الاتحاد الأوروبي يتفق على عقوبات صارمة ضد إيران تشمل 41 شخصا و75 مؤسسة

تتضمن منع الطيران غير التجاري وحظر فتح أفرع للبنوك ومراقبة أي تحويلات مالية تتجاوز 35 ألف يورو

رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني يغادر المنصة بعد إلقائه خطابا في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر رؤساء برلمانات العالم الثالث في المقر الأوروبي للأمم المتحدة بجنيف (إ.ب.أ)
TT

بعد مباحثات مكثفة مع واشنطن، أعلن دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيتبنون الأسبوع المقبل عقوبات إضافية أكثر صرامة على إيران تمنع عمليا كل الاستثمارات الأوروبية عن الاقتصاد الإيراني، وتشمل العقوبات الأوروبية 41 شخصا ونحو 75 مؤسسة وبنك وشركة بعضها يتبع مباشرة للحرس الثوري الإيراني، والآخر على علاقة عمل به.

وتهدف العقوبات الإضافية الأوروبية بشكل خاص إلى منع استثمارات النفط والغاز الأوروبية عن إيران وتشديد الرقابة على السفن والطائرات الإيرانية، ومراقبة التحويلات المالية والأعمال البنكية لإيران، وذلك لتعزيز الضغوط على الحكومة الإيرانية لدفعها دفعا لطاولة التفاوض مع الغرب.

وتتضمن مسودة العقوبات حظر بيع أي معدات تدخل في صناعة الصواريخ أو التكنولوجيا النووية، كما تتضمن حظر بيع أو نقل تكنولوجيا أو معدات التنقيب واستخراج الغاز أو النفط في إيران، وتحظر على الشركات الأوروبية تمويل أو المساعدة في تمويل استثمارات النفط أو الغاز الإيراني. أيضا تتضمن المسودة بندا يشير إلى «إجراء مراقبة أوروبية لصيقة للبنوك الإيرانية التي تعمل على أراضيها». وتوضح مسودة العقوبات أن أي تحويل مالي بمبلغ يفوق 35 ألف يورو، أي نحو 45 ألف دولار، يجب أن يحصل إلى موافقة رسمية أولا من الحكومة الأوروبية التي يقع البنك على أراضيها. كذلك يتضمن مشروع قرار العقوبات منع البنوك الإيرانية من فتح أي فروع جديدة لها في دول الاتحاد الأوروبي الـ27. أيضا بموجب العقوبات يحظر على الشركات الأوروبية تزويد الشركات الإيرانية أو أي شركات عاملة مع شركات إيرانية بخدمات تأمينية داخل أوروبا. أما فيما يتعلق بقطاع النقل الإيراني، فإن العقوبات المقترحة تشمل حظر أي طائرات إيرانية أو طائرات تشغلها إيران، وذلك باستثناء شركات الطيران المدنية التجارية التي تحمل مسافرين. وتشمل العقوبات 41 اسما إيرانيا وضعوا على لائحة سوداء، بما يعني أنهم ممنوعون من السفر وإذا كانت لهم أرصدة في أوروبا فإن أرصدتهم تجمد، ومن هؤلاء علي أكبر أحمديان أحد كبار المسؤولين في الحرس الثوري، ومرتضى صفاري أحد قادة البحرية بالحرس الثوري، وحسين سلامي قائد سلاح الجو بالحرس الثوري.

وتعد مسودة العقوبات الأوروبية أشد بكثير من قرار عقوبات مجلس الأمن الذي أقر في 10 يونيو (حزيران) الماضي والذي لم يتطرق إلى قطاعي النفط والغاز في إيران بسبب معارضة روسيا والصين. وفي حالة إقرار تلك العقوبات الأوروبية، وهو الشيء المتوقع خلال أيام، فإن تلك العقوبات، إضافة إلى العقوبات الأميركية أحادية الجانب التي أقرها الكونغرس سيشكلان معا أقوى حزمة عقوبات فرضت على إيران بسبب برنامجها النووي، ويمكن معا أن يؤثرا بشكل فعلي على قدرة إيران على الحركة في المجال الاقتصادي العالمي. وعلى الرغم من أن إيران تحاول أن تقلل من تأثير العقوبات عليها وعلى برنامجها النووي بالذات، فإن تخلي شركة «خاتم الأنبياء» الذراع الاقتصادية للحرس الثوري عن تطوير مشروع بعض مراحل حقل غاز «بارس الجنوبي» يشير ربما إلى الصعوبات المالية المتزايدة أمام الحرس الثوري.

وقال مسؤول غربي مطلع في بروكسل إن حزمة العقوبات الأوروبية تهدف إلى ضمان أن تجد إيران «الطريق لتطوير برنامج نووي ذي أغراض عسكرية مسألة صعبة جدا.. وتكلفتها باهظة على الصعيدين السياسي والاقتصادي». وأوضح المسؤول الغربي لـ«الشرق الأوسط» أن التفاوض حول مسودة العقوبات الإضافية أخذ وقتا طويلا بسبب العلاقات الاقتصادية الممتدة التي تربط الكثير من الدول الأوروبية بإيران. وتابع: «أوروبا أكبر شريك تجاري لإيران، ورسالتنا هي أنه لاستمرار تلك العلاقة يجب أن تظهر إيران شفافية، لم تظهرها حتى الآن في برنامجها النووي». وفيما يتوقع أن ترد إيران بعنف على العقوبات الأوروبية الجديدة، فإن المسؤول الغربي يرى أنها «الحل الأخير» بيد أوروبا، موضحا: «الجميع متفق على عدم السماح بتحول إيران لدولة نووية، والشيء الذي يمكن القيام به في هذا الصدد هو جعل العقوبات الدولية قوية بما فيه الكفاية لتحقيق ذلك الغرض».

لكن كما تتضمن مسودة العقوبات الأوروبية إجراءات جديدة مشددة تحاصر إيران اقتصاديا وتجعل عملها في الاقتصاد العالمي مسألة معقدة جدا. يتضمن قرار الاتحاد الأوروبي أيضا دعوة طهران لاستئناف المحادثات مع مجموعة 5+1. وجاء في مسودة الإعلان أن الوزراء الأوروبيين الذين سيجتمعون في بروكسل يوم الاثنين المقبل سوف يقرون العقوبات الجديدة «بما يتوافق مع إعلان المجلس الأوروبي الصادر في 17 يونيو» في إشارة إلى قرار اتخذه زعماء الاتحاد خلال اجتماع قمة تضمن الموافقة المبدئية على تعزيز العقوبات.

وأوضحت مسودة العقوبات المقترحة أنه تم تبني هذه الإجراءات «بهدف حسم كل المخاوف البارزة المتصلة بتطوير إيران لتكنولوجيات حساسة لتعزيز برنامجيها النووي والصاروخي من خلال المفاوضات». ولم يصادق بعد سفراء الاتحاد الأوروبي الذين سيجتمعون في بروكسل هذا الأسبوع على الإعلان لكن من غير المرجح إدخال تعديلات كبرى. وقال زعماء الاتحاد الأوروبي يوم 17 يونيو إن العقوبات المتعلقة بقطاع النفط ستحظر «الاستثمارات الجديدة والمساعدة الفنية ونقل التكنولوجيات والمعدات والخدمات المتعلقة بهذه المجالات خاصة المتعلقة بتكرير النفط والإسالة والغاز الطبيعي المسال». لكن دبلوماسيين أقروا أيضا بأن أثر العقوبات سيتوقف على الإجراءات المتخذة لضمان الالتزام بها.

وقال متعاملون في أسواق النفط هذا الشهر إن إيران أصبحت تعتمد أكثر على القوى الصديقة في الحصول على إمدادات الوقود بسبب العقوبات التي تستهدف وارداتها من الوقود وإنها تشتري نحو نصف وارداتها من البنزين في يوليو (تموز) من تركيا والباقي من باعة صينيين نظرا لأن أغلب الأطراف الأخرى توقفت عن البيع.

ومن المقرر أن يؤيد وزراء الخارجية الأوروبيون دعوة كبيرة مسؤولي الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إيران لاستئناف المحادثات ردا على خطاب بتاريخ السادس من يوليو أرسله سعيد جليلي كبير المفاوضين النوويين في إيران الذي اقترح استئناف الحوار.

وجاء في مسودة الإعلان أن مجلس وزراء الخارجية «يدعو إيران إلى استغلال هذه الفرصة لتبديد مخاوف المجتمع الدولي فيما يخص برنامجها النووي والاتفاق على موعد محدد لإجراء محادثات مع الممثل السامي للاتحاد الأوروبي إلى جانب الدول الست» في إشارة إلى الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا التي تشارك في مباحثات البرنامج النووي الإيراني.

وكان اقتراح جليلي أول مؤشر على أن طهران مستعدة للتفاهم مع القوى العالمية بشأن برنامجها النووي بعد أن فرضت الأمم المتحدة عقوبات جديدة الشهر الماضي.

وردا على الخطوات الأوروبية ذكرت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية شبه الرسمية أن البرلمان الإيراني أقر قانونا أمس يطالب الحكومة بالرد على أي دولة تفتش سفن وطائرات الجمهورية الإسلامية أو ترفض تزويد طائراتها بالوقود في إطار العقوبات الخارجية. ولم يشمل المشروع تفاصيل عن شكل الرد ولم يتضح على الفور ما إذا كان أكبر من مجرد لفتة رمزية للاحتجاج على العقوبات. وذكرت «فارس» أن التشريع حمل الحكومة أيضا مسؤولية تزويد مفاعل الأبحاث النووي الإيراني بكميات كافية من اليورانيوم المخصب لمستوى 20 في المائة لاستخدامها في الأغراض الطبية والصناعية والعلمية، فيما قال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني للصحافيين في جنيف «إذا كانوا يريدون التحرك بصورة غير قانونية ويفتشون السفن الإيرانية فسنرد حينئذ».

ولم يذكر لاريجاني كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين السابق كيف سترد إيران على تفتيش سفنها بحثا عن مواد يشتبه في أن لها صلة بالبرنامج النووي.

ويأتي ذلك فيما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمان باراست أن محادثات إيران مع الاتحاد الأوروبي وما يطلق عليها مجموعة «5+1» والجهات الأخرى بشأن برنامجها النووي «ستكون على أساس إعلان طهران الموقع من قبل إيران والبرازيل وتركيا حول تبادل الوقود النووي».

ونقلت وكالة «مهر» للأنباء عن مهمان باراست قوله أمس إن هناك مشاورات مستمرة بين المسؤولين في إيران ونظرائهم في كل من تركيا والبرازيل لتحديد موعد ومحل انعقاد الاجتماع. وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية أن إطار المفاوضات سيكون حول عملية تبادل الوقود النووي، مشدد على أن المحادثات مع الاتحاد الأوروبي ومجموعة «5+1» والجهات الأخرى «ستكون على أساس إعلان طهران».