كرزاي يريد تولي الأفغان مسؤولية أمنهم بحلول عام 2014

حلف شمال الأطلسي: القوات الدولية ستظل باقية حتى بعد الفترة الانتقالية * مؤتمر كابل يدعم خطة المصالحة مع طالبان

الرئيس الافغاني حميد كرزاي مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في جولة بسوق الحرف اليدوية في العاصمة كابل أمس (أ. ف. ب )
TT

أكد الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمس في المؤتمر الدولي المنعقد في كابل «إصراره» على أن تتولى حكومته مسؤولية أمن البلاد بحلول 2014، كما طالب بإشراف أكبر على نفقات المساعدة الدولية. وقال كرزاي في خطابه الافتتاحي أمام ممثلي أكثر من سبعين دولة مانحة ومنظمات دولية: «ما زلت مصمما على أن تكون قواتنا الأمنية الوطنية الأفغانية مسؤولة عن جميع العمليات العسكرية والأمنية في البلاد بحلول عام 2014».

وعبر الرئيس الأفغاني عن أمله في التوصل «خلال الأشهر المقبلة» إلى «اتفاق حول إجراءات هذا الانتقال مع حلفائنا الدوليين». ورحب كرزاي بـ«التقدم» الذي أحرزته - على حد قوله - القوات الأمنية الأفغانية بمكوناتها الثلاثة، الجيش والشرطة والاستخبارات. وأوضح أن «هدفنا هو تحويل هذه المكونات الثلاثة إلى مؤسسات وطنية جديرة بالثقة» قادرة على «ضمان الأمن ووحدة وسلامة البلاد».

وينتشر حاليا نحو 140 ألف جندي من القوات الدولية، ثلثهم من الأميركيين، في أفغانستان لدعم القوات الأفغانية في مواجهة تمرد طالبان، التي لم تكفّ عن تحقيق مكاسب على الأرض منذ أربع سنوات. وأشارت وثيقة تحضيرية أعدت في 17 يوليو (تموز) وحصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منها، إلى أن المجتمع الدولي يدعم البرنامج الزمني لرفع قدرات الجيش والشرطة بحلول نهاية 2014. ففي ذلك التاريخ يتعين على القوات الأمنية الأفغانية تسلم مسؤولية الأمن لتحل مكان القوات الدولية في جميع ولايات البلاد. ولم توضح الوثيقة التحضيرية ما إذا كان مقررا انسحاب القوات الأجنبية في 2014. وقد حدد الرئيس الأميركي باراك أوباما بدء انسحاب القوات الأميركية في يوليو 2011. وأعلن الأمين العام للحلف الأطلسي أندرس فوغ راسموسن من جهته أن القوات الدولية ستبقى في أفغانستان بعد الفترة الانتقالية لتقوم بـ«دور مساند» للقوات الأمنية الأفغانية. من جهتها اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون العملية الانتقالية «مهمة جدا بحيث لا يمكن تأجيلها إلى ما لا نهاية». وأضافت كلينتون في خطابها أمام المؤتمر: «إن هذا الموعد هو بداية مرحلة جديدة وليس نهاية تدخلنا»، مؤكدة: «ليس لدينا أي نية في التخلي عن مهمتنا الطويلة الأمد الرامية إلى (قيام) أفغانستان مستقرة، آمنة وسلمية».

وحثت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أفغانستان وشركاءها الدوليين أمس على مضاعفة الجهود لإعادة بناء الدولة حتى ينجحوا في حربهم ضد طالبان. وقالت كلينتون إن الموعد الذي حدده الرئيس الأميركي باراك أوباما لبدء سحب القوات الأميركية من أفغانستان بحلول يوليو عام 2011 يبرز أهمية نقل مزيد من المسؤوليات الأمنية لحكومة الرئيس الأفغاني كرزاي. وأضافت: «تاريخ يوليو 2011 يضرب على وتر إحساسنا بالإلحاح وقوة العزيمة. العملية الانتقالية مهمة للغاية بما لا يسمح بتأجيلها إلى أجل غير مسمى، كما أن هناك شكوكا حول قدرة الحكومة الأفغانية على أن تدير بشكل سليم مليارات الدولارات المخصصة للتنمية، التي يريد الرئيس الأفغاني حميد كرزاي تولي سيطرة أكبر عليها».

وتعرض الحكومة الأفغانية في المؤتمر رؤية موسعة تشمل تعهدات في خمسة مجالات، هي: التمويل والقانون والحوكمة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسلام والمصالحة والأمن والعلاقات الدولية. ويتوقع أن يرتفع عدد القوات الأفغانية في السنوات المقبلة إلى جانب السعي لإعادة إدماج عناصر طالبان في المجتمعات المحلية. ويتراجع التأييد الشعبي في الغرب للحرب في أفغانستان بعد نحو تسع سنوات من المعارك وفي وقت تسجل فيه قوات التحالف خسائر غير مسبوقة. وأكدت كلينتون: «لقد أحرزنا تقدما» قبل أن تذكر حكومة الرئيس حميد كرزاي بأنه ما زال هناك «الكثير من العمل» للقيام به بدءا بمحاربة الفساد. وأشارت كلينتون أيضا إلى «تقدم إيجابي» في العملية الرامية إلى استيعاب «المتمردين المستعدين للسلام»، وهي خطة كانت الولايات المتحدة حذرة بشأنها لفترة طويلة قبل أن تنضم إليها تدريجيا. وقالت إن التقدم سيكون ممكنا في حال وافق المتمردون على «إعادة إدماجهم والمصالحة من خلال نبذ العنف والقاعدة (المتحالفة مع طالبان) والموافقة على احترام الدستور وقوانين أفغانستان».

إلى ذلك قال كرزاي إن المجتمع الدولي وعد بما يكفي من المال على مدى السنوات الثلاث المقبلة، داعيا إلى إشراف حكومي أكبر على المساعدات الدولية. وأكد كرزاي: «إننا مرتاحون لالتزام المجتمع الدولي والولايات المتحدة خصوصا بتمرير 50% من المساعدات عبر الميزانية الأفغانية في السنتين المقبلتين». ومنذ بدء التدخل العسكري الدولي أواخر 2001 مرت 20% فقط من نحو 40 مليار دولار من المساعدات الموعودة عبر القنوات الحكومية المتهمة غالبا بأن الفساد ينخرها. ودعا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، في خطابه أمام المؤتمر، الأفغان للتحلي بـ«الشجاعة» لـ«صنع السلام» مع «أعداء الأمس»، في وقت تمد فيه الحكومة وحلفاؤها الدوليون اليد إلى طالبان. وأكد المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة أمس في البيان الختامي لمؤتمر كابل دعمه لـ«خطة المصالحة» مع طالبان التي أطلقها الرئيس كرزاي. وكتب ممثلو سبعين دولة مانحة ومنظمات دولية مجتمعون في كابل أن «المشاركين يرحبون ويدعمون مبدأ البرنامج من أجل السلام والمصالحة في أفغانستان، المفتوح أمام جميع الأفغان في المعارضة المسلحة، الذين ينبذون العنف وليسوا مرتبطين بمنظمات إرهابية دولية ويحترمون الدستور». وعرضت الحكومة الأفغانية أمس رؤية موسعة تشمل تعهدات لشعبها وللمجتمع الدولي في خمسة مجالات، هي: التمويل والقانون ورشاد الحكم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسلام والمصالحة والأمن والعلاقات الدولية. ويقول بعض المحللين والدبلوماسيين إن هذه الرؤية مسرفة في الأمل مقلة في التفاصيل، لكن الجميع يتفقون على أنها تأتي في وقت حاسم بالنسبة إلى أفغانستان. ومن أبرز نقاط هذه الرؤية الأفغانية:

- مطالبة الجهات المانحة بزيادة المساعدات المقدمة من خلال القنوات الحكومية من 20 في المائة حاليا إلى 50 في المائة، مع التعهد في المقابل بتحسين سبل المحاسبة وتشديد الملاحقة القضائية للمسؤولين المشتبه بضلوعهم في قضايا الكسب غير المشروع والفساد أمام محاكم خاصة.

- زيادة عدد أفراد الجيش إلى أكثر من 170 ألفا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) 2011 وأفراد الشرطة الوطنية إلى 134 ألفا، علاوة على تشكيل قوة شرطة محلية جديدة في المناطق غير الآمنة.

- تطبيق برنامج يهدف إلى إعادة دمج ما يصل إلى 36 ألف مقاتل سابق في المجتمع على مدى خمسة أعوام.

- زيادة جمع الإيرادات المحلية إلى 9.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول مارس (آذار) من العام المقبل.

وأظهر استطلاع حديث للرأي أن 74 في المائة من الأفغان يعتقدون أن العمل مع القوات الأجنبية خطأ. ويريد 65 في المائة أن تنضم طالبان وزعيمها الملا محمد عمر إلى الحكومة. وفي الغرب تظهر استطلاعات الرأي دوما أن المواطنين يريدون من حكوماتهم الخروج من أفغانستان في أقرب وقت ممكن. وكان المبعوث الأميركي ريتشارد هولبروك أعلن مطلع يونيو (حزيران) أن الموضوع سيناقش بالتفصيل أثناء المؤتمر، مطالبا الحكومة الأفغانية بضمانات حول استخدام نحو مائتي مليون دولار (165 مليون يورو) موعود بها لتمويل هذه الخطة.

لكن طالبان التي تفسر أي حديث عن جداول زمنية للانسحاب على أنه علامة ضعف، رفضت أي مبادرات سلمية وتصر على القتال حتى انسحاب كل الأجانب.