الصومال: مقتل وجرح 47 مدنيا في معارك بين القوات الحكومية ومقاتلي «الشباب»

مسلحون مجهولون يخطفون أحد عمال منظمة تابعة للأمم المتحدة

افراد عائلة صومالية في طريقها خارج مقديشو هربا من المعارك أمس (رويترز)
TT

تجددت معارك عنيفة في العاصمة الصومالية مقديشو بين قوات الحكومة الصومالية التي تدعمها قوات الاتحاد الأفريقي من جهة، وبين مقاتلي حركة الشباب المجاهدين المعارضة، كبرى الفصائل الإسلامية المعارضة من جهة أخرى.

وانفجرت المعارك الأخيرة بعدما هاجم مقاتلو حركة الشباب مواقع تابعة للقوات الحكومية، كانت تتمركز في محاور عدة بأحياء عبد العزيز وشيبس وبونطيري، وكلها مناطق تقع شمال شرقي العاصمة مقديشو. وتمكن مقاتلو حركة الشباب من تحقيق تقدم نسبي باتجاه القصر الرئاسي خلال معارك أمس، واستولوا على مناطق جديدة، من بينها مقر السفارة الإيطالية سابقا ومقر وزارة الداخلية، ومركز للشرطة في ناحية بونطيري. واقترب المسلحون من قواعد قوات الاتحاد الأفريقي التي تحمي القصر الرئاسي من الناحية الشمالية.

وقال المتحدث العسكري باسم مقاتلي حركة الشباب الشيخ عبد العزيز أبو مصعب: «إن مقاتلي الحركة شنوا هجوما واسعا على معاقل للقوات الحكومية كانت تتمركز في حي بونطيري ومقر وزارة الداخلية سابقا». وذكر أبو مصعب أنهم ألحقوا خسائر كبيرة بصفوف القوات الحكومية التي هاجموها، وسيطروا على عدد من القواعد الحكومية هناك، إلا أن متحدثا باسم الجيش الصومالي نفى صحة ادعاءات حركة الشباب، وقال إن قوات الحكومة لا تزال تتمركز في قواعدها». وإلى جانب القتال المباشر قصفت القوات الأفريقية والحكومية مواقع وجود المقاتلين الإسلاميين بشمال العاصمة مقديشو بالمدفعية الثقيلة، حيث استخدمت المدفعية الثقيلة لضرب مواقع المقاتلين الإسلاميين. وشمل القصف أحياء بعيدة عن أماكن القتال مثل كاران وياقشيد وورطيغلي.

وقتل 16 مدنيا على الأقل، وأصيب أكثر من 31 آخرين، وقالت مصادر طبية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أمس إن القتال الأخير الذي اندلع في وقت متأخر من مساء أول من أمس الأحد بعد هدوء نسبي عرفته مقديشو خلال الأسابيع الماضية، واستمر حتى ظهر أمس الاثنين، خلف 19 قتيلا على الأقل، وجرح أكثر من 28 آخرين جميعهم من المدنيين، بعضهم سقطوا جراء القصف المدفعي الكثيف الذي كان معظمه ينطلق من مواقع قوات الاتحاد الأفريقي.

وقال علي موسى مدير هيئة خدمات الإسعاف في مقديشو إن الفرق الطبية نقلت أكثر من 23 جريحا إلى المستشفيات الرئيسية في العاصمة مقديشو. وبسبب الظلام وكثافة القصف المدفعي خلال الليل قال العاملون في مجال الإسعاف إنهم وجدوا صعوبات في الوصول إلى المصابين. وعادة يصعب التنقل بين أحياء العاصمة مقديشو ليلا، لأن الشوارع الرئيسية المؤدية إلى المستشفيات مغلقة أمام المارة بعد غروب الشمس. وذكر شهود عيان أن 4 مدنيين قتلوا في مكان واحد وأصيب 9 آخرون عندما سقطت قذيفة هاون على منزلهم على مسافة بعيدة نسبيا من مناطق القتال. ومن بين القتلى أيضا 5 أطفال قتلوا عندما سقطت قذيفة على مدرسة لتحفيظ القرآن أثناء القتال في حي حمرويني بالقرب من القصر الرئاسي، بينما أصيب 10 آخرون طلاب تلك المدرسة. وقال أحد مدرسي تلك المدرسة: «سقطت قذيفة على مبنى المدرسة في وقت كان الطلاب يستعدون للعودة إلى منازلهم، خمسة لقوا حتفهم على الفور، وأصيب 10 آخرون بإصابات بالغة». وعلى الرغم من أن معظم المناطق التي دارت فيها المعارك خلال اليومين الماضيين في مقديشو كانت شبه خالية من السكان بسبب الحرب الدائرة فيها خلال الأشهر الماضية، فإن من تبقوا في هذه المناطق بدأوا مجددا بالفرار من ديارهم للابتعاد عن مناطق القتال.

وقال عبدي جلعو (37 عاما) لـ«الشرق الأوسط» إنه بقي في منزله بحي بونطيري بشمال مقديشو طوال العام الماضي، لأنه لم يكن لديه الإمكانية للهرب، لكنه قرر حاليا مغادرة منزله بسبب اشتداد المعارك. وأضاف: «لم أستطع البقاء، بسبب القصف المدفعي الذي كان مكثفا». أما حسين عمر فقال لـ«الشرق الأوسط» إنه حائر في الوجهة التي يفر إليها، بسبب تجربته السابقة في النزوح، وقال: «تنقلت بين أحياء مختلفة داخل العاصمة مقديشو، وكانت الحرب تلاحقني في كل مكان أنتقل إليه».

ويتوجه معظم النازحين من مقديشو إلى معسكرات للاجئين بين العاصمة مقديشو ومدينة أفجوي التي تبعد نحو 30 كم غرب مقديشو، وتؤوي هذه المعسكرات حاليا قرابة نصف مليون نزحوا من العاصمة مقديشو في فترات سابقة منذ عام 2007.

على صعيد آخر، اختطف مسلحون مجهولون أمس أحد مسؤولي منظمة تابعة للأمم المتحدة المعنية بإزالة الألغام، ويدعى سعيد معلم بشير، وتم اختطاف بشير الذي كان مسؤول العلاقات العامة لمنظمة «ماين أكشن» في منطقة كيلومتر 13 بغرب مقديشو. واقتاد المسلحون بشير وسائقه إلى مكان مجهول، إلا أنه تم إطلاق سراح السائق في وقت لاحق.

وكانت حركة الشباب المجاهدين قد حظرت نشاط هذه المنظمة العام الماضي في المناطق التي تسيطر عليها بوسط وجنوب البلاد، بتهمة أن منظمة «ماين أكشن» تدعم الحكومة الصومالية في مجال الأمن وتوفر رواتب الشرطة الصومالية.