المقرحي و«بي بي» يطغيان على مباحثات أوباما ـ كاميرون الأولى في واشنطن

رئيس الوزراء البريطاني يخضع للضغوط الأميركية ويطلب من حكومته البحث في نشر وثائق حول مدان لوكربي

الرئيس الأميركي لدى استقباله رئيس الوزراء البريطاني في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
TT

طغى موضوع بئر شركة «بي بي» البريطانية الذي انفجر في خليج المكسيك على أول لقاء ثنائي بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في واشنطن أمس. وخضع كاميرون للضغوط الأميركية المطالبة بفتح تحقيق حول إطلاق سراح عبد الباسط المقرحي الذي أدين بتفجير طائرة لوكربي، وقال إنه طلب من سكرتير الحكومة غاس أودونيل البحث في ما إذا كان يجب نشر وثائق جديدة حول المقرحي. ويسود اعتقاد بأن الحكومة البريطانية السابقة وافقت على إطلاق المقرحي بعد ضغوط من شركة «بي بي» التي أرادت الحصول على عقد تنقيب عن النفط في ليبيا.

وكان كاميرون قد صرح قبل أيام أن إطلاق المقرحي كان خطأ، وكرر ذلك مجددا أمس، وقال إن الرجل الذي تعتبره أميركا إرهابيا، كان يجب أن يموت في السجن. وأطلقت محكمة في أسكوتلندا المقرحي لأسباب إنسانية، وقالت إنه يعاني من السرطان وإنه في مراحله الأخيرة.

ودافع وزير العدل الأسكوتلندي عن قراره الذي أصدره عام 2009 بإطلاق سراح المقرحي. وقال كيني ماكسكيل لشبكة «بي بي سي»: «لا زلت مؤمنا بقراري. لقد فكرت واتبعت التعليمات والتشريعات الأسكوتلندية واحترمت القيم والقناعات التي نسعى إلى اتباعها كشعب أسكوتلندي».

وقد حكم على المقرحي عام 2001 بالسجن مدى الحياة لإدانته في اعتداء لوكربي الذي أودى عام 1988 بحياة 270 شخصا معظمهم من الأميركيين. وقد أثار القضاء الأسكوتلندي غضب الولايات المتحدة بالإفراج عام 2009 عن المقرحي لأسباب إنسانية لإصابته بسرطان في مرحلة متقدمة. إلا أن خبير الأمراض السرطانية الذي توقع ألا يعيش المقرحي أكثر من ثلاثة أشهر اعتبر مؤخرا أنه يمكن أن يعيش عشر سنوات أو أكثر.

وعادت القضية إلى الظهور في الأيام الأخيرة مع اتهام مجموعة «بريتيش بتروليوم»، التي تسببت في البقعة النفطية التي تلوث السواحل الأميركية في خليج المكسيك، بالضغط على السلطات البريطانية للإفراج عن المقرحي مقابل الحصول على عقد امتياز نفطي أمام سواحل ليبيا.

وكررت المجموعة موقفها يوم الجمعة مؤكدة أنها مارست ضغوطا على لندن للإسراع في إبرام اتفاق لنقل السجناء مع ليبيا لتسهيل حصولها على عقود في هذا البلد، مؤكدة في المقابل أنها لم تصر تحديدا على حالة المقرحي.

وأشار صحافيون بريطانيون مرافقون لرئيس الوزراء إلى «تململ» بريطاني من أن الأميركيين ضغطوا على شركة «بي بي» أكثر مما يجب، وأن أوباما، خاصة، يريد استغلال انفجار البئر لأسباب سياسية حتى لا يتهم بالتقصير، مثلما اتهم الرئيس السابق بوش الابن بأنه قصر في مواجهة إعصار «كاترينا»، ودفع ثمن ذلك سياسيا. وأن أوباما يريد أن يفوز بالرئاسة مرة ثانية، عام 2012، ولذلك تعمد الإشارة إلى أن اسم «بي بي» يشير إلى «شركة البترول البريطانية»، وأنه يضع حذاءه على رقبتها لإجبارها على تنظيف آثار الانفجار، وتعويض الذين تأثروا به.

وناقش الرجلان بالإضافة إلى «بي بي»، مشكلة أفغانستان. وكان كاميرون أعلن أن القوات البريطانية ستنسحب من هناك مع حلول عام 2015. وقبل يوم من لقاء أوباما وكاميرون، أعلن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أن عام 2014 سيشهد سيطرة القوات الأفغانية على الوضع في أفغانستان، مما فهم منه أنه يريد إنهاء الوجود العسكري الأجنبي في ذلك العام.

وبالنسبة لأوباما، فعلى الرغم من أنه أعلن أن السنة القادمة ستشهد بداية الانسحاب الأميركي، فإن نائبه جوزيف بايدن ظهر في التلفزيون يوم الأحد وقال إن الانسحاب ربما سيكون «بضعة آلاف» فقط.

وفي لقاء كاميرون مع أعضاء الكونغرس، وعن موضوع أفغانستان، سمع من قادة في الحزبين الجمهوري والديمقراطي أنهم قلقون من مستقبل الحرب.

قبل أسبوعين، قال مارك ستيل، رئيس الحزب الجمهوري، إن حرب أفغانستان «صارت حرب أوباما»، وإن أوباما كان يقدر على أن يوقفها عندما صار رئيسا قبل سنة ونصف السنة. لكن، قال آخرون في قيادة الحزب الجمهوري إنهم يؤيدون أوباما.

وقال خبراء وصحافيون في واشنطن إن كاميرون وجد أن قادة الحزبين الديمقراطي والجمهوري متفقون على تحميل شركة «بي بي» نتائج انفجار بئرها، لكنهم مختلفون في مستقبل الحرب في أفغانستان. وإن سبب ذلك هو وجود جناح قوي في الحزب الديمقراطي يتهم أوباما بأنه لم يوف بوعده خلال الحملة الانتخابية بإنهاء الحرب في أفغانستان.

وخلال لقاء كاميرون مع أعضاء الكونغرس، ظهر موضوع شرق أوسطي له صلة بشركة «بي بي». وهو اتهامات داخل الكونغرس بأن الشركة لعبت دورا في إطلاق سراح عبد الباسط المقرحي، الليبي الذي أدين في تحقيقات انفجار طائرة «بان آم» فوق لوكربي في أسكوتلندا سنة 1988.

وقال متحدث باسم السفارة البريطانية في واشنطن أمس إن كاميرون «يفهم جيدا الأحاسيس الأميركية القوية» عن موضوع لوكربي، وإن السفارة «تشعر بأحاسيس عاطفية» نحو عائلات ضحايا الانفجار. ويقود بعضهم الحملة ضد شركة «بي بي».

لكن، صار واضحا أن أربعة سناتورات من ولايتي نيويورك ونيوجيرسي يقودون الحملة في الكونغرس ضد «بي بي» وأيضا، طلبت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، من وزارة الخارجية البريطانية التحقيق في دور شركة «بي بي».

وقالت صحيفة «يو إس إيه توداي» إن «شابين ربما سيقدران على تقريب جانبي البحيرة» (إشارة إلى المحيط الأطلسي، رمزا للعلاقات التاريخية القوية بين البلدين). وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى «تقارب في العمر، على الرغم من اختلاف في النهج» (عمر أوباما 48 سنة، وعمر كاميرون 43 سنة)، لكن أوباما ينتمي إلى الجناح الليبرالي في الحزب الديمقراطي وكاميرون من حزب المحافظين. وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن كاميرون، مثل رئيس الوزراء قبله براون، «لن يقدرا على منافسة شعبية توني بلير وسط الأميركيين».