كلينتون تدعو الحكومة الأفغانية إلى المضي قدما في المصالحة

كابل: إجراءات أمنية مشددة قبل افتتاح المؤتمر الدولي للجهات المانحة اليوم

جندي افغاني يفتش سيارة عند احدى نقاط التفتيش وسط العاصمة كابل عشية المؤتمر الدولي للجهات المانحة (إ.ب.أ)
TT

دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس الحكومة الأفغانية إلى المضي قدما في برنامج المصالحة الرامي إلى التوافق مع مقاتلي طالبان المستعدين للتخلي عن العنف. وعشية مؤتمر دولي حول أفغانستان، قالت الوزيرة الأميركية في مؤتمر صحافي في إسلام آباد «ننصح بقوة أصدقاءنا الأفغان بالتفاوض مع المستعدين للالتزام بمستقبل سلمي، والتعبير عن آرائهم عبر صناديق التعبير السياسي وليس بقوة الأسلحة». ويعتبر برنامج السلام والمصالحة في أفغانستان، الذي يستهدف مقاتلين غير قياديين يقاتلون من أجل المال وليس لدوافع آيديولوجية، من النقاط الأساسية في استراتيجية الخروج من الأزمة التي تنتهجها الحكومة الأفغانية وحلفاؤها والأطراف المانحة الدولية. وبدأ الرئيس الأفغاني حميد كرزاي يعرض العفو مقابل استسلام تلك العناصر سنة 2005، لكن نداءاته لم تثمر. وتتوقع حكومة كابل وحلفاؤها الدوليون الآن إقامة مراكز إعادة اندماج وإنشاء وظائف وشراء أراض للمتمردين التائبين. وأعلن الموفد الأميركي الخاص لباكستان وأفغانستان ريتشارد هولبروك بداية يونيو (حزيران) الماضي أنه ستتم مناقشة الموضوع مفصلا خلال المؤتمر الدولي للأطراف المانحة المقرر اليوم في كابل. وطلب هولبروك من الحكومة الأفغانية ضمانات لاستخدام أموال دولية مخصصة لهذه الخطة. وقال إن عملية السلام هذه «يجب أن تقوم بها أفغانستان» ويجب على كافة الأطراف «الكف عن التعامل مع (القاعدة)». وأكد هولبروك أنه تم تخصيص نحو 200 مليون دولار (165 مليون يورو) لتمويل هذا البرنامج وإقامة مراكز تدريب لقدماء المحاربين وتوفير وظائف وشراء أراض لعناصر طالبان الذين يلقون الأسلحة. وتعد اليابان أكبر ممول لهذا البرنامج، بينما وعدت الولايات المتحدة وبريطانيا بالمساهمة فيه.

إلى ذلك انتهت عمليات رصف طريق جديد، جرى تخطيطه في كابل قبل انعقاد مؤتمر دولي مهم، يتوقع منه أن يحول المزيد من أموال المساعدات والمزيد من المسئولية إلى أفغانستان. حتى الأشجار على جانبي الطريق الذي يربط المطار الدولي بمقر المؤتمر صبغت باللون الأبيض، فيما يعمل العشرات من الأشخاص ليل نهار طيلة الأسبوع الماضي في تنظيف المصارف المفتوحة أو رفع العلم الأفغاني حول المدينة التي يغطيها الغبار.

ويبدو أن ازدهار البنية التحتية الجديدة يهدف إلى تعريف الوفود من أكثر من 70 دولة ومنظمة دولية وإقليمية أن مليارات الدولارات الممنوحة للشعب الأفغاني أحدثت أثرا إيجابيا على البلد الذي مزقته الحرب. لكن لتوقع محاولة حركة طالبان إفساد المؤتمر الذي يعقد اليوم، تم نشر آلاف من قوات الأمن في أنحاء المدينة. ووضعت العشرات من نقاط التفتيش، فيما تقوم قوات الجيش المدججة بالأسلحة بدوريات في الشوارع. وأول من أمس قام انتحاري من طالبان يقود دراجة نارية بقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 45 قرب طريق المطار. وقال زيماري بشاري، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن الانتحاري كان يخطط لمهاجمة «هدف مهم» لكنه فشل بسبب إجراءات الأمن المشددة.

وقالت قوة مساعدة الأمن الدولية بقيادة حلف شمال الأطلسي «إيساف» إنها مستعدة للمساعدة في الحماية إذا طلب منها ذلك، لكنها أكدت أن الأمن الخاص بالمؤتمر هو في الأساس مهمة الأفغان. وتقول القوات الأفغانية وحلف الناتو إنهم أسروا مجموعتين على الأقل من طالبان كانتا تخططان لمهاجمة مؤتمر كابل. وقال محمد نعيم، موظف حكومي، (42 عاما)، «إنني أتعجب بشأن ما إذا كانت القوات الأفغانية والأجنبية قادرة على توفير الأمن. فما هي الحاجة إلى مؤتمر مهم كهذا في كابل!» وتساءل نعيم «مهما شددت الحكومة من إجراءات الأمن فإنهم لا يستطيعون منع الانتحاريين التابعين لطالبان ولا صواريخهم، لذا فما هي الحاجة إلى تشويه سمعة البلاد والمخاطرة بحياة الكثيرين». هذه المخاوف يتكرر صداها لدى غلام حضرة، وهو أحد سكان العاصمة، وقال «بعد عدم تمكنهم من وقف الهجوم على مجلس السلام (الجيرجا) عليهم أن يعلموا أنه من غير الممكن محاربة الذين لا يخافون من الموت». وكان المسلحون قد هاجموا مجلس السلام في كابل الشهر الماضي بالصواريخ وهجمات الانتحاريين.

وكان الرئيس كرزاي وأكثر من 1600 مندوب من أنحاء أفغانستان يحضرون المجلس لمناقشة سبل كيفية وضع حد للحرب في البلاد. ولم توقف الهجمات المجلس، لكنها دفعت كرزاي إلى إقصاء اثنين من كبار قادة الأمن، هما وزير الداخلية ورئيس جهاز الاستخبارات، إلا أن محمود حسنيار، وهو موظف بوكالة مساعدات دولية، قال إنه بعد تسع سنوات حان الوقت لأفغانستان لتحمل مسئولية إدارة الحكم والأمن في البلاد.

وقال «حتى إن لم يسفر المؤتمر عن نتائج إيجابية، فعلى الأقل قامت الحكومة بدهان وتنظيف مدينتنا، وهذا شيء إيجابي». وتعتزم الحكومة أن تطلب ضخ 50% من مبلغ 13 مليار دولار تقريبا تم التعهد بها لإعادة البناء على مدى العامين المقبلين عبر كابل. ويعتزم الوفد الأفغاني أيضا أن يقدم مقترحات تهدف إلى تحسين الإدارة الحكومية والتنمية الاقتصادية وحكم القانون وحقوق الإنسان وفعالية المساعدات. ويعد هذا المؤتمر الذي يرأسه كل من كرزاي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، هو تاسع مؤتمر دولي حول أفغانستان، لكنه أول مؤتمر دولي يعقد داخل البلد الذي مزقته الحرب.