الغضب بداخله». وفي أكاديمية أياكس الكروية لم يُثِر الهولندي أي مشكلات كبيرة حتى انضمامه إلى الفريق الأول في النادي، حيث نشبت بينه وبين المدير الفني رونالد كومان مشاجرة كبيرة، وسرعان ما تم وقفه لأربع جولات بسبب خلافه مع أحد الحكام، ليصبح الهولندي محور اهتمام الصحافة المحلية مثلما حدث مع زلاتان إبراهيموفيتش، رفيقه السابق في أياكس، الذي كان يستمد منه قوته وصلابته طوال وجودهما معا في الفريق. وكان للدنماركي سورين ليربي، وكيل أعمال شنايدر والمدرب السابق، رؤية جديدة في الهولندي حيث يقول: «تعرفت عليه عندما كان في السادسة عشرة من عمره، ولكنه كان شديد الذكاء، وكان الجميع يعرفون أنه لاعب غير عادي».

وهكذا تحول شنايدر من لاعب غير مرغوب فيه في ريال مدريد إلى واحد من أبرز المرشحين للفوز بالكرة الذهبية. وفضلا عن هذه الانتفاضة المهنية الكبيرة في حياة الهولندي، شهد العام الماضي أحداثا مأساوية كثيرة في حياته بعدما انفصل عن زوجته، حيث تعذر عليه رؤية ابنه الصغير جيسي، وهو ما يعقب عليه إيندت قائلا: «ولكن هذه الصعوبات زادت من صلابته، فهو يتمتع بقوة غير عادية. لقد نضج ويسلي كثيرا في الفترة الأخيرة، وقد يقبل التنازل عن موهبته من أجل مصلحة الفريق عندما تدعو الحاجة إلى ذلك».

في الوقت نفسه، دخلت الفتاة الحسناء يولانثي كابو إلى حياة النجم الهولندي، فأصبحت هي مصدر إلهامه بعد أن اتفقا على الزواج خلال أيام قليلة. وفي مونديال جنوب أفريقيا أطاح شنايدر بكل التوقعات التي قللت من شأنه بسبب قصر قامته، محرزا هدفا قاتلا في مرمى البرازيل، ليصبح هو أول هولندي يتم ترشيحه للفوز بلقب أفضل لاعب في العالم منذ 18 عاما.

إذا كان لديك لاعب مثل ويسلي شنايدر، ذلك اللاعب الذي قلب مجري الأمور في كرة القدم العالمية بعد وصوله إلى الإنتر، والذي نجح في الوصول إلى قمة أوروبا وإيطاليا بسرعة البرق بفضل قدميه العجيبتين وسرعة بديهته وقوة عضلاته، فضلا عن عناده وروحه الثائرة ونجمه اللامع، فكيف يمكنك أن تحرمه جائزة الكرة الذهبية؟