ماجدون عبد الله..!

منيف الحربي

TT

كنا في مناسبة رياضية حينما التفت أحد الزملاء إلى جهة تزدحم بالأجساد والفلاشات وقال: «سيموت ماجد (بعد عمر طويل) والأضواء تطارده.. لقد اعتزل قبل أكثر من عشر سنوات وهاهم الناس يتسابقون لتحيته والتصور معه أينما حل»..!!

تذكرت ذلك وأنا أقرأ الخميس الماضي خبرا كتبه الزميل مشاري الفهد حول التصنيف الجديد الذي قدمته الموسوعة الرياضية البريطانية وجاء فيه النجم ماجد عبد الله وحيدا من الجانب العربي والآسيوي ضمن قائمة خبراء كرة القدم الذين أثروا مفهوم كرة القدم لدى بلدانهم، وهي القائمة التي ضمت 60 لاعبا على مستوى العالم ومن مختلف الحقب الزمنية، حيث تم اختيارهم بناء على تأثيرهم الكروي المحلي والقاري..!

الناقد الأدبي الرائع محمد العباس كتب قبل أشهر بتوسع عن لقطة هدف ماجد الرأسي الشهير في المرمى الأزرق ومما قال: «... الأسطورة كما يفهمها رولان بارت هي كلام لكنه بالطبع ليس أي كلام، إذ لا بد من وجود ذخيرة من المعاني وراء الكلام، وماجد بعد ارتقاءته الخرافية صار له معنى أكثر سطوة.. هذا الكلام إزاء ماجد له ما يبرره من الواجهة التأويلية فهو(قيمة إبداعية غنية لها طابع الديمومة والقابلية للتكاثر)، بمعنى أنه أسطورة أصيلة وليست كتلك التي يصنفها بارت على أنها ضمن الأساطير المنتجة حسب الطلب والغاية الزمنية، التي يتم اختراعها بشكل سيئ لضرورات إعلامية أو تضليلية أو وفق متطلبات آيديولوجية عاجلة، فمثل هذه الأساطير تفتقر إلى سلطة عليا هي سلطة التخريف ومهما تم تصعيدها تظل محتفظة بشيء ما متيبس لذلك تبقى جافة»..!

الصحافي السياسي فارس بن حزام يقول: «أول حدث رياضي صافحته عيناي كان تأهل السعودية لأولمبياد لوس أنجيلس ومنذ ذاك اليوم وأنا أعرف قيمة أن يمر على الوطن اسم ماجد عبد الله». وعندما سئل: أنت هلالي لكنك هجرت الرياضة بسبب اعتزال ماجد؟ أجاب: لا يهم، فمن أجل ماجد تهون أشياء كثيرة، كنت أشجع الهلال وماجد في آن.. وحين اعتزل ماجد تجاهلت الكرة تماما..!

في جريدة «عكاظ» زاوية أسبوعية اسمها (وجه آخر) وقد لفت انتباهي منذ أسابيع ضيفها الدكتور مسفر القحطاني، رئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الملك فهد، الذي تحدث عن تحوله لتشجيع النصر بسبب نجمه المفضل ماجد!

إن ما كتبه العباس أو قاله فارس أو تحدث عنه الدكتور مجرد أمثلة مختصرة جدا لنماذج كثيرة تجمع على كون ماجد عبد الله رمزا متفردا لكرة القدم السعودية.. ولعل من الظواهر التي لم يتطرق إليها الإعلام أن (ماجد) بات واحدا من أكثر الأسماء التي تطلق على المواليد خلال الثلاثين سنة الماضية، بل إن معظم أصحاب اسم عبد الله صاروا يسمون أبناءهم ماجد.. وشخصيا أعرف في محيطي القريب أكثر من عشرة (ماجدون عبد الله) أصغرهم لا يتجاوز الرابعة من العمر..!!

ربما ساعدت طبيعة المرحلة الزمنية التي جاء فيها ماجد على تشكيل هذه الهالة الأسطورية الخالدة، لكن المؤكد أن لديه من الموهبة والاستعداد ما جعله يستحق ذلك... لذا، لا غرابة أن يزداد حضورا وسطوعا مع مرور الأيام وتعاقب الأعوام..!