فضائح ثرية فرنسا الأولى تهدد بإطاحة وزير العمل من الحكومة

الإليزيه مستمر في دعم إريك فيرت.. حتى إشعار آخر

TT

«اقتربت الموسى من ذقن إريك فيرت» هكذا يمكن اختصار وضع وزير العمل الفرنسي الحالي ووزير المال السابق الذي تدور حوله الفضائح المتواصلة فصولا بحيث أن كل يوم جديد يقربه من اللحظة التي لن يكون أمامه مفر من الاستقالة من منصبه الوزاري.

آخر مستجدات «مسلسل» الفرنسيين المفضل ما قاله مدير أعمال الثرية ليليان بتنكور، باتريس دو ميستر، خلال استجوابه نهاية الأسبوع على أيدي الشرطة المالية، من أن الوزير فيرت هو من طلب منه توظيف زوجته فلورانس عام 2007، الأمر الذي تم في خريف العام المذكور، أي يوم كان فيرت وزيرا للمالية. وإذا ما ثبت هذا الأمر، فإنه يشكل جنحة يعاقب عليها القانون، وتوصيفها القانوني هو «استخدام السلطة لمنافع شخصية»، أي أن فيرت استغل وظيفته وزيرا للمالية للتأثير على مدير أعمال بتنكور وتوظيف زوجته. وكان دو ميستر قد قال للثرية بتنكور أكثر من مرة وخلال أكثر من لقاء، وهو ما كشفته التسجيلات السرية في منزل بتنكور، إنه أبرم عقد عمل لزوجة الوزير «بالنظر لموقع الأخير» و«بناء على طلبه»، وهو ما نفاه فيرت أمس مجددا وبقوة، معتبرا أن كل هذه القصة «اختلاق وكذب».

غير أن النفي ربما لن يكون كافيا لإنقاذ رقبة الوزير الذي شغل حتى أيام قليلة منصب مدير مالية حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني الحاكم، كما كان مسؤولا عن حسابات حملة الرئيس ساركوزي الرئاسية لعام 2007.

وبالنظر لكل هذه التطورات التي تصفها الصحافة الفرنسية على اختلاف ألوانها بـ«أزمة دولة» أو «فضيحة دولة» لم يعد للوزير فيرت من مهرب من أن يخضع وبدوره للاستجواب من قبل الشرطة المالية، بينما طالبت النائبة عن الخضر في البرلمان الأوروبي، كورين لوباغ، بأن يحال فيرت إلى محكمة عدل الجمهورية الفرنسية، وهي محكمة خاصة لمساءلة الوزراء عن الأخطاء التي ارتكبوها أثناء قيامهم بوظائفهم الوزارية، وهي مشكّلة من قضاة ونواب من كل الاتجاهات السياسية. وبحسب محامي الوزير فيرت الذي يتعين عليه أن يقدم مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد إلى النواب في الجمعية الوطنية، فإن استجواب الوزير «يمكن أن يتم سريعا» بالنظر إلى تسارع الأحداث الخاصة بالملف.

فضلا عن ذلك، كشف مكتب المدعي العام في مدينة نانتير (غرب باريس) الذي يتابع الملف، أن ثرية فرنسا الأولى ليليان بتنكور نفسها «سيتم استجوابها»، ولكن من غير تحديد تاريخ لذلك. وسبب ذلك ما تظهره التسجيلات السرية من أن بتنكور وريثة شركة «لوريال» للمستحضرات التجميلية التي تقدر ثروتها بـ17 مليار يورو عمدت إلى فتح حسابات سرية في الخارج (سويسرا)، وهو ما اعترف به مدير أعمالها باتريس دو ميستر. كذلك تبين التسجيلات أنها تمتلك جزيرة صغيرة في أرخبيل سيشل تبلغ قيمتها نحو 500 مليون يورو، وهو ما أخفت أمره عن مصلحة الضرائب. ولا يستبعد كذلك أن تستجوب زوجة الوزير فيرت التي وظفت براتب مرتفع (نحو 200 ألف يورو في العام مع سيارة وسائق)، أما إذا أرادت النيابة توسيع استقصاءاتها فإنها قد تطلب الاستماع إلى مستشار سابق للرئيس ساركوزي ورد اسمه أكثر من مرة في التسجيلات ويفهم أنه تدخل لوأد الملف وحماية بتنكور من تدخل القضاء.

هكذا يمضي الزمن الباريسي: فضيحة تجر فضيحة أخرى، بحيث أن مداخلة الرئيس ساركوزي التلفزيونية الأسبوع الماضي لم تكف لإخماد الحريق الذي يكبر ويكبر بحيث قد تكون استقالة الوزير فيرت الطريقة الوحيدة لإطفائه. لكن يبدو أن قصر الإليزيه ليس بعد في هذا الوارد إذ أعلن كلود غيان، أمين عام الرئاسة أنه لا يبدو من تصريحات مدير أعمال بتنكور أن الوزير فيرت ارتكب جنحة ما، الأمر الذي يعني استمرار تمتع فيرت بدعم الرئيس ساركوزي. ولكن حتى متى؟