إسرائيل تكثف من هدم المنازل في مناطق بالضفة.. وتدرس تطبيق قانون «أملاك الغائبين» في القدس

الرئاسة تصف الخطوة بـ«تطهير عرقي».. ودعوة لتدخل الإدارة الأميركية لمنع الإجراءات

فلسطيني يجلس على أنقاض منزله الذي دمرته القوات الإسرائيلية في قرية الفارسية بالضفة الغربية أمس (أ.ب)
TT

أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية بقيادة إيهود باراك عن تجديد سياسة هدم البيوت الفلسطينية المبنية من دون ترخيص إسرائيلي في المناطق «سي» بالضفة الغربية. كما أعلن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أنه يؤيد تطبيق قانون «أملاك الغائبين» في القدس التي لم يطبق فيها من قبل، وهو يتيح لإسرائيل السيطرة على أملاك واسعة للفلسطينيين الذين نزحوا أو هُجّروا منها عام 1948. وقالت الرئاسة الفلسطينية إن الخطوة الأخيرة بمثابة «تطهير عرقي»، وستدعو لتدخل الإدارة الأميركية.

وكشفت مصادر إسرائيلية أن وزارة الدفاع أصدرت تعليمات واضحة للإدارة المدنية والجيش الإسرائيلي بتكثيف هدم بيوت الفلسطينيين التي لم تحصل على تراخيص في المناطق الواقعة تحت سيطرة إسرائيلية كاملة في الضفة الغربية المسماة «سي»، بدواعي أنها تشكل خطرا أمنيا. وأكدت المصادر في الإدارة المدنية والجيش الإسرائيلي أنهم تلقوا فعلا مثل هذه التعليمات. وقال رئيس قسم البنية التحتية في الإدارة المدنية الإسرائيلية الكولونيل تسبيكا كوهين، في تصريح مشفوع بالقسم قدمه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، خلال التماس قدمته جمعية «ريغافيم» اليمينية اليهودية التي طالبت المحكمة بإرغام الجيش الإسرائيلي على هدم بيوت فلسطينيين في 6 مناطق تقع في «سي»: «نشير إلى أن وزارة الدفاع وجهت تعليماتها في الفترة الأخيرة بزيادة فرض القانون بالنسبة للبناء الفلسطيني غير القانوني مع أولوية فرض القانون ضد مبانٍ تشكل خطرا أمنيا».

ويعزز من هذه الشهادات الإسرائيلية قيام الجيش خلال أيام قليلة بهدم منازل في منطقة الأغوار وفي مناطق قريبة من الخليل، بينما تبحث المحكمة هدم منازل أخرى في رام الله قريبة من مستوطنة «بيت ايل». وأمس، فقط، هدم الجيش الإسرائيلي نحو 65 مسكنا وخيمة وحظائر مواشٍ في منطقة الفارسية شمال الأغوار التي تتعرض لهجمة غير مسبوقة في الشهور القليلة الماضية. وجاء ذلك بعد أسبوعين فقط من هدم 20 مسكنا في منطقة الرأس الأحمر في الأغوار نفسها. وينتظر عشرات آخرون تسلموا إنذارات بهدم منازلهم نفس المصير.

ولا تعترف السلطة الفلسطينية بالإجراءات الإسرائيلية، ولا بالسيطرة الإسرائيلية على مناطق «سي» في الضفة، وتحارب ذلك بإقامة مشاريع مختلفة عادة ما تعود إسرائيل وتعطلها. وعقبت وزارة الدفاع الإسرائيلية بقولها: «لا يوجد أي تغيير في سياسة فرض القانون على البناء غير القانوني تجاه الفلسطينيين في المناطق (سي). إن الإدارة من خلال دائرة الرقابة تنفذ كل يوم فرض القانون من خلال أوامر وقف البناء ولاحقا الهدم. وإن تنفيذ الهدم عمليا يتم بين الحين والآخر على أساس السياسة القائمة، وحسب تقويم الوضع لدى قائد المنطقة الوسطى، بالتنسيق مع وزارة الدفاع».

وفي سياق متصل أبلغ المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية يهودا فاينشتاين المحكمة العليا الإسرائيلية أنه يؤيد تطبيق قانون «أملاك الغائبين» في القدس التي لم يطبق فيها من قبل. وأتاح تطبيق هذا القانون لإسرائيل السيطرة على أملاك واسعة للفلسطينيين في أراضي عام 1948، الذين نزحوا أو هُجّروا منها عام 1948. ومن خلال هذا القانون سيطرت إسرائيل على أراضي أكثر من 500 قرية عربية وأراضٍ وممتلكات في مدن عربية مثل حيفا ويافا، لكنها في عام 1967 بعد احتلال القدس الشرقية أعلنت أن قانون «أملاك الغائبين» لا يشمل المدينة المقدسة، رغم أنها سيطرت لاحقا على أراضٍ واسعة في القدس تحت ذريعة «أملاك متروكة». وقالت «هآرتس» إن موقف المستشار الآن يتناقض ومواقف أسلافه الذين استثنوا القدس المحتلة من تطبيق هذا القانون.

والذي استجد مؤخرا أن المحكمة العليا تنظر الآن في قضيتين من بين قضايا أملاك القدس «المتروكة» التي وصلت إلى أروقة المحكمة، بعد أن تقدم أربعة فلسطينيين بطلب استرجاع ممتلكاتهم المصادرة في القدس، التي يقدر ثمنها بـ10 مليارات دولار في حي أبو غنيم حيث أقامت إسرائيل قبل 14 عاما مستوطنة هار حوماه.

وتوجه قضاة المحكمة إلى المستشار القضائي بطلب توضيح موقفه، فردّ بأنه يجب تطبيق قانون «أملاك الغائبين» على أملاك متروكة في القدس أو صادرتها إسرائيل.

وتقول «هآرتس» إن القانون في حال أقرته المحكمة الإسرائيلية سيثير ردود فعل واسعة في أوساط الفلسطينيين والعالم.

وأكدت الرئاسة الفلسطينية أن القرار (في حال تطبيقه) يهدف إلى التطهير العرقي في القدس. وقال المحامي أحمد الرويضي مدير دائرة القدس في الرئاسة: «إن تنفيذ قانون (أملاك الغائبين) في القدس هدفه التطهير العرقي، وترحيل الفلسطينيين من أملاكهم وأراضيهم». واتهم الرويضي إسرائيل بالعمل على تغيير القوانين ذات العلاقة بالقدس منذ احتلالها عام 1967، وقال إنها «ألغت أمانة القدس، واستولت على الطابو الفلسطيني، واستغلت قوانين كثيرة من أجل التضييق على الفلسطينيين، مثل: قانون التنظيم والبناء، والدخول إلى إسرائيل، وإلغاء حق الإقامة من المقدسيين وطردهم من المدينة، والسيطرة على أملاكهم لخدمة الاحتلال».

وتعهد الرويضي بأن تتحرك السلطة على مستويين: الأول، مع الإدارة الأميركية، قائلا إن هذه الإجراءات ستحول دون الانتقال إلى المفاوضات المباشرة. والثاني، على المستوى القانوني. وأكد الرويضي أن السلطة تنوي اتخاذ إجراءات قانونية دولية في ما يخص الانتهاكات في القدس، وقال إن أحد المحامين الدوليين سيصل قريبا إلى القدس للقاء المحامين العاملين في القضايا المتعلقة بالأرض والسكن والإقامة في القدس من أجل إعداد تقرير دولي حول الممارسات الإسرائيلية، «تمهيدا لاتخاذ إجراءات قانونية دولية، وتفعيل دور المؤسسات الحقوقية الدولية لمنع التطهير العرقي في القدس».