علماء الطب النفسي: ذاكرة الحكام لا تكفي ليكونوا مثاليين وليس بوسعهم أن يروا كل شيء

بعد هدف لامبارد «القضية» قالوا إن العيون كالكاميرات.. وطالبوا بإبعاد التقنية عن كرة القدم

TT

هدف في كأس العالم لكرة القدم لم تخطئه أعين كل من شاهده لكن أعين أهم المعنيين أخطأته.. كانت تسديدة لاعب وسط إنجلترا فرانك لامبارد التي تجاوزت بوضوح خط مرمى ألمانيا لكن حكم مباراتهما في دور الستة عشر بكأس العالم الماضية لم يحتسب الهدف. وأثارت موجة الشكاوى من القرار الخاطيء وقرارات أخرى خلال النهائيات التي أقيمت بجنوب أفريقيا أسئلة فلسفية حول قدرة تقنية الإعادة بالفيديو على تحسين المباريات أو تحويلها إلى أحداث فاقدة للروح تديرها الكاميرات.

ويقول علماء يعكفون على دراسة العقل البشري إنهم متفاجئون من قلة عدد القرارات الخطأ التي يتخذها بنو البشر.

وقال ديفيد ماير مدير معمل العقل والتعلم والتصرف بجامعة ميتشغان «رغم الشكاوى العديدة بأن الحكام يصدرون قرارات خاطئة خاصة في نقاط حاسمة فإن هذا من وجهة نظر نفسية وهو ما توقعناه».

وأضاف: «الأمر أشبه بتفجر أزمة بين الحين والآخر. سيحدث هذا الأمر في المستقبل». ولا يقتصر الحديث عن قدرة العقل البشري في الحكم على التصرفات في الملاعب الرياضية على الحانات المحلية لكنها تخضع للدراسة من قبل متخصصين في مجال الأعصاب والطب النفسي.

وبينما يسهل على المشجعين إبداء غضبهم من قرار خاطئ وصب اللعنات على الحكام فإن العلماء يقولون إن هؤلاء يحتاجون لمعرفة أن الحكام يدرسون القرارات التي تحدث في أجزاء من الثانية.

وقال جاري ماركوس أستاذ الطب النفسي في جامعة نيويورك «لن يصل العقل البشري أبدا إلى الكمال في اتخاذ القرارات. ذاكرتنا ليست قوية بما يكفي لتسمح لنا بأن نكون حكاما مثاليين». وأضاف ماركوس «تعمل عيوننا كالكاميرات لكن ذاكرتنا ليست كذلك. لا نتذكر بصورة دقيقة ما شاهدناه للتو». ويقول ايميليانو ساليناس الأستاذ الزميل لعلم الأعصاب في جامعة ويك فوريست إن ما يزيد الأمور صعوبة هو طبيعة الحركات في الألعاب الرياضية. ووجد ساليناس وباحثون معه أن أقل من 30 مللي ثانية من الرؤية الإضافية هي الفارق بين القرار الصحيح والقرار الخطأ لمعرفة إن كان الضوء السريع أحمر أو أخضر. وقال «30 مللي ثانية هو الحد الأقصى للسرعة التي يمكنك بها تمييز ذلك».

وهناك أيضا حقيقة أنه ليس بوسع الحكام رؤية كل شيء. وقال ماير إن أقصى عدد من اللاعبين يمكن لحكم مراقبتهم بدقة هو أربعة وهو ما يعني أن الكثير من الأحداث لن يراها الحكم ولا حتى عدة حكام وحين يخطئ الحكام في لحظة مهمة فإن العقل يعوض الفجوة من خبرة سابقة للمساعدة في اتخاذ القرار. وأضاف ماركوس «التعويض جزء أساسي من الوعي البشري».

وقال ماركوس إنه مثلما قد يخبر العقل سائقا بأن سيارة موجودة في بقعة عمياء بالنسبة له دون حتى أن يراها فإن عقول الحكام تعوض ما يغيب عنهم.

وبعد كرة لامبارد اعتذر سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عن أخطاء الحكام في كأس العالم قائلا إن اتحاده سيعيد فتح المناقشة حول استخدام تقنية مراقبة خط المرمى. لكن حتى العلماء يدركون مدى الإثارة التي تسببها الأخطاء البشرية.

وقال ماير «في حياتنا العادية لا نملك في معظم الوقت القدرة على استخدام الإعادة لتصحيح الأخطاء. يجب إبعاد التقنية عن اللعبة لتبقى بشكلها التقليدي بل ولتزيد الإثارة إلى حد ما».