الحبة والقبة!

مصطفى الآغا

TT

في كل صيف نتابع بعض المباريات الودية والاستعدادية للأندية السعودية المعسكرة في أوروبا (حسب جنسية مدربي هذه الأندية)، والأمر ليس حكرا على الأندية السعودية بل على معظم الأندية في العالم.. فإن كان المدرب برتغاليا فالمعسكرات في بلده، وإن كان فرنسيا ففرنسا هي المقر، وإن كان إيطاليا أو برازيليا أو هولنديا فبلاده أولى من غيرها.

هناك لا بد من بعض المباريات الاستعدادية مع فرق أخرى تستعد وتعسكر هي الأخرى في الأمكنة نفسها أو قريبة منها.. ومن يتابع خارطة الأندية السعودية والإماراتية والقطرية في السنوات الأخيرة سيجد أنها تعسكر قريبة من بعضها وأحيانا في المدن نفسها.

طبعا في ظل انعدام أي نشاط تنافسي خلال هذه الفترة تصبح المباريات الودية مادة جاذبة للحديث وقد تتضخم من كونها حبة لتصبح قبة.. وربما أكبر من القبة لتصل إلى مساحات وأحجام لا تتناسب نهائيا وصفة الودية وأحيانا التجريبية، لأننا السنة الماضية تابعنا بعض المباريات التي كانت أشبه ما تكون بالتقسيمة بين الطرفين، وهذا لا يعني أنني أقلل نهائيا من قيمة هذه المباريات وفائدتها، ولكنني بالقطع ضد إعطائها أكبر من حجمها الطبيعي.

ففوز أو خسارة فريق سعودي على أندية بحجم يوفنتوس أو الإنتر (بطل أوروبا الحالي) أو برشلونة وريال مدريد لن يعكس حتما المستوى الحقيقي والتنافسي للطرفين.. فقد سبق أن فاز تفاهم نادي النصر على ريال مدريد بكامل نجومه وبالأربعة في الرياض في اعتزال الأسطورة ماجد عبد الله وكنت حاضرا تلك المباراة وشاهدت حيرة رئيس الريال آنذاك رامون كالديرون الذي كان فقط خائفا من شماتة أنصار برشلونة، ولكنه وفي الوقت نفسه أصر على أنها مجرد مباراة ودية لن تثير نتيجتها الكثير من الغبار لأن هناك اعتبارات كثيرة للوديات.

وأيضا فاز الهلال على مانشستر يونايتد، وسيفوز أي فريق لاحقا على أي فريق كبير والنتيجة في رأيي ظرفية لأنها ودية استعراضية لا أكثر ولا أقل، مع حقنا الكامل أن نفرح بالنتيجة التي تسر خاطرنا.. لأنها تبقى ذكرى جميلة.

ما أكتبه سببه ما قرأته وسمعته وشاهدته من «حروب كلامية صغيرة» بين عشاق الكرة السعودية على خلفية نتيجتي الهلال مع تيميشوارا الروماني والنصر مع يوفنتوس الإيطالي، وهي أمور تبقى ضمن المعقول والطبيعي بين عشاق أندية متنافسة أو متجاورة، ولكن ما هو غير المعقول ولا المقبول دخول «الخبراء» وثقاة اللعبة على الخط وبناء الأحكام على خلفيات هذه النتائج وتضخيم الأمور بشكل قد يؤثر على الشارع الرياضي.. وحتما فإن الإعلام يبحث عن خبر «مولع» خلال هذه الفترة الميتة رياضيا، وبالتالي تتضخم الوليمة من صحن واحد إلى مقبلات وبهارات وصحن رئيسي وبعده التحلية ومن ثم المهضمات.. أي باختصار «ياكلوا ويشربوا» على الموضوع!

بالطبع حرية تداول أي موضوع بأي طريقة هي مسألة تخضع إلى أحكام مهنية وشخصية وعلاقات عامة وخاصة وخلفيات وتداعيات.. ولكن تبقى هناك خطوط عريضة نتفق عليها جميعا، وهو ما دعاني لكتابة هذه الأسطر، لأني أشعر أحيانا أن نتيجة مباراة ودية قد تعكر أو تعطر أجواء البعض من حيث ندري ولا ندري.