وزارة الصحة تضع ضوابط «جديدة» لإعادة تشغيل مراكز الحجامة في المناطق السعودية

بعد إغلاق دام نحو 6 سنوات.. ووسط تحذير من التعامل مع أطباء غير مرخصين

وزارة الصحة لم تصرح بعد بممارسة الحجامة («الشرق الأوسط»)
TT

تعكف وزارة الصحة السعودية على وضع اللمسات الأخيرة على لائحة ضوابط واشتراطات فتح مراكز الحجامة في السعودية، وذلك لإعادة تشغيلها، عقب إغلاق دام نحو 6 سنوات لجميع مراكز الحجامة التي كانت تنتشر في أنحاء المدن السعودية ومنع جميع الممارسين غير المرخصين.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عبد الله بن محمد البداح المدير التنفيذي للمركز الوطني للطب البديل والتكميلي في وزارة الصحة «أن الحجامة موضع اهتمام المركز وتمت دراسة وإعداد ضوابط فنية شاملة لممارسة الحجامة ووضعت ضوابط مخصصة لكل من الممارس والأدوات المستخدمة والمنشأة العلاجية وكذلك المريض بما يضمن عدم انتقال العدوى والحد من التجاوزات الصحية والدينية والأخلاقية الموجودة لدى البعض». وأضاف «يجري العمل حاليا على المراحل النهائية لإقرار مشروع الضوابط المنوه عنها، ولحين إقرار ضوابط ممارسة الحجامة فإن المركز الوطني للطب البديل والتكميلي يهيب بجميع المواطنين والمقيمين عدم الانسياق وراء الادعاءات العلاجية والوقائية المضللة من قبل بعض مدعي الطب المنسوبين للطب البديل والتكميلي غير المرخصين من وزارة الصحة».

وفي السياق ذاته جددت وزارة الصحة تحذيراتها من مخاطر التعامل مع الحجامين غير المعتمدين من قبلها مشيرة إلى أن بعض الأدوية التي تمنح من مراكز غير مرخصة لها آثار جانبية خطرة.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» عبد الرحمن الصحافي مدير الإعلام والعلاقات العامة في صحة جدة «أن وزارة الصحة منعت الحجامة وأغلقت أماكن تقوم بالحجامة». مشيرا إلى أن على من يريد ذلك مراجعة الأطباء والمستشفيات المتخصصة لأن بعض الأدوية لها آثار جانبية.

من جهته أكد الدكتور محمود عبد الجواد مدير إدارة الرخص الطبية والصيدلة في صحة جدة «أن الوزارة لم تصرح بعد بممارسة الحجامة والموضوع ما زال قيد الدراسة لدى إدارة الطب البديل بالوزارة وهي الجهة المختصة». مضيفا «أن صحة جدة رفضت منح تراخيص لممارسة وفتح مراكز للحجامة حيث قامت بإغلاق المحلات والمراكز المخالفة خلال جولات تفتيشية لإدارة الرخص الطبية».

وأضاف «تم رصد بعض المحلات وأجزاء من منازل خصصها أصحابها لأناس يمتهنون الحجامة وهؤلاء يمارسونها وراثة عن آبائهم وأجدادهم وهذه الأماكن تخلو من أبسط مقومات المعايير الصحية».

واستطرد الدكتور عبد الجواد «بما أن الحجامة هي التخلص من الدم عن طريق الجلد بالتشريط أو الشفط باستخدام أدوات خاصة لذلك وهذا يعتبر إجراء طبيا فيجب أن يخضع لضوابط وشروط تقنن هذا العمل كما يجب أن لا نغفل الآثار الجانبية الممكن حدوثها مثل الالتهاب، والنزيف الشديد من مكان التحجيم خاصة عند المرضى الذين يتعاطون أدوية تساعد على سيولة الدم مما يؤدي إلى هبوط ضغط الدم وكذلك انتقال بعض الأمراض المعدية التي تنتقل بواسطة الدم».

وأضاف «كما أن عملية التحجيم تخلف وراءها نفايات طبية مثل الدم والكاسات المستخدمة الملطخة بالدم والشاش والقطن والمشرط وخلافه وهذه النفايات يجب أن يتم التخلص منها بواسطة شركات متخصصة في التخلص الآمن من النفايات الطبية ولكن ما يحدث في هذه المحلات هو التخلص منها في حاوية النفايات العادية مما يؤدي إلى التلوث البيئي».

ويدعو الكثير من الأطباء والمختصين في حالات كثيرة إلى الحجامة لعلاج الكثير من الأمراض، وهو ما يشير إليه دسوقي محمد السيد حجام غير مرخص بقوله «الحجامة هي سحب الدم الفاسد من الجسم بسبب مرض معين، أو قد يسبب مرضا في المستقبل بسبب تراكمه وامتلائه بالأخلاط الضارة، والحجم يعني التقليل من الشيء، والحجامة تنقي الدم من الأخلاط الضارة التي هي عبارة عن كريات دم هرمة وضعيفة لا تستطيع القيام بعملها على الوجه المطلوب من إمداد الجسم بالغذاء الكافي والدفاع عنه من الأمراض فبالحجامة تسحب هذه الأخلاط الضارة من كريات الدم الحمراء والبيضاء ليحل محلها كريات دم جديدة».

وأضاف «ومن تلك الحالات على سبيل المثال: الروماتيزم، والروماتويد والنقرس، والشلل النصفي، والكلي، وضعف المناعة، والبواسير، وتضخم البروستاتا، والغدة الدرقية، والضعف الجنسي، وارتفاع ضغط الدم، وقرحة المعدة، والقولون العصبي، والتبول اللاإرادي في الأطفال فوق خمس سنوات، وضيق الأوعية الدموية، وتصلب الشرايين، والسكر، ودوالي الساقين والخصية، والسمنة، والنحافة، والعقم، والصداع الكلي والنصفي، وأمراض العين، والكبد، والكلى، وضعف السمع، والتشنجات، وضمور خلايا المخ، ونزيف الرحم، وانقطاع الطمث، وغير ذلك كثير».

ويستطرد: «إن للحجامة 98 موضعا، 55 منها على الظهر و43 منها على الوجه والبطن، ولكل مرض مواضع معينة للحجامة (موضع أو أكثر لكل منها) من جسم الإنسان. وأهم هذه المواضع - وهو أيضا المشترك في كل الأمراض، وهو الذي نبدأ به دائما - «الكاهل» (الفقرة السابعة من الفقرات العنقية أي في مستوى الكتف وأسفل الرقبة).

ويشير الدسوقي إلى أن «الأدوات التي كانت تستخدم في عهد الرسول قرن الخروف وبعده استخدام الكأس، وكل دولة عملت أدوات حجامة إلا العرب، اهتمامهم فقط بزوال المرض وبعد زوال المرض ينسى أهمية الحجامة».

وأضاف: «وهي تأتي بأحجام مختصة بما يقارب 15 نوعا حسب سن المحتجم ويفضل أمواس الحلاقة بدل المشارط ولكنها غير معقمة وغير مخصصة لقطع الجلد فينصح باستعمال المشارط الطبية، وقبل عمل الحجامة يتم إجراء تحاليل كاملة للجسم قبل الحجامة وبعدها حيث يتطلب منه تدفئة الجسم جيدا وأن يمتنع عن الأكل والأكلات الدسمة ومشتقات الحليب لمدة ربع ساعة والامتناع عن الاستحمام لمدة يوم وليلة إلا عند الضرورة وأن يجلس في جو دافئ، ويحذر لمن يكون مصابا بالبرد والحامل في الشهور الأولى حيث إن سوء الاستخدام يسبب هبوط وانتكاس الإنسان ويجب على كل مريض أن يدلي بحالته الصحية بكل دقة لأن لكل مريض معاملة خاصة تناسب صحته وسنه».

ويؤيد الطب العلاجي الحجامة تأييدا كاملا، يشير إليه الدكتور عبد الحميد شحاتة استشاري التخدير بالعناية المركزة والآلام المزمنة في مستشفى الملك خالد بتبوك والذي يشير في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحجامة طب متكامل وهناك مواضع تتفوق فيها الحجامة وتعالج الأمراض الحادة والمزمنة بداية من نزلات البرد إلى أمراض القلب مرورا بنزيف الرحم وغيره من أمراض النساء وتعالج أيضا الأمراض النفسية كالأعصاب والاكتئاب». وأضاف: «الحجامة جزء أساسي من الممارسات الطبية التقليدية للكثير من المجتمعات العالمية، ما زالت مستخدمة بعد أن انتشر الطب الحديث في بلاد العالم أجمع، وصار هو (الطب) وما عداه خرافة ودجل، وبعد أن انتشرت شركات الأدوية وتغولت، تراجعت تلك النظم والممارسات الطبية التقليدية إلى الظل، فظلت بقايا هنا وهناك في بعض بلدان الخليج العربي - كممارسة تقليدية غير رسمية - وفي الصين ومجتمعات شرق آسيا - كجزء من المحافظة على التراث الطبي التقليدي».