القذافي: الله أطال عمر المقرحي.. ولم أسمع عن تدخل «بي بي»

قال إنه طلب من زعيم «العدل والمساواة» عدم إصدار أي تعليمات أو تصريحات إلا لخدمة السلام

TT

دخل الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي أمس للمرة الأولى على خط الجدل المحتدم في واشنطن ولندن بشأن الدور الذي لعبته شركة النفط البريطانية «بي بي» من أجل إقناع الحكومة البريطانية بتسريع عملية إطلاق سراح عبد الباسط المقرحي الذي أفرج عنه في قضية لوكيربي بسبب إصابته بمرض السرطان.

وقال القذافي في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية قبل توجهه إلى العاصمة التشادية انجامينا أمس للمشاركة في قمة تجمع «دول الساحل والصحراء»، إنه لم يسمع بدور لشركة «بي بي» النفطية بالإفراج عن المقرحي، وأضاف: «أول مرة أسمع بهذا الشيء، أعرف أن الأطباء قرروا إطلاق سراحه، والله أطال عمره حتى الآن، فالمشكلة هي مع الله ومع الأطباء».

وأوضح القذافي أن «نقابة أهالي ضحايا تفجير لوكيربي تعتبر الأمر (تصفية حساب مع ليبيا)»، لافتا إلى أن أسر الضحايا يريدون البحث عن «الفاعل الحقيقي»، كما أنه لو لم يتم الإفراج عن المقرحي لكانت المحكمة الأوروبية برأت ساحته.

وجاءت تصريحات القذافي قبل لقاء عقده الرئيس الأميركي بارك أوباما مع ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية في العاصمة الأميركية واشنطن أمس، حيث من المتوقع أن تهيمن علاقة الـ«بي بي» بملف المقرحي على جدول المحادثات بالإضافة إلى ملفات إقليمية ودولية أخرى.

وكان رئيس الوزراء البريطاني قد وصف قرار إطلاق المقرحي بـ«القرار الخاطئ تماما» في وقت يتجه فيه الكونغرس الأميركي للتحقيق في ملابسات القرار وعلاقة ذلك بشركة «بريتيش بتروليوم» في مسعاها لإنجاز صفقة للتنقيب عن النفط في المياه الليبية عام 2007.

وفي مقابلة لـ«إذاعة فرنسا الدولية» وشبكة التلفزيون «فرانس 24»، انتقد الزعيم الليبي قرار فرنسا حظر النقاب في الأماكن العامة ووصفه بـ«السخيف»، وقال: «هذه حاجات سخيفة، فهم يتحدثون عن حقوق الإنسان وحرية الإنسان ويتدخلون في ملابسه، ويفرضون عليك ماذا تلبس ويعرونك من ملابسك.. فماذا تركوا للإنسان؟».

واعتبر أن دعوته للجهاد ضد سويسرا لا علاقة لها بالمشكلة بين طرابلس الغرب وبرن، «بل هي موضوع قانون آخر»، مضيفا: «ما دام أن سويسرا تهدم المساجد فهي أعلنت الحرب على الإسلام»، في إشارة إلى استفتاء سويسري جرى نهاية العام الماضي أيد حظر بناء مآذن جديدة هناك.

وفى شأن آخر، كشف الزعيم الليبي العقيد القذافي النقاب للمرة الأولى عن أنه طلب من الدكتور خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة الموجود حاليا في الأراضي الليبية بعدما تقطعت به السبل وطردته تشاد وحالت دون دخوله إقليم دارفور المضطرب منذ سنوات بغرب السودان، أن يمتنع عن الإدلاء بأية تعليقات أو إجراء مقابلات إعلامية تضر بالعملية السلمية في دارفور.

ودعا القذافي، الدكتور إبراهيم إلى العودة إلى محادثات السلام التي ترعاها قطر، وأكد أن بلاده أبلغت إبراهيم بأن عليه ألا يفعل شيئا من شأنه عرقلة تلك المحادثات، وأضاف: «أدعو خليل للانضمام لمفاوضات الدوحة لأنه لا يوجد خيار آخر غير الدخول في عملية السلام».

وتابع القذافي: «لا شك هذه أول مرة تحصل. ليس لديه ترخيص أن يمشي إلى أي دولة. حجزنا منه كل الجوازات الخاصة به. إحنا طبعا قلنا له نرجوك لا تصدر أوامر وممنوع تعمل تصريحات أو اتصالات إلا إذا كان لشيء لمصلحة السلام وإلقاء السلاح، لكن جماعته تقاتل في دارفور بينما هو موجود في ليبيا ومن حق أي شخص أن يربط بين الموقفين».

وقال القذافي إن «كل الأشقاء في السودان وتشاد» محقون في أن يشعروا بحساسية في هذا الشأن، وتابع: «طلبنا من الأخ خليل ونحن طرف مهم في الوساطة من أجل السلام في دارفور: لا تفعل أي حاجة تشوه الدور الليبي كوسيط».

واستطرد قائلا: «لا أحمي أي طرف ضد طرف آخر ودوري ليس حماية أي كان، بل إجراء مصالحة بين كل الأطراف». وكشف النقاب عن أن الرئيس التشادي إدريس ديبي «التقى» خليل إبراهيم في ليبيا ولكنه لم يكشف المزيد من التفاصيل.

وأعلن القذافي معارضته للمحكمة الجنائية الدولية التي تسعى لمحاكمة حليفه الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية وجرائم حرب في دارفور، وقال: «لا نعترف بهذه المحكمة لأنها أداة جديدة للاستعمار والإرهاب الدولي»، مضيفا: «قبْل البشير المفروض عدد من قادة الغرب والإسرائيليين وأميركا وبريطانيا يكونوا في قفص الاتهام».

وانتقد القذافي مجددا «الاتحاد من أجل المتوسط» الذي تقوده فرنسا، وقال: «لم أكن متحمسا لهذا الاتحاد، ولكن الاتحاد يضم الدول المطلة على البحر المتوسط، وهو مقصور على دول القارتين الأفريقية والأوروبية، ويصبح حلقة وصل وتعاون بين القارتين».

لكن القذافي قال إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد غلب على أمره بسبب مستشارة ألمانيا أنجلينا ميركل، وأضاف: «ساركوزي غلب على أمره وتغلبت عليه مستشارة ألمانيا ولم تسمح له وجلبت كل أوروبا للمتوسط. قلنا (...) نجيب كل أفريقيا للمتوسط، فقال لا الدول المطلة على البحر المتوسط، فقلت لا نقبل هذا».

ودعا القذافي إلى إضافة مصر واليونان إلى مجموعة «5+5» من أجل تعزيز التعاون المتوسطي، وشدد على أن «الاتحاد من أجل المتوسط» ولد ميتا، كما سخر القذافي من الاحتفالات التي أقيمت في فرنسا مؤخرا للاحتفال باستقلال الدول التي كانت تستعمرها فرنسا في السابق، لافتا إلى أن المغرب وتونس والجزائر لم تشارك في هذه الاحتفالات.

وفي ما يخص قضية الصحراء، رأى القذافي أن الحل الوحيد يكمن في إجراء الاستفتاء، وقال: «لا حل إلا الاستفتاء، وستدفع الدول أو الأطراف المعارضة له ثمنا لهذه المعارضة»، معتبرا أنه لا ينبغي أن ينزعج المغرب من هذا الطرح.

ومضى إلى القول: «الملك الحسن الثاني (العاهل المغربي الراحل) كان متفقا معنا في الاستفتاء وتناقشنا فيه»، مشيرا إلى أن جبهة البوليساريو ترفض فكرة الحكم الذاتي التي تطرحها الرباط.

ورأى الزعيم الليبي الذي يترأس الدورة الحالية للقمة العربية، أن المجموعة العربية هي أسوأ مجموعة في الاتحاد الأفريقي، مضيفا: «رجل في الجامعة العربية والأخرى في الاتحاد الأفريقي، وموقعون على الاتحاد من أجل المتوسط، هم عرب يشعرون بانتمائهم للمشرق أكثر من أفريقيا أو أعضاء في الجامعة العربية وقضيتهم فلسطين».

وعن التعاون الإقليمي لمكافحة تنظيم «القاعدة دول المغرب الإسلامي»، قلل القذافي من أهمية هذا التنظيم، وقال: «ما هو تنظيم، هذه دعايات يقولونها ويصدقونها، ليس هناك مغرب إسلامي وليس هناك حركة. هي مجموعات إرهابية مثل (الأولية الحمراء) في إيطاليا، تمارس التفجير أو خطف الرهائن، وهى عمليات لا يقرها أي دين». وأضاف: «هذه جماعات ليس لها برنامج، وحتى بن لادن بريء منهم، وهم ينسبون أنفسهم له. أعتقد أن بن لادن راجل عاقل أو شيخ أو فقيه أحيانا يطرح الهدنة والسلام، ولا أعتقد أنه إذا كان هكذا يقبل بعصابات الموت».

كما تناول القذافي الأسباب التي أفرغت الاتحاد الأفريقي من محتواه، مجددا دعوته لإنشاء «الولايات الأفريقية المتحدة». وانتقد الهجمات الأخيرة التي شهدتها كمبالا التي تبنتها «حركة الشباب» الصومالية المتمردة في الصومال.