السفير حسام زكي لـ«الشرق الأوسط»: القمة المصرية ـ السعودية تحدد أولويات العمل المشترك

خادم الحرمين الشريفين يبدأ اليوم جولة عربية بزيارة مصر * النائب المشنوق: العاهل السعودي ضامن للاستقرار اللبناني

خادم الحرمين الشريفين لدى استقباله نائب مدير وكالة الاستخبارات الأميركية في مقر إقامته بمدينة الدار البيضاء أول من أمس (واس)
TT

فيما يبدأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اليوم زيارة رسمية لمصر، مفتتحا بها جولة عربية تشمل سورية ولبنان والأردن، تحظى القمة المنتظر أن يعقدها العاهل السعودي اليوم مع الرئيس حسني مبارك، باهتمام مصري وعربي وترقب لما سيصدر حول مصير العديد من القضايا العربية والأقليمية. وقال السفير حسام زكي المتحدث الرسمي للخارجية المصرية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس إن القمة المصرية السعودية، التي تنعقد في شرم الشيخ، سوف تركز على تفاصيل عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط وتقييم الموقف وتحديد خطط التحرك التي سوف تنطلق خلال الأيام المقبلة.

وأضاف زكي أن هناك اهتماما مصريا سعوديا بما يدور في لبنان والتهديدات التي تطلقها إسرائيل ومخاوف مشروعة من أن يحدث ما حدث في صيف 2006 (من حرب إسرائيلية على لبنان)، مشيرا إلى أن هناك تشاورا وتنسيقا مصريا سعوديا مستمرا، وأن انعقاد القمة في هذا التوقيت المهم يؤكد حيوية التشاور حول مختلف القضايا المصيرية.

وقال زكي إن القمة سوف تحدد الأولويات خاصة في ظل وجود تطابق في وجهات النظر بما يخدم ويحقق أهداف السلام والاستقرار والتنمية.

وأشاد المتحدث الرسمي المصري بالعلاقات المصرية السعودية ووصفها بالممتازة وقال إن هناك الكثير من الآليات للتعامل مع كل ما يهم البلدين في مختلف المجالات وبما يرتقي إلى رغبة وطموح الزعيمين العربيين؛ خادم الحرمين الشريفين والرئيس حسني مبارك.

ومن المقرر أن تناقش القمة مجمل الملفات الساخنة، خاصة الأوضاع في اليمن وسبل الدعم العربي ومستقبل العملية السياسية في العراق في ضوء تعثر ميلاد الحكومة العراقية الجديدة، إضافة إلى السلام في السودان والملف النووي الإيراني وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل.

وقالت وكالة الأنباء المصرية الرسمية إن من بين القضايا المنتظر أن يتم تناولها والتشاور بشأنها بين الزعيمين الكبيرين، العلاقات الثنائية المتميزة بين مصر والسعودية وسبل تعميقها وتوسيع نطاقها في المجالات المختلفة، مشيرة إلى أن قمة اليوم تكتسب أهمية إضافية في ضوء توقيتها الذي يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة العديد من القضايا الساخنة على الساحتين العربية والإقليمية.

وأضافت الوكالة في تقرير لها أمس عن القمة أن زيارة العاهل السعودي لمصر تستغرق يومين، وتأتي في ذروة نشاط سياسي مكثف للرئيس مبارك مع العديد من القادة وكبار المسؤولين والشخصيات السياسية العربية والإقليمية والدولية خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأنه من المنتظر أن يكون الملف الفلسطيني في مقدمة القضايا التي يجرى التشاور بشأنها خلال القمة المصرية السعودية خاصة في ضوء لقاءات الرئيس مبارك واتصالاته المكثفة مع العديد من الأطراف المعنية مباشرة بهذا الملف على مدى الأسابيع القليلة الماضية.

وأعلن في دمشق رسميا، أمس، عن قيام خادم الحرمين الشريفين بزيارة لسورية يوم غد الخميس تستمر ليومين، وقال بيان سوري إن الملك عبد الله سيجري محادثات مع الرئيس بشار الأسد حول «العلاقات الثنائية وآخر التطورات على الساحتين العربية والدولية».

وتأتي الزيارة الثانية للملك عبد الله إلى دمشق خلال أقل من عام، بعد نحو أسبوع من زيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى سورية، وعقده ثلاثة لقاءات مع الرئيس الأسد في أقل من 48 ساعة، وسط أجواء يسودها القلق من احتمال تأزم الوضع الداخلي في لبنان على خلفية ما يقال عن تداعيات إصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قرارا ظنيا يتهم أفرادا من حزب الله بالضلوع في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وكان الرئيس الأسد أجرى مباحثات مع الملك عبد الله بن عبد العزيز بدمشق في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تناولت توثيق التعاون بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات، بالإضافة إلى التأكيد على الارتقاء بالعلاقات العربية – العربية، ومتابعة الجهود المبذولة لتعزيز العمل العربي المشترك، واستمرار التنسيق والتشاور بين البلدين وعلى جميع المستويات. كما تلقى الرئيس الأسد ثلاث رسائل من الملك عبد الله بن عبد العزيز في شهري أبريل (نيسان) ويناير (كانون الثاني) من العام الحالي وفي شهر مارس (آذار) من العام الماضي، تناولت آخر التطورات في المنطقة وتعميق العلاقات بين البلدين. إلى ذلك، أنجزت دوائر القصر الجمهوري اللبناني الاستعدادات لاستقبال خادم الحرمين الشريفين، الذي يصل ظهر الجمعة إلى بيروت آتيا من دمشق. ومن المقرر أن يلتقي بعد محادثات يجريها مع الرئيس ميشال سليمان عددا من القيادات السياسية، على أن يقيم سليمان مأدبة غداء على شرف ضيفه، قبل مغادرته بيروت.

وتعول الأطراف اللبنانية على الدور الذي يمكن للعاهل السعودي القيام به ومدى انعكاس مساعيه على استقرار الوضع اللبناني الداخلي. ويحتل الملف اللبناني في المحطتين صدارة المحادثات الثنائية. وفي هذا الإطار، يصف النائب في كتلة المستقبل، نهاد المشنوق، زيارة العاهل السعودي بـ«فأل الخير»، معتبرا أن «الملك عبد الله في كل ترحاله يسعى إلى ضمان الحد الأدنى من التضامن العربي».

وأشار، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إلى أن زيارته دمشق وبيروت «زيارة مهمة جدا وتُعلق عليها آمال كبيرة في ظل امتداد أفق السلام في المنطقة»، معتبرا أنه «قادر على ضمان استمرار الهدوء وتحقيق المزيد من رغبة اللبنانيين بمراهنتهم على الدور السعودي مع سورية ومع لبنان».

وذكّر المشنوق بأن «الملك عبد الله كان دائما الضامن لسيادة واستقرار لبنان، والداعم لعروبة سورية ومواقفها». وقال: «ما زلت واثقا من قدرة الدور السعودي على ضمان الاستقرار اللبناني».

وعن الموقف السعودي من السجال اللبناني حول القرار الظني المتوقع للمحكمة الدولية، أجاب المشنوق: «لا أعتقد أن للسعودية دورا في مسألة دولية من هذا النوع، إلا بما يؤدي إلى استقرار لبنان، وأن تكون علاقة الأطراف اللبنانية في ما بينها سليمة وسلمية».

وفي سياق المواقف المرحبة بزيارة العاهل السعودي لبيروت، أبدى عضو اللقاء الديمقراطي النائب نعمة طعمة «ارتياحه إلى هذه الزيارات التي تأتي في أوقات مفصلية يمر بها لبنان والمنطقة»، لافتا إلى أن «زيارة خادم الحرمين الشريفين إنما هي تاريخية بامتياز، بحيث يكن الملك عبد الله للبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم محبة خاصة، وإن للمملكة العربية السعودية أيديا بيضاء على لبنان عبر إسهاماتها، إن في اتفاق الطائف الذي أرسى السلم الأهلي، أو في المجالات الاقتصادية والتنموية والاستثمارية وفي الميادين كافة».

وذكّر عضو تكتل لبنان أولا، النائب عمار حوري، بأن «الملك عبد الله هو من قدم مبادرة في القمة العربية في الكويت لتحقيق المصالحة العربية»، معتبرا «قدومه إلى لبنان تكريسا لرعايته المصالحة العربية».

ورحب بزيارة أي مسؤول عربي إلى لبنان، وأشار إلى أن «اللبنانيين ينتظرون زيارة الرئيس الأسد بعد فتح صفحة العلاقات الجديدة اللبنانية - السورية، وهي تأتي لتشكل إضافة في هذا الاتجاه»، داعيا إلى «إقامة أفضل العلاقات الأخوية مع سورية، لكن في الوقت عينه يجب أن نستخلص العبر من سلبيات الماضي».

ورأى النائب البعثي قاسم هاشم أن «الحراك العربي والدبلوماسي يأتي بهدف لملمة القضايا وللتخفيف من وطأة ما تركه التداول في القرار الظني»، آملا في أن «يأتي القرار واضحا لجهة الحقيقة التي يريدها كل اللبنانيين». ولفت إلى أن «الزيارات العربية لها دور وانعكاس إيجابي، خصوصا زيارة العاهل السعودي، بالإضافة إلى زيارة الرئيس الأسد إذا ما تأكدت، لما لهذه الزيارات من دور في إرساء قواعد الاستقرار والأمن وتخفيف حالة الاحتقان».

من جهته، وصف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبد الرحمن العطية، الجولة التي سيقوم بها خادم الحرمين الشريفين لكل من مصر وسورية ولبنان والأردن، بالتاريخية والمهمة، نظرا لما تشهده المنطقة من تحديات وتطورات ومستجدات متسارعة تتطلب تعزيز التضامن العربي، مثمنا في الوقت نفسه جهود خادم الحرمين الشريفين المخلصة لنصرة القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وأبرز العطية في تصريح لوكالة الأنباء السعودية المكانة المرموقة التي يتمتع بها خادم الحرمين الشريفين والثقل السياسي للمملكة العربية السعودية الذي يشكل سندا قويا لقضايا الأمتين العربية والإسلامية، مشيرا في هذا الصدد إلى المبادرات الإيجابية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين لدعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية وفي صدارتها مبادرة السلام العربية.

وأكد العطية فعالية الدور الخليجي في تعزيز العمل العربي المشترك، مبينا أن الجولة سوف تسفر عنها النتائج المرجوة بإذن الله تعالى.

وتوقع الأمين العام لمجلس التعاون أن يشهد العمل العربي المشترك في ضوء هذه الجولة والتحرك الخليجي على أكثر من صعيد، نقلة نوعية لمواجهة التحديات التي تحيط بالمنطقة والقضايا العربية المصيرية.