مجموعة نسائية إسرائيلية تعطي الأطفال الفلسطينيين المذاق الأول لشاطئ المتوسط

TT

قضى الطفل محمد شواشه (12 عاما)، عمره في إحدى قرى الضفة الغربية التي تبتعد عن البحر حوالي 37 ميلا فقط، لكنه لم يذهب إلى البحر مطلقا. لذا، عندما لاحت له فرصة قضاء يوم على شاطئ المتوسط، قبلها بحماسة.

من قمم تلال الضفة الغربية، يستطيع الفلسطينيون رؤية البحر، لكنهم لا يستطيعون الوصول إليه بسبب القيود الإسرائيلية.

من الصعب الحصول على تصاريح دخول إلى إسرائيل، فهي محصورة في المقام الأول على الفلسطينيين الأكبر سنا لأداء الصلاة في الأقصى (القدس المحتلة) والمتزوجين ولديهم وظيفة في إسرائيل وذوي الاحتياجات الخاصة.

ولا تعد شواطئ قطاع غزة أحد الخيارات المتاحة، حيث إن إسرائيل تمنع الفلسطينيين من الانتقال بين الضفة والقطاع، متذرعة بالمخاوف الأمنية.

وتركت القيود عددا ضئيلا من الفرص أمام الإسرائيليين والفلسطينيين للتعامل، مما أسهم في إحداث هوة في التفاهم من الممكن أن تشكل تحديا إضافيا أمام مفاوضات السلام.

وفي هذا المناخ قررت مجموعة صغيرة من النساء الإسرائيليات تنظيم رحلات إلى الشواطئ. ففي مرتين في الأسبوع بين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب)، تصل حافلة محملة بنحو 50 طفلا فلسطينيا من الضفة الغربية، إلى جانب مرافقيهم، إلى شاطئ بات يام جنوب تل أبيب.

ولا يعد الذهاب إلى هناك أمرا سهلا. فجمع الأطفال من مهمة زياد سباتين الذي يستيقظ مبكرا ويدور على الأطفال في قرية حوسان بسيارته حاثا إياهم على ركوب الحافلة. وقال سباتين: «الفكرة هي قضاء يوم ترفيهي من دون سياسة».

تعد حوسان واحدة من خمس قرى في منطقة بيت لحم المحصورة في نوع من الأراضي غير المملوكة لأحد بين حدود عام 1967 الفاصلة بين إسرائيل والضفة الغربية وجدار الفصل الذي شيدته إسرائيل. ورغم أن القرية تقع على الجانب الإسرائيلي من الجدار، فإن الحافلة كان عليها العودة إلى الضفة الغربية كي يتم فحص المجموعة في نقطة تفتيش بيت لحم. ووصلت المجموعة في الساعة السابعة والنصف صباحا، وبحلول الساعة الثامنة والربع، كان الأطفال ينتظرون المرور عبر البوابة الأولى. وبدأت امرأة فلسطينية، تشعر بالإحباط، تصيح بمجندة إسرائيلية باللغة العبرية الموجودة بحجرة زجاجية عند الحاجز، قائلة: «دعيني أعبر. إنني أنتظر هنا منذ الساعة السابعة صباحا. أريد الذهاب إلى العمل». في نهاية المطاف، تم السماح لها والمجموعة بالمرور عبر البوابات الإلكترونية. ولكن لدى مرورها، أحدثت الأزرار المعدنية في عباءتها صوتا في الجهاز، فأجبرت على خلعها، في الوقت الذي حدث نفس الشيء مع سيدة أميركية، لكن تم السماح لها بالمرور.

«إنها سائحة»، هكذا قالت المجندة من خلف الزجاج، لتفسر السبب وراء معاملة الأميركية معاملة خاصة. وقال عماد، شقيق زياد سباتين، «إننا سياح أيضا».

في الساعة التاسعة، صعدت المجموعة إلى حافلة إسرائيلية متجهة إلى بات يام. وصاح الأطفال في سعادة حين مرت الحافلة عبر أحد أنفاق القدس.

وفي العاشرة صباحا، أي بعد ثلاث ساعات من مغادرة حوسان، وصل الأطفال إلى البحر. وقام نحو 30 متطوعا بتحيتهم بإعطائهم قبعات شمسية حمراء اللون وكرات بلاستيكية وكريمات واقية من أشعة الشمس.

والتقط أيال مارغولين، (27 عاما)، طبقا طائرا (فريسبي) وقذفه تجاه طفل فلسطيني يقف في المياه الضحلة. وكان مارغولين، قبل أربعة أعوام، جنديا مهمته إبعاد الأطفال الفلسطينيين عن سياج مستوطنة ليست بعيدة عن حوسان. وقال إن تجربة حماية الاحتلال الإسرائيلي للضفة جعلته يفكر بمغادرة إسرائيل. لكنه انضم إلى جماعة «مقاتلون من أجل السلام»، لتشجع التعايش مع الفلسطينيين.

وبدأت رحلات الشاطئ قبل أربعة أعوام، وهي واحدة من بنات أفكار تزفيا شابيرا، التي سافرت لأعوام إلى نقاط التفتيش الإسرائيلية لمراقبة التحديات التي تواجه الفلسطينيين هناك. ودرست فكرة الذهاب إلى الشاطئ بعدما تساءل أحد المعارف الفلسطينيين لديها عن المسافة إلى الشاطئ وما إذا كانت تستطيع أن تأخذه إلى هناك. وقالت شابيرا: «أدركت أنهم لا يستطيعون الذهاب إلى البحر الذي أحبه كثيرا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»