خبراء رياضيون ومهتمون يطالبون بتنظيم جديد لملاعب الأحياء والساحات الشعبية حفاظا على الفكر والموهبة

أكدوا في استطلاع لـ«الشرق الأوسط» أهمية نشرها وأن تجاهلها سينعكس سلبا على مستقبل الرياضة السعودية

TT

تتجدد التساؤلات في الشارع السعودي مع انطلاق موسم الإجازات الصيفية نهاية كل عام دراسي، حول الطرق المثلى لاستثمار طاقات الشباب، ومنحهم فرصة تفجير إبداعاتهم على مستوى كل الأصعدة، سواء الثقافية أو الرياضية وغيرها، وإنقاذهم من براثن الفراغ القاتل الذي دائما ما يقود إلى عواقب وخيمة وغير محمودة، تتسبب في معاناة الكثير من الأسر.

وتبرز ملاعب الأحياء والساحات الشعبية كمتنفس مهم لشريحة الشباب، ويعدها البعض مصدرا حقيقيا للمواهب والنجوم الجديدة إذا ما تم استثمارها بالشكل المناسب، شريطة توفير الكثير منها، وبأساليب مبتكرة تزيد من حدة الإقبال عليها. ونشير إلى أن التعلم في هذه الملاعب والساحات يكون على مهل، كما أنها لا تلتزم بأي وقت وأي زيٍّ رياضي خاص.. فتمارس الرياضة بكل حرية ووفق قواعد سهلة غير معقدة.. ولا ننسى أن التنافس الرياضي سينتشر بين ملاعب الأحياء السكنية، ويجتمع لمشاهدته أعداد غفيرة من الشباب، مما يوجد زخما ترويحيا وتطويريا ونفسيا أكبر.

نشدد على هذا الجانب المهم ونحن نذكر بأن الأهم هو الترويح والتفريغ، غير دورها في الإنتاج وتقديم المميزين، لكن هل يتحقق مثل ذلك قريبا، رغم أن تكلفته ليست كبيرة أمام المنافع التي ستتحقق جراءه، مع العلم أن من توصيات مجلس الشورى السعودي خلال العام (422/1423 هـ) المبني على التقرير السنوي للرئاسة العامة لرعاية الشباب، للعام المالي (1420/1421 هـ) وهو برقم 35/31 في 3/9/1422 هـ تأكيدا على ذلك، وتحديدا في فقرته التي جاءت على النحو التالي:

رابعا: «الاهتمام بإنشاء الساحات الشعبية في المحافظات، لاستغلال أوقات الفراغ لدى الشباب». لكن هل وعينا ذلك وأدركنا مقدار أهميته!! «الشرق الأوسط» بدورها ألقت الضوء على هذا الجانب المهم مع عدد من المسؤولين الرياضيين والمهتمين والشباب الباحثين عن تفريغ طاقاتهم، وكشفت عن وجود تحركات حقيقية لمنح ملاعب الأحياء الاهتمام المطلوب في الأيام المقبلة من قبل جهات حكومية عدة.

مدير هيئة دوري المحترفين بالاتحاد السعودي لكرة القدم، محمد النويصر، أكد بدوره أن موضوع الملاعب والساحات الشعبية موضوع ثري «ونحن بحاجة للحديث عنه، خاصة إذا ما عرفنا أن كرة القدم تبدأ انطلاقتها من الأحياء، وحسب معلوماتي فإن أمانة مدينة الرياض جهزت أكثر من 50 ساحة، وهذا بلا شك أمر مفرح وإيجابي، ويؤكد لنا العمل والمجهود الجبار اللذين يقودانا لمواجهة التحديات، والبحث عن كيفية تطور الرياضة لدينا، وأيضا يؤكد مدى العلاقة والتواصل الذي سيعيشه أفراد المجتمع فيما بينهم داخل الأحياء، خاصة الشباب، بحيث يمارسون أنشطتهم، سواء كرة القدم، اللعبة الشعبية الأولى، أو بقية الألعاب الأخرى، والمهم أن يكسبوا نشاطا يساعدهم على أن يكونوا رياضيين بشكل عام».

وواصل النويصر، لقد تشرفت برئاسة لجنة كرة الصالات الشاطئية، وهي لعبة خماسية، وكثير من الملاعب الموجودة تنطبق عليها مواصفات ملاعب الأحياء نفسها، وهذه اللجنة تضم أعضاء من عدة مواقع، تمثل أمانة مدينة الرياض، وإمارة مدينة الرياض، وهيئة السياحة، ووزارة التربية والتعليم، والاتحاد السعودي لكرة القدم، وهذه الأطراف قادرة، بإذن الله، على تقديم برامج متنوعة للشباب من أجل ممارسة أنشطتهم المختلفة، وهناك مشروع كبير وعلى مستوى عال تقدمه هيئة السياحة، من خلال تنظيم بطولات لجميع الأحياء على مستوى مناطق الوطن، وفيما يخص الصعوبات، فقد عقدت اللجنة اجتماعا لها، واتفقنا على الكثير من النقاط، سواء ما يخص مدينة الرياض أو المدن الأخرى، وكذلك ما يخص موضوع الساحات الشعبية، وحسب معلوماتي فإنها موجودة في أحياء مدينة الرياض، وهناك توجه من وزارة الشؤون البلدية والقروية لتطبيقها في جميع المناطق، ونحن في الاتحاد السعودي ممثلا في لجنة الصالات، جاهزون للمساهمة والإشراف على هذه الأحياء متى طلب منا ذلك، وما زلنا نناقش هذا الموضوع داخل اللجنة، وحتى المرافق الموجودة على الشواطئ القريبة من البحر، سواء في جدة أو الشرقية أو ينبع أو غيرها من المناطق، وأعتقد أن الجميع تابع المنتخب السعودي، وكيف أنه نجح في تحقيق لقب بطولة الكرة الشاطئية العربية، رغم أنه يشارك لأول مرة، وهذا يحسب للرياضة السعودية، وهذا يؤكد على وجود إمكانيات كبيرة واهتمام من قبل جميع القطاعات، من أمانات المدن وهيئة السياحة والاتحاد السعودي لكرة القدم ووزارة التربية والتعليم، وهناك لجنة كُلِّفت من قبل اتحاد كرة القدم لتولي هذا الموضوع من خلال إقامة خطة عمل كبيرة، وعموما ما نحتاجه الآن هو مزيد من الوقت، وعقد الكثير من الاجتماعات، والأهم من ذلك هو وجود المنشآت والمواقع التي تم تجهيزها بالشكل الملائم، ونحن بانتظار المزيد منها في المناطق الأخرى، وهذا الموضوع له دور كبير في تطور الكرة السعودية، خاصة أن كرة القدم تبدأ من الأحياء.

* عبد الرحمن المسعد يطالب باللائحة

* مدير مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب بمنطقة الرياض، عبد الرحمن المسعد، قال من جهته: حسب معرفتي بالأحياء الشعبية فإن مسؤولية الأمانة العامة في البلدية تتعلق بإنشائها وتشغيلها وتنظيمها، ومن الصعب أن تتدخل الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو وزارة العمل والشؤون الاجتماعية دون أن يطلب منها العمل في مثل هذه الأمور، وأعتقد أن العملية أصبحت مجرد اجتهادات من قبل الأمانة، وإذا أردنا الاستفادة من الملاعب الشعبية المنتشرة في الكثير من الأحياء، فلا بد من وجود ضوابط ولوائح ونظم حتى نستطيع تقييم العمل، وأقصد هنا أنه يفترض أن يكون هناك إشراف فني وإداري مباشر على المشاركين، إضافة إلى ذلك صيانة الملاعب والمنشآت لاستمرارية صلاحيتها، حتى يستطيع منسوبو الحي، وأكبر شريحة من الشباب، مزاولة الأنشطة، فالوضوح ووجود لائحة مقننة لهذه الملاعب ستسهم في نشر الرياضة بمختلف أنواعها.

وواصل المسعد: من أبرز الصعوبات التي تواجه الساحات الشعبية، هو عدم وجود تنسيق وعدم وجود آلية للتنفيذ، التي يمكن أن تخدم الشباب، ومن وجهة نظري يفترض أن يكون هناك تنسيق وتوحيد للعمل من قبل الأمانة للاستفادة من الخبرات، من خلال التواصل مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم وأمانة المدن، حتى تتحقق الفائدة لجميع فئات المجتمع، خاصة أن فترات الصيف تزداد مشاركات الشباب فيها لقضاء وقت فراغهم.

الخراشي يناشد التجار وأكد المدير الفني لدورات شؤون المدربين الوطنيين بالاتحاد السعودي لكرة القدم، مدرب المنتخب السعودي الأول السابق، محمد الخراشي، وجود تعاون بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب وأمانة مدينة الرياض بشأن الملاعب والساحات الشعبية «ونحن نلاحظ بين فترة وأخرى افتتاح بعض الساحات الشعبية الجديدة، ويمارس فيها الشباب هواياتهم، وهذا شيء جميل جدا، ومطلوب، وأيضا ما زلنا بحاجة للمزيد من هذه الساحات والملاعب، بوصفها المتنفس الوحيد لهؤلاء الشباب، خاصة إذا كانت قريبة من الأماكن الكثيفة من السكان، لأن تلك الساحات منجم ذهب لتغذية الرياضة السعودية بالمواهب وتطويرها، لأن الطفل عندما يخرج إلى الدنيا ويجد مثل هذه الملاعب، فستكون لديه الرغبة الأكيدة لممارسة أي لعبة كانت، لذلك أجد أنه شيء جميل وإيجابياته كبيرة جدا، خاصة عندما يكون العاملون فيه من المتخصصين في كرة القدم والكرة الطائرة وكرة السلة أو أي لعبة أخرى».

وطالب الخراشي رجال الأعمال بالمبادرة لتمويل ونشر مثل هذه الملاعب «خاصة إذا عرفنا أن الملاعب الصناعية لا تكلف الكثير من الأموال، وتستمر لسنوات طويلة، ومن خلال هذه الملاعب والساحات نستطيع القضاء على فراغ الشباب، الذين سيتجهون إلى أمور إيجابية أكثر منها سلبية، وستعود بالكثير على الرياضة السعودية».

وأردف: «أرى أنه من أبرز الصعوبات التي تواجه الملاعب والساحات الشعبية هي قلتها، وأيضا عدم تقدير بعض من الشباب لمثل هذه الساحات، والمحافظة عليها واحترام الأنظمة والقوانين التي وضعت من أجل أن تكون في وضعها الجميل، خلال افتتاحها، كما يجب أن يكون الجميع مسؤولا عن هذه المنشآت، والتبليغ عن العابثين».

* النمشان يبحث عن المزيد

* مدير ملعب الملك فهد الدولي، المهندس سلمان بن نمشان، قال، بدوره، كما هو معروف، فإن الرئاسة العامة لرعاية الشباب كان من ضمن خططها عمل ملاعب وساحات شعبية في الأحياء، على أساس أنها تستقطب الشباب، ونحن في انتظار الميزانية، وخلال السنوات الماضية تم تنفيذ بعض الساحات الشعبية في الرياض وأبها وغيرها من المناطق، وكان لها دور إيجابي في ممارسة الشباب لرياضاتهم، ولكن جاءت البلديات لاستثمار الميادين والحدائق لعمل ممرات مشاة، وملاعب، والملاحظ في الوقت الحالي أنه حتى في الأندية الخاصة تم البدء في عمل أندية أخرى مصغرة، وبالتالي نحن بحاجة لنشر موضوع الساحات الشعبية في الأحياء، ولو عدنا قليلا إلى الماضي لوجدنا أن جميع اللاعبين هم خريجو ملاعب الأحياء، وفي شهر رمضان المبارك نجد أن الدورات الرمضانية تقدم عددا كبيرا من الموهوبين رياضيا، فبدلا من أن يتم إلغاء المرافق الموجودة في الأحياء، فإنه آن الأوان لإيقاف مثل هذا الهدر، والاستفادة من هذه المرافق، بحيث ننشر الساحات الشعبية في كل مكان، حيث إننا نغلق البيوت على أبنائنا لعدم وجود مكان عام لائق نستطيع إرسالهم إليه، ومن الصعب تركهم في الشوارع، ولو كان هناك مكان لائق وفيه أشراف مباشر، لا أعتقد أن هناك رب أسرة سيتوانى عن إرسال ابنه إلى هذا النادي أو المكان المحترم، لذا فالحاجة ماسة لإعادة التفكير في أحياء المراكز، وأقصد الساحات الشعبية التي يمارس فيها الشباب أنشطتهم، وإذا كان العكس، فستجد كل رب أسرة يقفل الباب على ابنه، والخاسر في كل هذا هم الشباب، ثم الأندية، ثم منتخبات الوطن، لأنك في هذه الحالة ستجد من الصعوبة إيجاد المواهب، نحن لا نختلف أن هناك توجيهات صدرت بإنشاء أكاديميات، ولكن لا أعتقد أنها ستغطي أنشطة الشباب، لذلك أكرر ما ذكرته في بداية حديثي «نحن بحاجة ماسة للتفكير في أحياء مراكز الساحات الشعبية، التي يمارس فيها الشباب الرياضة، لأنها هي المكان التي تعيد الحب والود، وإذا كنا نبحث أيضا عن دمج الشباب مع بعضهم في مكان محترم، فلا يوجد أفضل من الساحات الشعبية».

* جازان موعودة بمستقبل جميل

* مدير مكتب رعاية الشباب بمنطقة جازان، حامد السريعي، قال إن ملاعب الأحياء والساحات الشعبية تلعب دورا كبيرا في استقطاب وجذب الشباب، ويجب توفرها في كل حي لخدمة هذه الفئة، حتى نجنب الشباب مخاطر كثيرة، «فشبابنا في هذا العصر مستهدف ببعض المخاطر، من أهمها المخدرات، فلو اهتممنا بالشباب بارتيادهم ملاعب الأحياء والساحات الشعبية، لجنبناهم تلك المخاطر، وشغلنا أوقات فراغهم بما يفيدهم، والساحات الشعبية لها دور هام، سواء بقيت مرجعيتها للأمانات أو الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وإن كنت أميل تماما لتكون تابعة للأمانات، حتى توفر لها جميع الإمكانيات المهمة، وقد يكون دور الرئاسة لتنظيم النشاطات الخاصة بالشباب، ولو كنت أتمنى أن يكون هناك تنسيق بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون البلدية والقروية والرئاسة العامة لرعاية الشباب للاهتمام وإدارة منشآت خاصة للشباب في كل حي، ولا تقتصر على رياضة كرة القدم، وإنما جميع الألعاب، حتى نوفر لجميع الشباب متطلباتهم، ونحميهم من أي سلوك مشين».

وأردف، أتمنى أن يتم توفير تلك الملاعب بطريقة منظمة في الأحياء، وتكون من الأساسيات المهمة للمخططات الجديدة، فهي مرفق مهم، وأحب أن أشير إلى فكرة بدأنا بها في منطقة جازان بتوجيهات من أمير المنطقة، وهي تشكيل لجنة برئاسة أمين منطقة جازان، وعضوية الرئاسة والغرفة الصناعية التجارية، وذلك لإيجاد ملاعب أحياء لشباب المنطقة بجهود ذاتية، وحسب الإمكانيات المتاحة، وأرى أن الفكرة بدأت في التطبيق، وستحقق ثمارا جيدة بإذن الله، فأغلب النجوم المعروفين كانوا من اكتشاف ملاعب الأحياء، فلو عادت لها الحياة، فستكون رافدا مهما للأندية الرسمية، وستعود الفائدة على المنتخبات السعودية، وكذلك على الشباب بصورة عامة.

* ملاعب الأحياء أطلقت نجوم الكرة

* يؤكد أحمد آل حمود، أحد المهتمين بملاعب الأحياء، إن للساحات الشعبية أهمية خاصة لدى الشباب، ولها دور مهم في تعديل الكثير من سلوكياتهم الخاطئة، وكذلك اكتشاف المواهب الرياضية «ونلاحظ أن معظم المواهب التي عرفتها الرياضة السعودية، وخصوصا كرة القدم، كانت بداياتها من ملاعب الأحياء، فيجب أن نستثمر ذلك، ونكتشف طاقات الشباب، ونحافظ عليهم من الانخراط في السلوك المشين، أو المخدرات، أو غيرها، وذلك بتنظيم تلك الملاعب والساحات، والابتعاد عن العشوائية، عبر زيادة ارتباطها بالبلديات، وكذلك بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، فدورها مهم ولا نغفله تماما». ويضيف آل حمود بأن على المدارس دورا مهما في جذب الطلاب والشباب بصورة عامة، خلال فترة الإجازات، وخصوصا إجازات الصيف، فهناك مراكز صيفية متعددة في كل منطقة، ولكنها غير كافية لاستيعاب الطلاب والشباب عامة، كما أن بعضها يفتقد للبنية التحتية المهمة في تنفيذ أنشطة رياضية حقيقية يكون فيها طابع التنافس بين الشباب، فمشكلة أغلب المدارس لدينا عدم وجود صالات رياضية وملاعب ومسابح، حيث نفتقر لذلك في الكثير من المدارس الحكومية، وإذا وجدت بعض الملاعب فستكون غير كافية وغير مجهزة لتنفيذ نشاطات مهمة عليها، وبعض المدارس الحكومية الأخرى لا توجد فيها ملاعب، وإنما مساحة في الفناء يقام فيها بعض النشاطات المحدودة، لأن أرضياتها إسمنتية، وأيضا بعض المدارس مستأجرة، ولا تملك أي ملاعب أو مرافق رياضية».

ويرى آل حمود أن المدارس تعد معينا مهما وحيويا لاستقطاب الطلاب والشباب للنشاطات الرياضية خلال الإجازات الصيفية، ويقول إن الطلاب تجذبهم المدرسة إذا كان لديهم حصص بدنية أو لديهم مباريات مع فصول وصفوف أخرى أو مدارس أخرى، ونلاحظ أن الغياب يتلاشى، ويختفي تماما إذا حددت المدارس أياما مفتوحة للممارسة النشاطات الرياضية، وهو ما يجب أن نستغله في تنظيم تلك النشاطات من التعاون مع مختصين وخبراء ومدربين، ودعم تلك النشاطات ماليا، وتقدير جوائز مالية مرتفعة للمتفوقين في تلك النشاطات، وستخرج لنا تلك الأنشطة والمنافسات مواهب مميزة تسهم في تقدم الرياضة السعودية في كل الألعاب، خصوصا كرة القدم.

* التنظيم والدعم المالي أبرز متطلبات الملاعب

* ويعلق أحمد الزهراني، أحد أقدم مسؤولي فرق الأحياء، على دور ملاعب الأحياء والساحات الشعبية، ويقول إن لها دورا كبيرا ومهما، ولكننا في حاجة للمزيد منها في كل الأحياء، والعناية بها فدورها كبير في حماية الشباب وصقل مواهبهم واستقطابهم، ولكنها بحاجة إلى التنظيم أكثر، والدعم المالي المناسب، حتى تستطيع القيام بدورها وأداء رسالتها، ويضيف أن الشباب يحتاجون لقضاء أوقات فراغهم فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة، ولكن بأسلوب رياضي تنافسي وترفيهي، حتى يفجرون طاقاتهم فيما يفيدهم، والبعد عن الأنشطة الروتينية القاتلة والمملة، التي ليس لها هدف واضح، وزرع فيهم روح التحدي والتنافس، ولكن بنظام، حتى يزيد ارتباطهم بهذه الملاعب والساحات.

* أين الحوافز المالية؟!

* ويؤكد أحد التربويين الرياضيين «عبد الخالق العسيري»، أنه يجب منح الشباب فرصة ممارسة رياضاتهم المفضلة في ملاعب الأحياء والساحات الشعبية، من خلال التنافس على جوائز مهمة وقيمة ومنظمة، عبر دورات ومباريات تنافسية، يراقبها بعض كشافي الأندية، وبعض المدربين، لاختيار المواهب الجيدة ومساعدتها ودعمها للالتحاق بالأندية الرسمية. وبين العسيري أن المدارس لا يتوفر فيها كثير من الإمكانيات، وأن وجد ملعب واحد فيكون في الغالب للعبة كرة القدم، وفي حال وجدت ملاعب أخرى، فهي على الأرجح للطائرة والسلة، ولكن تحتاج المدارس في البداية لتوفير الأدوات التي تنقطع على مدار أربع أو خمس سنوات في معظم الأحيان، حيث إن الكرات مثلا تؤمن عن طريق المدرسة أو المعلم بطريقة الشراء المباشر، وهذا يحد من بعض النشاطات، كما أن النشاطات المهمة يجب أن تكون في المساء وخلال الإجازات، ويجب أن يُعطى القائمون عليها حوافز مالية مشجعة، وبعد ذلك تتم متابعتهم ومحاسبتهم عن سير الأنشطة ومدى استقطابها للشباب في الأحياء القريبة من المدرسة، وخدمتهم، ولنا تجارب على مدى سنوات طويلة في تلك النشاطات، فإذا أقيم دوري مثلا في إحدى المدارس، فالطلاب يحققون انتظاما كبيرا في الدراسة، وتتضاءل نسب الغياب في حال الاهتمام بالنشاط الرياضي، الذي يجب أن يدعم بطريقة أفضل خارج أوقات الدراسة.

* المد العمراني.. أبرز المخاطر أمام ملاعب الأحياء

* ويتساءل رجل الأعمال، عبد الله العواض، عن السر في إهمال هذه الملاعب والساحات الشعبية، ويقول إنه لا يعرف سوى اسم الساحات الشعبية في بعض المدن، ولكن لا يرى لها دورا مهما وبارزا وهذه مشكلتها، فبعضها غير مدعوم، وحتى الصيانة فيها لا ترقى للمأمول، كما أن بعضها مهمل، وترتاده مجموعات من الشباب من دون نظام أو رقيب، وذلك يسبب عددا من الإشكاليات المختلفة، أما ملاعب الأحياء فتشهد حالة من الانقراض في أغلب المدن، حتى إن فرق الأحياء بدأت تتلاشى، فكان يقوم على تنظيمها شباب متطوعون، ويدفعون المال من جيوبهم، ولكن مع طفرة العمران، بدأت ترحل من المدن الرئيسية وتختفي تماما، بينما كان لها دور كبير في اكتشاف عدد من المواهب المميزة في السابق، ووصلت هذه المواهب للمنتخبات السعودية، وأسهمت في تحقيق عدد من الألقاب، فلدي أربعة أبناء في سن الشباب، ولا أعرف أين أذهب بهم ليمارسوا الرياضة المحببة لهم.

* دورات الأحياء لا ترتقي للمأمول

* ويضيف علي السمحان، أحد اللاعبين القدامى في الأحياء، أن «ما نشاهده في بعض دورات الأحياء الآن لا يرقى لما كانت عليه الأمور قبل أكثر من 15 سنة؛ فكل ما نشاهده هو تجميع لعدد من الشباب في بعض الاستراحات دون هدف واضح، وإنما مشاركات عشوائية؛ ففي هذه المباراة تجد هذا اللاعب مع فريق، وفي المباراة الثانية مع فريق آخر، وهكذا، حتى الولاء في الأحياء انقرض تماما وتلاشى، في حين كان في السابق أقوى، وكانت هناك فرق معروفة في الرياض وأخرى في جدة وفي الدمام وغيرها، وبنظام معروف، ولها إدارات منظمة ورؤساء معروفون، وتدريبات وملاعب معروفة، حتى وصلت شهرتها للكثيرين، وتخرج فيها نجوم كبار، ولكنها زالت مع عدم وجود أماكن لممارسة تلك النشاطات، وانقرضت تماما، مما أثر على اكتشاف عدد من المواهب، في ظل غياب دور الرياضة المدرسية المعروف، وكذلك ملاعب الأحياء.

* تقصير في تهيئة متطلبات الشباب

* ويشير التربوي الرياضي، عبد الله القبيسي، إلى الدور المهم لاستقطاب الشباب، من خلال الساحات الشعبية وملاعب الأحياء، فيجب أن نعترف بأننا مقصرون تماما في تهيئة متطلبات الشباب، حيث يحتاجون أولا للترفيه المنظم والمركز وممارسة الرياضة المفضلة لهم من خلال هذه المواقع، ونلاحظ أن هناك بعض الجهود لاستقطاب الشباب وجذبهم تقوم بها بعض الجهات الحكومية، ولكنها لا تزال مبعثرة هنا وهناك، مما حقق بعض القصور في نواح كثيرة، وأتساءل لماذا لا تتوحد هذه الجهود تحت هيئة خاصة تقوم بالمتابعة والدعم لتلك الأنشطة وتتوحد الجهود لخدمة الشباب، فمن يقوم مثلا ببعض التصرفات الطائشة في الشارع، فهو يعبر للجميع بأن لديه حالة من عدم الرضا على ما يقوم به المجتمع نحو الشباب، وهكذا، فلو نظمنا بعض اللقاءات الرياضية والتنافسية ووضعنا الدعم الجيد والجوائز القيمة، فسنجذب الشباب لهذه الملاعب والساحات، ونحقق أهدافا كثيرة من ذلك.. نحتاج إلى برامج خاصة من متخصصين، تستهدف الشباب، لقضاء وقت فراغهم من خلال الترفية والرياضة بشكل سليم، حيث إن الرياضة، خصوصا كرة القدم، أسهل ما يجذب الشباب، ويشغل أوقات فراغهم، ولا بد من استغلال تلك التجمعات أيضا لبعض الدورات والبرامج من قبل بعض المتخصصين، لإكسابهم مهارات خاصة في كيفية قضاء وقت الفراغ، من خلال بعض الهويات الأخرى المفيدة، ولمَ لا تكون هناك دوريات منظمة خاصة بالأحياء أو المدارس خلال الصيف، تقام على هذه الساحات وملاعب الأحياء.

ومن جانبه، يؤكد علي عبد الله، أن لملاعب الأحياء والساحات الشعبية الكثير من الإيجابيات، إذا كانت تدار بنظام معروف، ولها مرجعية معروفة، ولكن لها سلبيات كثيرة، منها عدم توفرها في كل الأحياء، وبعدها عن بعض الأحياء المهمة، وكذلك إغلاقها أكثر أيام العام، وإهمال صيانتها، وكذلك كثرة الروتين الذي يمنع فتحها أمام الشباب بسهولة، أو عدم متابعة أنشطتها، فتكون عشوائية، ويجتمع فيها الكثير من الشباب دون نظام، مما ينتج عنه بعض السلبيات الكبيرة.

* ملاعب جديدة في الأحساء

* وتحدث مدير مكتب رعاية الشباب بمحافظة الأحساء، يوسف الخميس، عن ملاعب الإحياء والساحات الشعبية قائلا إن رعاية الشباب تضع البرامج والأفكار في تطوير مواهب الشباب، من خلال الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية، «وفي الصيف، وبعد الانتهاء من الأنشطة الرياضية، تكون لدينا روزنامة للكثير من البرامج، ومن بينها الرحلات من أجل التعارف بين شباب الوطن، وكذلك المعسكرات الترويحية، من أجل غرس الوطنية بين الشباب، بالإضافة إلى الرحلات الدولية، ونقوم أيضا بالمشاركة في الأنشطة الفنية بعمل المسرحيات في مختلف المهرجانات الصيفية، سواء في الأحساء أو الرياض وجدة والقصيم وغيرها من مدن الوطن.

وتابع، فيما يخص الرياضة في الصيف فتهتم المكاتب بالإشراف على بعض الدورات الرياضية لكرة القدم في الأحياء، التي تنظم من قبل الأندية، بتوفير حكام من رعاية الشباب، والهدف منها إنجاح الدورات، وإظهار المواهب الجديدة.

وأكد على التعاون الكبير بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التربية والتعليم في إقامة المراكز الصيفية في المدارس، فمعظم معلمي التربية الرياضية هم مدربو الأندية، أو حكام في لجنة الحكام الفرعية، ومعظم الموهوبين تحت أنظار الأندية.

وأوضح أن جميع الصالات الرياضية الخاصة تقع تحت إشراف رعاية الشباب، التي تتابع سير العمل فيها، وتتأكد من وجود الشروط اللازمة، وبالنسبة إلى ساحات ملاعب كرة القدم، أوضح أن مدينة الإحساء في المستقبل القريب ستشهد إنشاء ملاعب وساحات شعبية، علما بأن رعاية الشباب اعتمدت ذلك في ميزانياتها القادمة.

* الإصابات المتكررة تثير القلق

* وفي أحد ملاعب الأحياء التقت «الشرق الأوسط» بعدد من الشباب، الذين اعتادوا ممارسة الكرة بشكل مستمر ودائم، وكانت البداية مع معتز النزاوي (22 عاما)، وقال بدوره: «أمارس الرياضة لأجل الحفاظ على لياقتي وبنية جسمي، ومن خلال هذه الملاعب التي تجمع المواهب، نلتقي بعدد كبير من شباب المنطقة، ونتعرف عليهم»، بينما تحدث الشاب سلطان الفهد (23 عاما): «أمارس لعبة كرة القدم لأجل تنمية موهبتي في هذه اللعبة، إضافة لشغل وقت الفراغ لدي، ومن خلال هذه الملاعب نكسب العلاقات مع بقية الشباب، ونقضي أوقاتنا في شيء مفيد لنا صحيا، وغير ضار لمجتمعنا، ولكن أبرز مشكلة تواجهنا في هذه الملاعب عندما يتحول ميدان كرة القدم من متعة إلى حلبة مصارعة».

ويختتم حديثه قائلا: «عدم اتجاهي للأندية يأتي بسبب رغبتي في إكمال دراستي، إضافة إلى أن الأندية تفضل اللاعب الجاهز على اللاعب المستجد، أيضا هناك المحسوبيات، التي دائما ما تقلقنا في هذه الأندية»، ويتفق بكر البكر (21 عاما) مع الفهد، حيث يرى أن الهدف الأساسي من ممارسة كرة القدم هو تطوير المهارة والحفاظ على رشاقة الجسم، مضيفا أن إيجابيات هذه اللعبة هي التسلية والاستمتاع بكرة القدم، حيث زاد اهتمام الشباب بكرة القدم، سواء كمتابعة أو ممارسة، ولكن ما يزعجني في هذه الملاعب هو التشنج الزائد لدى بعض الشباب، هداهم الله، ويبرر البكر عدم ذهابه للأندية لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها عدم ثقة الأولياء بها، كذلك اتجاه الأندية للاعب الجاهز، وعدم قدرة بعضها على الجمع بين الدراسة ومزاولة الكرة بشكل رسمي.

وأوضح أنس السعدون (21 عاما) أنه «إرضاء رغباتي وتطوير موهبتي السبب الرئيسي في ممارستي لكرة القدم في ملاعب الأحياء، حيث أتمكن من خلالها من المحافظة على لياقتي وحساسيتي تجاه الكرة، ولكن ما يقلقنا في هذه الملاعب التعرض للإصابة، بسبب سوء الأرضية، إضافة لعدم وجود شخص مختص يحذرك من الوقوع في الأخطاء»، ويختم حديثه: «دراستي وعدم اهتمام الأندية وتقديرها للمواهب، إضافة لعدم وجود حافز مادي جيد، أسباب تجعلني لا أتجه للتسجيل في أحد الأندية».

ويتحدث الشاب فهد الغسلان (22 عاما): «أمارس لعبة كرة القدم لأجل قتل وقت الفراغ، ولأجل المتعة أيضا، ولكن ما يزعجنا في هذه الملاعب هو الإصابات»، ويشير إلى أن عدم رغبته في الارتباط الرسمي بالتمارين هو سبب رئيسي في عدم اتجاهه للأندية والتسجيل فيها، إضافة لكونها تعطل التحصيل العلمي. وأخيرا يتحدث ناصر الرشيدي (21 عاما) قائلا: «أمارس لعبة كرة القدم من أجل الحفاظ على لياقتي وصحتي بشكل عام، ولكن ما يقلقنا في هذه الملاعب أن يأتي شخص متهور ويسبب لي إصابة خطيرة، وهنا المشكلة، فلا يوجد لدينا طبيب أو اختصاصي علاج، وقد تؤثر هذه الإصابة على حياتي، إن كانت بليغة»، ويفند الرشيدي أسباب عدم اتجاهه للأندية والتسجيل فيها لأسباب، يأتي في مقدمتها عدم ضمان المستقبل مع هذه الأندية، إضافة لأنها تفقد الطالب التركيز في دراسته.

وقال مسؤول فريق شعلة هجر، محمد الدوسري، إن فرق الحواري تعج بالمواهب التي تخدم الأندية السعودية، ولكن للأسف لا يوجد الدعم المطلوب لهذه الفرق، رغم أنها النواة الحقيقية للأندية والمنتخبات الوطنية.

وطالب رعاية الشباب بتوفير الساحات الرياضية في مختلف المدن والمحافظات من أجل تطوير كرة القدم وبناء قاعدة عريضة، وأكد أن أكثر ما تعاني منه فرق الحواري هو عدم وجود الأراضي الخاصة، وعندما يقوم صاحب الأرض بالبناء، يتشتت أفراد الفريق، ويحرمون من اللعب، والمتضرر أولا وأخيرا هو الكرة السعودية.

وأضاف أن دورات الحواري تحظى بمتابعة جماهيريه تفوق بعض مباريات دوري «زين» للمحترفين، حيث تصل في بعض المباريات إلى 5 آلاف متفرج، وهذا رقم كبير، ودليل على ولع الشباب بكرة القدم.