هندري رجل صريح في قطاع صناديق التحوط السرية

يؤكد نهاية اليورو واتجاه الصين نحو الانحدار

هيو هندري («نيويورك تايمز»)
TT

هيو هندري رجل صريح سيخبرك بكل شيء.

استطاع ذلك الاسكوتلندي الصريح بذكائه ولسانه الحاد أن يجعل من نفسه مفكرا مناقضا شهيرا في مجتمع صناديق التحوط بالغ الخصوصية.

قال الرجل عن اليورو عندما سئل عنه «لقد انتهى». وقال عن الصين: «إنها تتجه إلى الانحدار». وقال عن الرئيس أوباما: «لو كانت هناك وسيلة لردع أوباما لقمت بها».

يدير هندري شركة صندوق التحوط الناجح «إكليكتكا آست ماندجمنت». وهي شركة تمويل اقتصاد كلي تتبع المدرسة القديمة، ذات تفكير ضخم وأسلوب عمل عالمي أكثر شبها بشركة «كوانتم فاند» التي يديرها جورج سوروس، أكثر منها محلل في «وول ستريت» لشركات التقنية العالية.

ويقول ستيفن دروبني، مؤسس شركة «دروبني غلوبال أدفيزورز»: «هيو أشبه ما يكون بالمفارق التاريخية فهو يذكرنا بمديري صناديق التحوط في السبعينات والثمانينات».

برز هندري في سن الحادية والأربعين من عالم صناديق التحوط السرية عادة، ليجذب المشجعين والأعداء بمستوى مذهل من الصراحة. فدخل في مايو (أيار) الماضي في نقاش صاخب مع جيفري دي ساشز، مدير معهد الأرض في كولومبيا، وربما الخبير الاقتصادي الأشهر الذي يكتب في قضايا التنمية.

وقبل ذلك، شن هجوما على جوزيف ستيغليتز، الحائز على جائزة نوبل، بشأن مستقبل اليورو، حيث قاطعه هندري في نقطة معينة: «مرحبا، هل يمكنني أن أتحدث إليكم عن العالم الحقيقي». تصريحات هندري النارية أكسبته سمعة تحدي المؤسسات الاقتصادية، ويعتبره الكثيرون متشائما صريحا بخصوص كل شيء.

شكلت الصين القلق الأكبر بالنسبة له في الآونة الأخيرة، فيرى هندري، مثله في ذلك مثل جيمس تشانوس، مدير صندوق التحوط الشهير في الولايات المتحدة، أن أيام الصين من النمو المتواصل باتت معدودة، ويصر على أن الأزمة مقبلة.

وقال جاكوب سكميدت، مؤسس «سكميدت ريسيرش بارتنرز»: «إنه مفكر أصيل، لا يخشى الإفصاح عن آرائه، حتى وإن كانت غير صائبة على الدوام».

حقق هندري نجاحات مالية لمستثمريه، وأحيانا بعض الخسائر. ارتفع أسهم أبرز صناديق «إكليكتكا فاند» بنحو 13 في المائة هذا العام لتتميز بفارق كبير عن نسبة الخسارة 1.3 في المائة التي منيت بها الصناديق المشابهة.

لكنه أوضح أن العائدات كانت غريبة الأطوار لبعض المستثمرين. وفي عام 2008 ارتفعت أسهم «إكليكتكا» بنسبة 50 في المائة في شهر وعادت لتنخفض 15 في المائة في آخر. لكن هندري ينوي تغيير ذلك.

تراهن الشركة بصورة صحيحة على أن المشكلات المالية التي أصابت اليونان ستمتد تأثيراتها إلى سوق السندات الألمانية، التي تعتبر المكافئ الأوروبي لسندات الخزانة الأميركية البالغة الأمان، لكن الشركة خسرت بعض الأموال بالرهان على الديون السيادية الأوروبية في الربع الأول من العام الماضي.

خلال الأسبوع الماضي كان هندري يتأمل أوضاع عالم المال في مكتبه الكائن خلف مركز تسوق صغير في منطقة بايزووتر في لندن. لا توجد في هذا المكتب بدلات سافيل رو، بل كان الرجل يرتدي قميص أكسفورد أبيض وجاكت جينز أزرق وحذاء تشاك تايلور ولحية خفيفة لم ينلها التشذيب لثلاثة أيام ونظارة القرن التي يلبسها المشاهير.

أما الهوس الأخير بالنسبة له فكانت الصين، وهو يشبه الصين بشركة «ستاربكس» التي حققت طفرة في النمو لكنها لم تتمكن من جني أموال ضخمة. وقال هندري: «الفكرة هي أن الأشياء التي ستحدث اليوم هي تلك التي يعتقد الجميع أنها مستحيلة، ولعل الأبرز هو التراجع العكسي للصين». تغطي الخرائط جدران مكتبه، على واحدة منها دبابيس مغناطيسية زرقاء تلخص رحلته إلى الأخيرة عبر الصين.

وقد التقط لنفسه صورا أمام مكتب إداري ضخم وجسور جديدة عملاقة وسط لا شيء، قال عنها إنها إشارات إلى فقاعة ائتمانية.

إلى جانب المدير المشارك في الصندوق «إسبن باردسن»، الذي كان حارس مرمى فريق توتنهام هوت سبيرز السابق، ابتكر هندري وسائل للرهان على تراجع معين للاقتصاد الصيني.

وقد اجتذبت صراحة هندري الكثير من المشجعين والمنتقدين. فيصف مارك فابر، مدير المحافظ الاستثمارية والملقب بالدكتور دوم نظرا لآرائه الفظة بأنه: «مفكر متعمق. فلديه وجهات نظر قوية ويعبر عنها، لا في سبيل الحصول على الشهرة بل لأن لديه تفهما كبيرا للسوق».

فيما كان بعض المستثمرين في لندن أقل حماسة، فقد رفض اثنان عن إبداء رأيهما في هندري قائلين إنهما لا يرغبان في الدخول في نزاع معه. لا يتلاءم هندري مع الصورة النمطية لرجال المال المتحفظين في لندن.

كان هندري، ابن سائق شاحنة، أول من يدخل الجامعة في عائلته، جامعة ستراثكلايد في غلاسغو، وليس أكسبريدغ. ودرس المحاسبة والتحق بشركة «بايلي غيفورد»، شركة إدارة المحافظ الاستثمارية الضخمة في أدنبره.

انتابت هندري حالة من الإحباط لعدم تمكنه من تحدي استراتيجيات الاستثمار لرؤسائه، لينتقل إلى «كريدت سويسي آست ماندجمنت» في لندن. وأدى اجتماع بالمصادفة مع كريسبين أودي، مدير صندوق التحوط الذي يحمل أفكارا مشابهة، إلى حصوله على عمل.

بالنهج الاستثماري الذي يتبعه استلهمه من مصدر غير متوقع، من رواية «ذا غاب آند ذا كيرتين»، التي كتبها جون بوكان عام 1932. وتدور الرواية حول 5 أشخاص تم اختيارهم من قبل العلماء للمشاركة في تجربة تسمح لهم برؤية عام من المستقبل. اثنان منهم شاهدا نعيهما في عام.

ويصف هنري الرواية بأنها «أفضل كتاب استثمار على الإطلاق». لأنه تعلم منه محاولة استشراف المستقبل دون إغفال ما حدث ليؤدي إليه، وهو الخطأ الذي يقع فيه غالبية المستثمرين.

ويأمل هندري في أن تنمو أصول صندوق «إكليكتكا» إلى مليار دولار، إذ لا يزال صغيرا نسبيا بالنظر إلى معايير صناديق التحوط. لكن أيا من المشجعين أو الخصوم يتوقعون منه أن يغير أساليب حديثه الصريح. وقال: «ربما أكون صريحا، لكن ينبغي أن أكون حذرا فيما أقول».

* خدمة «نيويورك تايمز»