بلير: أتفهم مخاوف الفلسطينيين من عدم الذهاب إلى المفاوضات المباشرة.. والمصالحة ستسهل رفع الحصار

قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: إن الدولة ليست مجرد اتفاق على القدس والحدود.. ويجب أن تعلن بالتفاهم

توني بلير خلال حديثه لـ «الشرق الاوسط» في رام الله أمس(«الشرق الاوسط»)
TT

لم أستطع لقاء مبعوث الرباعية الدولية توني بلير في مقره بالقدس المحتلة، فأمثالي من الصحافيين وغير الصحافيين الفلسطينيين في الضفة الغربية محرومون من دخول المدينة المقدسة لأسباب أمنية وغير أمنية إسرائيلية، لذا تم اللقاء في مقر مجلس رئاسة الوزراء في رام الله، بناء على طلبه. كان قد أنهى اجتماعا مع رئيس الوزراء سلام فياض، وجاء إلى قاعة اجتماع الوزراء مع حشد من مساعديه الذين اقترحوا عليه الجلوس على كرسي فياض، ففعل بعد أن تردد قليلا. تركز حديث بلير على الاقتصاد وعند محاولة جره إلى الملف السياسي قال إنه من اختصاص مبعوث السلام الأميركي جورج ميتشل، لكنه قال إنه يتفهم مخاوف الفلسطينيين من عدم الذهاب إلى مفاوضات مباشرة، وتعهد بإدخال أضعاف البضائع إلى قطاع غزة خلال أسابيع. وأضاف أن رفع الحصار نهائيا ممكن أن يتم فعلا وسيسهله التوصل إلى اتفاق مصالحة فلسطينية، معتبرا أن وجود حركة حماس مع اتفاق واضح لا يعارض السلام سيساعد في الجهود المبذولة في المنطقة. وفي ما يلي نص الحوار:

* كمبعوث للرباعية الدولية منذ 2007، ما الذي حققته بمجيئك إلى المنطقة حتى الآن ويمكن الإشارة إليه؟

- أهم شيء هو دعم السلطة في بناء مؤسسات الدولة من الأسفل إلى الأعلى، الآن يعملون على الأمن والوضع تحسن.. الاقتصاد أيضا تحسن كثيرا بنسبة نمو بلغت 10 في المائة في العام الماضي، وانخفضت البطالة (في الضفة الغربية) من 24 في المائة إلى 14 في المائة. كذلك هناك التغيير في السياسة التي حصلت في غزة، وهذا مهم. وبالتالي فإن الشيء الأكبر الذي أستطيع أن أشير إليه هو أننا استطعنا أن نجذب المانحين لدعم السلطة.. وهذه الأموال تم استخدامها لبناء المؤسسات للدولة الفلسطينية.

* تتحدث عن الاقتصاد كثيرا.. ويعتقد الفلسطينيون أن إسرائيل أغرقتك في المسائل الاقتصادية على حساب السياسية! - أنا أعتقد أن هناك 3 أشياء يجب أن تسير معا في الوقت نفسه، الاقتصاد والأمن والسياسة ولا يمكن فصلها عن بعض، أما بالنسبة إلى الاقتصاد فيجب الدخول في تفاصيل الاقتصاد مثل رفع حواجز وبناء مشاريع محددة لأن هذا في المجمل يساعد في القضايا السياسية. أنا لا أقوم بمتابعة الملف السياسي، هذا من اختصاص ومهام جورج ميتشل، لكن السير في تفاصيل الاقتصاد سيساعد في المسار السياسي.

* لكن الفلسطينيين يريدون من الرباعية دورا سياسيا ضاغطا وأكبر.. هل ستبقون تعملون في الاقتصاد؟

- أنا لا أركز فقط على الاقتصاد لكن عندما نركز على نجاح أمور مثل مؤتمر الاستثمار أو مشاريع كبرى مثل مدينة روابي (مدنية نموذجية يجري بناؤها قرب رام الله) التي نتفاوض مع الإسرائيليين من أجل إقامتها.. فهذا أيضا مهم ويدعم.

نحن نعمل كذلك على المسار السياسي، نحن ندعم ونحاول في اتجاه الدخول إلى مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، من أجل الوصول إلى حل الدولتين، لكن يجب العمل على هذين المسارين معا، أي بناء من الأسفل إلى الأعلى ومفاوضات من الأعلى إلى الأسفل.

* أنت تقول إن الاقتصاد يدعم السياسة، لكن لا نرى ذلك على الأرض فيما يخص السلام، كل شيء متعثر! - آمل وأؤمن أنه يجب الدخول إلى مفاوضات مباشرة من أجل الوصول إلى حل الدولتين، وآمل أن يحصل ذلك في الأسابيع القليلة الماضية، لكن القضية أن الدولة الفلسطينية ليست اتفاقا بين الطرفين على مواضيع القدس والأرض، ولكن ما يحصل في داخل هذا القطاع من الأرض هو مهم أيضا، إذا كان هناك اقتصاد قوي فهذا يساعد في الوصول إلى الدولة، إذا كان الفلسطينيون يقومون بالأمن بطريقة جيدة وبتطبيق القانون فسيساعد هذا في الوصول إلى الدولة، إذا كانوا يستثمرون في الصحة والتعليم فسيساعد هذا في بناء هذه الدولة.

المفاوضات كمفاوضات سياسية هي من اختصاص جورج ميتشل، ولكن يجب عن طريق دعم الاقتصاد، أن نخلق الظروف عبر البناء من الأسفل إلى الأعلى من أجل المساعدة. على سبيل المثال عندما يقوم الفلسطينيون بتنظيم حدث مهم مثل مؤتمر الاستثمار الفلسطيني وخلال هذا يتم توقيع عقد لإقراض العقار للفلسطينيين ويتم بناء منازل، هذا سيعطي الناس الأمل وسيعطيهم رؤية واضحة للدولة القادمة.. رؤيتي أنا أن الاقتصاد وحده لا يكفي ولكنه يدعم المجال السياسي.

* أنت قلت إنه يجب الذهاب إلى مفاوضات مباشرة، الفلسطينيون يقولون للإسرائيليين أوقفوا الاستيطان أولا وتعالوا نبدأ من حيث انتهينا، إذن من يعوق المفاوضات من وجهة نظرك؟

- أنا أعتقد أن المفاوضات يجب أن تكون ذات مصداقية، أتفهم الموقف الفلسطيني والتخوفات الفلسطينية، هم يريدون الدخول في مفاوضات من أجل الوصول إلى اتفاق، وهذا ما نريده أيضا. النقطة التي أركز عليها أن المفاوضات يجب أن تكون ذات مصداقية، ونحن نعمل على أن تكون ذات مصداقية.

* تحدثت مؤخرا عن تغيير في سياسة الحصار على غزة، لكنهم هناك يقولون إنه لا شيء تغير حتى الآن، هل لمست أنت تغييرا بالفعل؟

- هل هناك تغير.. نعم. هل هذا التغير هو الذي نصبو إليه ونحتاج إليه.. لا. هناك الآن أضعاف المواد تدخل إلى غزة من حيث النوعيات والحجم، ولكن يجب أيضا أن نضاعف هذا الضعف في الأسابيع القادمة. ما نحتاج إليه أيضا هو دعم العمل هناك ودعم المشاريع الخاصة بإعادة الإعمار وحرية التنقل للمواطنين.

* السلطة وحماس رفضتا تخفيف الحصار، تريدان رفعه نهائيا.. هل هذا ممكن في رأيك؟.. ومتى؟

- من الممكن أن يتم رفعه باستثناء السلاح والمواد المتفجرة. هذا ما نعمل عليه وسيكون من السهل أن يتم رفعه إذا كانت هناك أرضية للمصالحة.

* حتى مع بقاء حماس؟

- إذا ما كانت هناك قواعد للمصالحة تدعم عملية السلام فإن وجود حماس سيكون مساعدا وداعما لجميع هذه الجهود. هناك 3 أشياء نعمل عليها وأنا شخصيا أعمل عليها، وهي أن تكون هناك مفاوضات مباشرة ذات مصداقية، وأن يكون هناك تقدم أكبر في الضفة الغربية في هذا الاتجاه وأكثر، وأن يكون هناك تغيير كبير في الوضع القائم في القطاع.

* بخصوص المفاوضات المباشرة، هل لديك معلومات واضحة عما إذا كان الفلسطينيون سيذهبون فعلا إليها الشهر القادم.. رغم إصرارهم حتى اليوم على القول «لا»؟

- لا توجد لدي معلومات داخلية عن سؤالك هذا، لكن ما أنا متأكد منه أنهم يريدون الذهاب إلى مفاوضات مباشرة لكنهم يريدون الذهاب على قاعدة ذات مصداقية، وتشير إلى حل الدولتين.

* وهل هناك خطة أو إطار سلام جديد أو عرض أميركي ما قادم؟

- هناك نقاش معمق بين الولايات المتحدة واللجنة الرباعية وإسرائيل والفلسطينيين حول ما الذي يمكن عمله من أجل أن نحيل هذه المفاوضات إلى مفاوضات ذات مصداقية، الفلسطينيون يريدون أن تكون جدية وإذا كانت كذلك فسوف يذهبون، أما إذا كانت هذه محادثات من أجل المحادثات بلا نهاية فلن يذهبوا، وهذا ما نعمل عليه الآن أن تكون هناك مفاوضات جدية ذات مصداقية.

* بعيدا عن ذلك، هناك خطط لإعلان الدولة منتصف العام القادم، هل توافقون على إعلانها من طرف واحد؟

- إننا نحاول أن نعمل على التوصل إلى الدولة الفلسطينية عبر الاتفاق، وفي هذه اللحظات يجب الدعم في هذا الاتجاه، وبالحصول على هذه الاتفاقية ستكون الحياة أفضل.

* ألم تيأس من المنطقة ومن الحل؟! - لا لا.. وسأبقى متفائلا.. أنا أحب هذه المنطقة (علق مازحا).. ربما أكون مجنونا!