أزمة السيولة المالية تثقل كاهل الغزيين

المقاطعة الإسرائيلية.. وتجارة الأنفاق هما السبب

TT

احتار صلاح أبو سمحة، 45 عاما، في العرض الذي قدمه له صاحب مطعم الفول والفلافل الذي قصده صباح أمس الاثنين لشراء 3 ساندويتشات فلافل، فقد أعطى صلاح صاحب المطعم قطعة نقدية بقيمة 5 شواكل، لكن صاحب المطعم لم تكن لديه قطع من فئة الشيكل، أو الشيكلين، فعرض عليه أن يعطيه مقبلات أو «شيبس» (بطاطا مقلية) بما يوازي ما تبقى له من نقود.

نقص السيولة النقدية أزمة تعصف بالغزيين وتجعلهم يحاولون التغلب عليها بالمقايضات. بعد عودة نبيل إبراهيم، 38 عاما، الذي يعمل ممرضا في أحد مستشفيات القطاع للبيت بعد يوم عمل، وجد أن شقيقته وأبناءها الخمسة في منزله لزيارته، وعندما ذهب لأقرب محل تجاري لشراء 8 قطع من البوظة بعد أن أعطى البائع قطعة نقدية بعشرة شواكل، إلا أن صاحب المحل أبلغه بأنه يتوجب عليه الحصول على 10 قطع، لأنه لا توجد لديه قطع نقدية من فئة الشيكلين، ولم يجد نبيل بدًا من أن يجمع قطع البوظة العشر ويقفل عائدا للبيت.

صاحب إحدى «البسطات» المقامة على جانب شارع عمر المختار الذي يقسم مدينة غزة إلى نصفين، التي تعرض حاجيات بسيطة تباع بشيكل، كان يحذر زبائنه الذين اصطفوا حول البسطة بأن من لا يملك شيكل فمن الأفضل ألا يواصل الانتظار لأنه ليس لديه سيولة نقدية تمكنه من أن يعيد ما يتبقى للزبائن عندما يدفعون قطعا نقدية أكبر. كثير من أصحاب المحلات التجارية يفضلون تأجيل تسلم قيمة المشتريات من زبائنهم الذين يثقون بهم في حال دفع هؤلاء أوراقا مالية قيمتها أكبر من قيمة المشتريات، بحيث يطلب أصحاب المحلات من زبائنهم أن يدفعوا لهم عندما يكون لديهم «فكة». أحمد حسني يتوجه كل يوم أحد إلى السوق الشعبي في معسكر «المغازي» للاجئين، وسط القطاع لشراء الفاكهة، حيث تعود الشراء من صاحب إحدى بسطات الفاكهة في السوق، وقد اشترى أحمد الأحد الماضي فاكهة بقيمة 25 شيكلا، وعندما أعطى أحمد البائع ورقة مالية بقيمة 50 شيكلا، أبلغه أنه بإمكانه أن يدفع له قيمة ما اشتراه عندما يقدم إليه الأسبوع القادم. ومن مظاهر أزمة السيولة المالية أوراق العملة البالية التي يضطر الغزيون للتعامل بها. لم يتمكن جمال الرشدي الموظف في إحدى دوائر السلطة من إخفاء تبرمه عندما توجه الخميس الماضي لأحد البنوك العاملة في قطاع غزة لسحب جزء من رصيده، حيث إن المحاسب في البنك سلمه الكثير من الأوراق من فئة الخمسين شيكلا التالفة التي تم لصقها بلاصق بلاستيكي، لكنه لم يجد بدًا من أخذها بعد أن أطلعه المحاسب على ما لديه ليكتشف أنه أعطاه أفضل الأوراق لديه.

من ناحيته، يقول الخبير الاقتصادي الفلسطيني حامد جاد إن أزمة السيولة المالية نجمت بشكل أساسي عن قرار إسرائيل اعتبار قطاع غزة كيانا معاديا وما تبعه من قرار اتخذته البنوك الإسرائيلية بوقف التعاون مع البنوك العاملة في قطاع غزة، مما أدى بشكل تلقائي إلى وقف تدفق السيولة المالية للقطاع سواء في عملة الشيكل أو العملات الأخرى مثل الدولار والدينار الأردني. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أوضح جاد أن تجارة الأنفاق تتحمل جزءا من المسؤولية عن النقص في السيولة النقدية، حيث إن الكثير من التجار المصريين باتوا يبيعون البضائع بالشيكل بسبب استقراره النسبي، مما يجعل شركاءهم الغزيين يقومون بتحويل مبالغ كبيرة من الشيكل للجانب المصري.