مصدر إسرائيلي: نتنياهو عرض على مبارك خريطة تبين حدود الدولة الفلسطينية

بلير: فشل الجهود الحالية سيؤدي إلى كارثة.. والحكومة الفلسطينية تدعو إلى التركيز على جوهر القضية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى استقباله توني بلير مبعوث الرباعية الدولية وكاثرين أشتون وزيرة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي في القدس أمس (إ.ب.أ)
TT

كشف مصدر سياسي رفيع في إسرائيل، أمس، أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عرض خلال لقائه بالرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة، أول من أمس، خريطة تبين تصوره للتسوية الدائمة وحدود الدولة الفلسطينية التي ستقام في إطار هذه التسوية. وقد بدا منها (حسب المصدر) أنه غير الكثير من مفاهيمه تجاه هذه الدولة بشكل إيجابي، لكنه ما زال بعيدا عن المطلب الفلسطيني والعربي بإقامة دولة في حدود 1967 مع تعديلات طفيفة. وقال المصدر إن الرئيس مبارك لم يقبل هذه الخريطة كما هي ونصح بأن يتم تعديلها بما يتجاوب مع المطلب العربي.

وأشار المصدر إلى أن الرئيس مبارك حاول خلال ثلاث ساعات من اللقاء مع نتنياهو الغوص في عمق أفكار رئيس الوزراء الإسرائيلي ومدى جديته في التوجه إلى المفاوضات المباشرة، وأنه امتدح التغييرات التي بدت في مواقف نتنياهو، لكن الموقف الحقيقي المصري ظهر في تصريحات وزير الخارجية، أحمد أبو الغيط، التي قال فيها إنه لم تنشأ الظروف المناسبة بعد لاستئناف المفاوضات المباشرة، وإن على إسرائيل أن تقدم على خطوات ملموسة لبناء الثقة مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والسلطة الفلسطينية.

وكان مبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط، توني بلير، قد أدلى بتصريحات، أمس، لصحيفة «معاريف» الإسرائيلية حذر فيها من فشل المفاوضات غير المباشرة الجارية حاليا. وقال إن فشلا كهذا سيؤدي إلى مشكلة كبرى. وحذر من محاولات الالتفاف على التسوية المعترف بها دوليا، على أساس دولتين للشعبين، مثل مبادرة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، حول جعل قطاع غزة سلطة فلسطينية مستقلة، فقال: الحل الوحيد للصراع هو إقامة دولة فلسطينية واحدة تضم قطاع غزة والضفة الغربية معا تحت سلطة واحدة. وأعرب بلير عن استغرابه، كيف تقف إسرائيل ضد حماس، وفي الوقت نفسه تقترح سلطة مستقلة بقيادة حماس. وذكر بلير إسرائيل بقوله «بعد انسحابكم من هناك (غزة) وإزالتكم المستوطنات، تلقيتم الصواريخ. لكن حماس لا يمكن أن تكون شريكا في تسوية من دون أن تغير مواقفها السياسية وتنسجم مع الإرادة الدولية».

وأكد بلير أنه شريك في جهود الانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى المفاوضات المباشرة، وأن هذا الموضوع تربع على رأس جدول المباحثات في اللقاءات بينه وبين نتنياهو وعباس، وكذلك في لقاءات القاهرة بين الرئيس مبارك مع كل من عباس ونتنياهو، وفي لقاءات وزيرة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، والمبعوث الرئاسي الأميركي، جورج ميتشل، في المنطقة هذا الأسبوع. لكنه أبدى تفهما للموقف الفلسطيني المطالب بخطوات إسرائيلية تدل على جدية في التوجه إلى مفاوضات سلام ناجحة. وكشف أن أحد هذه المطالب العادلة هو توسيع نفوذ السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ليشتمل على مناطق جديدة من «بي» (التي تقع حاليا تحت سيادة السلطة الفلسطينية إداريا وتحت سيادة إسرائيل أمنيا) والمناطق «سي» (الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن، وتشكل مساحة 60% من الضفة الغربية).

وأضاف: «لقد أثبتت السلطة قدرتها على فرض الأمن، وأنا لمست ذلك بنفسي خلال زياراتي العديدة إلى جنين ونابلس وقلقيلية وغيرها، وهي التي لم يكن بمقدوري زيارتها في بداية مهمتي كمبعوث للرباعية. ولم يعد هناك مبرر لمواصلة الاحتلال الإسرائيلي فيها. والسلطة الفلسطينية تثبت أنها قادرة على بناء جهاز قضائي ذي مصداقية، وهذا ليس بالشيء القليل».

من جهة ثانية دعت الحكومة الفلسطينية أمس، إلى تركيز الجهود الدبلوماسية الدولية حاليا على جوهر عملية السلام والقضايا السياسية، المتمثلة أساسا في إنهاء الاحتلال، بدلا من المغالاة في التركيز على شكل المفاوضات الذي قالت إنه ينحرف بعملية السلام عن مسارها الصحيح، ويأتي على حساب جوهرها المتمثل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

ورفضت الحكومة في بيان لها «الطروحات الإسرائيلية الأخيرة الهادفة لتكريس الفصل السياسي والجغرافي بين الضفة والقطاع، والتي تضع شعبنا أمام خياري الانفصال أو الحصار، وتكشف سعي إسرائيل للتنصل من مسؤوليتها كقوة احتلال»، في إشارة إلى خطة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بالتخلي عن غزة وفصلها. واعتبرت الحكومة أن «هذه الطروحات تناقض بشكل صريح حقوق الشعب الفلسطيني والشرعية الدولية ورؤية المجتمع الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».

واستنكرت الحكومة قيام جرافات الاحتلال بهدم أكثر من 40 مسكنا للرعاة والمزارعين في منطقة الفارسية شمال منطقة الأغوار في محافظة طوباس، وتسليم إخطارات لمواطنين في المنطقة بهدم منشآتهم، في خطوة خطيرة تدلل على إصرار الحكومة الإسرائيلية على مواصلة حملاتها ضد أبناء شعبنا لتهجيرهم من أرضهم. كما حذرت في الوقت ذاته، مما تردد عن نية إسرائيل تطبيق ما يسمى بـ«قانون أملاك الغائبين» في مدينة القدس الشرقية المحتلة، وقالت إن ذلك «يؤكد تماما أن إسرائيل ماضية في سياساتها لضم المدينة، خلافا للقانون والمواثيق الدولية التي تعتبر القدس الشرقية المحتلة جزءا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967».

وطلبت الحكومة من اللجنة الرباعية «ضرورة التدخل السريع لوقف هذه الممارسات العدوانية ضد شعبنا، والتي ستؤدي إلى رفع حدة التوتر، وتنسف كل الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام». كما طالبت بإجراء تحقيقات فورية في قضايا مفتعلة من قبل المستوطنين في الضفة الغربية، ومن بينها حوادث دهس أطفال.