أخيرا.. «بي بي» تعلن ردم البئر النفطية في خليج المكسيك

أوباما: المعركة الطويلة لوقف التسرب.. اقتربت من الانتهاء

يأتي نجاح هذه العملية بعد 106 أيام على انفجار وغرق المنصة النفطية «ديب ووتر هورايزن» في نهاية أبريل (نيسان) الماضي (إ.ب.أ)
TT

بعد أكثر من 3 أشهر من انفجار بئر «بي بي» النفطية في خليج المكسيك، ووقوع أكبر كارثة بيئية في تاريخ الولايات المتحدة، بدأت أمس أولى بوادر وقف التسرب النفطي نهائيا من البئر البحري. وأعلنت «بي بي» صباح أمس نجاحها في وقف الضغط من البئر بعد «قتلها الساكن» وردمها، بعد قياس سكون في التدفق النفطي. وهذه المرحلة الأولى من عملية «قتل» للبئر من المرتقب أن تنتهي خلال الأيام المقبلة، وتتطلب مراقبة حثيثة للتأكد من نجاحها نهائيا. يذكر أن الانتهاء من حفر بئري «إغاثة» سيكون العامل الأساسي لوقف الضغط من البئر المنفجرة، الذي «سيقتل» نهائيا بردمه بالأسمنت.

وعبر الرئيس الأميركي باراك أوباما عن ارتياحه من قرب انتهاء أزمة انفجار بئر «بي بي» في خليج المكسيك أمس. وقال إن «المعركة الطويلة لوقف التسرب.. اقتربت من الانتهاء» بعد أخبار نجاح عملية الردم. إلا أنه حرص على تأكيد «التزام» الإدارة الأميركية بمعالجة تداعيات الأزمة، حتى مع انتهاء التسرب النفطي، مؤكدا أن هذا الالتزام قائم بمقدار ما تستغرقه «معافاة» المنطقة المتأثرة على ساحل خليج المكسيك.

وقال أوباما، في خطاب أمام مجموعة من ممثلي اتحادات العمال الأميركيين: «كان خبرا مرحبا به جدا، عندما علمنا ليل أول من أمس أن جهود وقف البئر تبدو أنها نجحت، وأن تقريرا أصدره عملاؤنا يظهر أن الغالبية العظمى من النفط المسرب تبخرت أو أزيلت من المياه». وأضاف: «المعركة الطويلة لوقف التسرب والسيطرة على النفط، أخيرا، اقتربت من النهاية، ونحن مسرورون جدا بذلك»، وأردف قائلا: «لكن جهود المعافاة ستستمر وعلينا أن نعكس الضرر الذي وقع».

وكانت العملية، التي أطلق عليها اسم «القتل الساكن» (ستاتيك كيل) وتقضي بضخ مواد كافية من وحول الحفر لدفع النفط إلى أعماق البئر وإغلاقها، بدأت في خليج المكسيك عصر أول من أمس. وقد استمرت ثماني ساعات، وهي المدة اللازمة لمهندسي «بي بي» لقياس ضغط البئر بعد ضخ المواد والتأكد من نجاح العملية. وفي بيان صدر صباح أمس، قالت «بي بي» إن «ضغط البئر تم احتواؤه حاليا بضغط الوحل الذي تم ضخه، وهذا هو هدف عملية القتل الساكن»، مؤكدة أن البئر «تبقى خاضعة للمراقبة». بينما وصفت «بي بي» عملية «القتل الساكن» بأنها «نقطة تحول مهمة» إلا أنها كانت حذرة في الإعلان عن النجاح في التغلب على الأزمة التي أثرت في أسهم وسمعة الشركة. واتخذ قائد العملية الأميركية للتعامل مع انفجار بئر خليج المكسيك، ثاد ألن، الموقف نفسه، مؤكدا أن «الأمر كله لن ينتهي إلا بعد الانتهاء من البئر الإغاثة، القتل الساكن لن يكون الأمر النهائي».

ويأتي نجاح هذه العملية بعد 106 أيام على انفجار وغرق المنصة النفطية «ديب ووتر هورايزن» في نهاية أبريل (نيسان) الماضي، مما أدى إلى مقتل أحد عشر عاملا، وسبب أكبر بقعة نفطية في تاريخ الولايات المتحدة. وتسرب من البئر نحو 4.9 مليون برميل، أي 780 مليون لتر من النفط، مما هدد النظام البيئي لخمس ولايات أميركية مطلة على خليج المكسيك والاقتصاد المحلي. وقد تم استعادة 800 ألف برميل (127 مليون لتر) من النفط المسرب حتى الآن.

وقالت بريتش بتروليوم إن نتائج اختبارات الضغط، التي ستسجل في الساعات المقبلة ستسمح بالبت في ضخ أو عدم ضخ كميات أخرى من الوحول قبل صب الأسمنت، الذي سيلعب دور الغطاء النهائي للبئر. وأكدت أن التعاون مع الأميرال ثاد ألن، المكلف بمكافحة بقعة النفط من قبل الحكومة الأميركية، سيستمر «لتحديد المرحلة المقبلة، حيث سنقرر ما إذا كنا سنحقن الأسمنت في البئر بالطريقة نفسها». وفي حال ما إذا رصدت حالات تسرب، فلن يتم صب الأسمنت، بل سينتقل المهندسون مباشرة إلى عملية «القتل الأسفل» (بوتوم كيل) وستنفذ في كل الأحوال في منتصف أغسطس (آب) المقبل، وتقضي هذه العملية بتشغيل بئرين ثانويتين ستسمحان بإغلاق البئر من فوهتها، وهما بئران «إغاثة»، وقد تم العمل عليهما منذ أسابيع من أجل تقليل الضغط على البئر المنفجرة. وكانت عميلة «القتل الساكن» قد تأخرت مرات كثيرة بسبب مرور العاصفة الاستوائية «بوني»، ثم اكتشاف تسرب مائي عند غطاء البئر.

وبينما يكثف المسؤولون الأميركيون، وعلى رأسهم وزير الطاقة، ستيفن تشو، ووزير الداخلية، كين سالزار، اللذين يزوران المنطقة المتأثرة حاليا، من عملهم على احتواء البقعة النفطية، تحاول «بي بي» احتواء تأثير الأزمة على الشركة. وما زالت طلبات التعويض تتوافد على «بي بي»، وقد تم التعامل مع أكثر من 140 ألف طلب تعويض حتى الآن من المتضررين من جراء التفجير، وقد تم توزيع 277 مليون دولار عليهم حتى الآن.

إلا أن هناك قضية أكبر تواجه «بي بي» في حال تمت إدانتها بالإهمال، مما أدى للانفجار. والقانون الأميركي ينص على تغريم المجموعة إذا أدينت بالإهمال بدفع بين 1100 و4300 دولار لكل برميل تسرب في الخليج، ولم تتم استعادته، وهو ما قد يصل في المجموع إلى 17.6 مليار دولار. وكانت الشركة قد أعلنت أنها ستخصص حتى عشرين مليار دولار لتغطية النفقات القضائية المرتبطة بالكارثة.

وهناك تحقيقات عدة مستمرة حول القضية التي ستستمر تبعاتها بعد فترة طويلة من سد البئر، وهو الأمر الذي تأمل «بي بي» أن ينتهي نهاية الشهر الحالي. ومن بين التحقيقات، التأثير البيئي على المنطقة، بالإضافة إلى المسؤولية التي يتحملها كل طرف في هذه القضية. وبدأت لجنة فرعية من لجنتي البيئة والمراقبة في مجلس الشيوخ الأميركي أمس جلسات استماع حول التأثير بعيد الأمد لتأثير عمليات وقف تسرب النفط على البيئة في منطقة خليج المكسيك، التي تؤثر في 5 ولايات أميركية على الأقل. ويقوم محققون في الكونغرس بدراسة ما إذا كانت قوة خفر السواحل تتحمل مسؤولية السماح لـ«بي بي» باستخدام المشتتات الكيميائية لتفتيت النفط على سطح البحر. ولكن يؤكد ثاد أن المسؤولين الأميركيين لم يتجاهلوا المتطلبات البيئية في هذه القضية.