حاكم بونت لاند الصومالي: مقاتلو تنظيم الشباب وصلوا إلى الإقليم

الأمم المتحدة تحذر من وقوع كارثة إنسانية

TT

اعترف رئيس إقليم بونت لاند بشمال شرقي الصومال، عبد الرحمن محمد فارولي، للمرة الأولى بوجود خلايا مسلحة من حركة «الشباب المجاهدين» في الإقليم، الذين يرتبطون بتنظيم القاعدة، يخططون لشن حرب عصابات فيها. وكانت مناطق شمال شرقي الصومال، تتمتع باستقرار نسبي مقارنة بالأقاليم الوسطى والجنوبية من البلاد، إلا أنها شهدت في الأشهر الماضية سلسلة من التفجيرات واغتيالات غامضة طالت مسؤولين حكوميين ونواب البرلمان المحلي إضافة إلى عناصر الأمن. وقال فارولي «إن عمليات الاغتيالات والتفجيرات التي وقعت في الإقليم في الفترة الأخيرة تقف وراءها عناصر من حركة الشباب، وأن ميليشيات سعيد أتم (أحد زعماء الجماعات الإسلامية المسلحة) الموجودة في المناطق الجبلية قرب مدينة بوصاصو تنتمي لحركة الشباب». وكانت حكومة الإقليم قد أعلنت الأسبوع الماضي عن إنشاء أول محكمة خاصة بقضايا الإرهاب، كما أقرت قانونا جديدا لمكافحة الإرهاب.

ومنذ فترة كانت ميليشيات سعيد أتم تُتهم بأنها ذراع لحركة الشباب وتنظيمات إسلامية أخرى مسلحة أخرى في تلك المنطقة. وقال فارولي إن قوات الأمن تحاصر منطقة «غال غالا» التي تتحصن فيها ميليشيات سعيد أتم، وستقضي على ميليشيات الشباب في وقت قريب». وكانت ميليشيات سعيد أتم قد رفعت الأسبوع الماضي الأعلام السوداء التي تشتهر بها حركة الشباب في بعض القرى في المناطق الجبلية ومرتفعات منطقة غال غالا بأقصى شرق الصومال، وقالت إنها ستعلن عن إمارة إسلامية في المنطقة.

وقامت سلطات إقليم بونت لاند أيضا خلال اليومين الأخيرين بترحيل أكثر من 500 من الشبان الذين ينتمون إلى مناطق جنوب الصومال من مدن بونت لاند، ونقلت القوات الأمنية هؤلاء الشبان إلى جنوب مدينة جالكعيو (700 كم شمال العاصمة مقديشو) بالشاحنات. وقال وزير الأمن في حكومة إقليم بونت لاند الجنرال يوسف أحمد خيري إن المهاجرين من المناطق الجنوبية أصبحوا خطرا على الأمن في الإقليم، وعليه يجب عليهم أن يعودوا إلى مناطقهم الأصلية بجنوب البلاد. وشدد الوزير على أن عمليات الترحيل ستستمر في الفترة المقبلة. وكانت بونت لاند من المناطق التي ينزح إليها الهاربون من الحرب في مقديشو والمناطق الجنوبية ويعمل هؤلاء الشبان في مهن متواضعة مثل أعمال البناء وكبائعين متجولين ويأوون إلى ضواحي بوصاصو وجروي حيث مخيمات النازحين، وتخشى بونت لاند من أن هؤلاء قد يكونون خلايا نائمة من تنظيم الشباب.

على صعيد آخر، حذرت الأمم المتحدة أمس الخميس من استمرار الأوضاع الإنسانية المتردية في الصومال، التي وصلت بالفعل إلى أسوأ حالاتها منذ سنوات. وقال مارك باودين، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الصومال، إنه من الضروري ضمان وجود التمويل المناسب لمساعدة 3.2 مليون شخص أو أكثر من 40% من الصوماليين الذين يعتمدون على المساعدات الدولية. وأضاف باودين الذي كان يتحدث من خلال مؤتمر صحافي «الوضع الإنساني في الصومال يعد الأسوأ في العالم في الوقت الحالي، ويتجه إلى وضع مثير للقلق جدا». وتابع قائلا «إن أكثر ما يقلقني في هذه المرحلة هو ضمان وجود التمويل اللازم لنستمر في المساعدات والحفاظ على الإنجازات في واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية صعوبة في العالم».

وأشار باودين إلى أن هناك نقصا حادا في تمويل المساعدات الإنسانية في الصومال، في حين أن نحو نصف سكان الصومال يعتمدون على المساعدات الإنسانية. وذكر أن منظمات الأمم المتحدة وشركاءها قد تلقوا حتى الآن 56% من التمويل من أصل 600 مليون دولار كانت مطلوبة لتمويل الاحتياجات في قطاعات الصحة والمياه والصرف الصحي والتغذية ودعم سبل المعيشة في الصومال. وأضاف «يعاني 20 في المائة من الأطفال دون الخامسة سوء التغذية، بمعنى أن طفلا واحدا من كل أربعة أطفال دون سن الخامسة يعاني سوء التغذية، وأن 5 في المائة من هؤلاء الأطفال يعانون سوء تغذية حادة».

وأعرب باودين عن أمله في إيجاد طرق للحد من تأثير القتال على المدنيين، وطالب الأطراف المتقاتلة بضرورة إيجاد وسائل سلمية لحل خلافاتهم. وقال «الوضع في الصومال يسوده العنف بسبب استمرار الاشتباكات بين القوات الحكومية والجماعات الإسلامية المسلحة مما أدى إلى سوء التغذية بين الأطفال وفقدان سبل المعيشة بالإضافة إلى النزوح المستمر». وأضاف «إن النزاع في الصومال هو القوة الدافعة وراء النزوح المستمر، وإن معظم النازحين هم من سكان العاصمة مقديشو الذين اضطُرّوا إلى ترك منازلهم بسبب الحرب الدائرة بين قوات الحكومة الصومالية ومقاتلي الفصائل المعارضة»، وقال «هؤلاء يواجهون ظروفا إنسانية صعبة في مخيمات للنازحين خارج مقديشو». وأوضح باودين أن أكثر من 20 ألف شخص تشردوا داخل العاصمة خلال يونيو (حزيران) الماضي وحدها، وأن نحو 200 ألف تشردوا منذ بداية العام الحالي، كما أدى القتال إلى وفاة 3 آلاف شخص منذ مارس (آذار) الماضي. وقال «في الوقت الحالي هناك 1.4 مليون نازح داخل الصومال، ونحو 600 ألف لاجئ صومالي في الدول المجاورة، خصوصا في كينيا واليمن وإثيوبيا».