البولاني لـ«الشرق الأوسط»: الإرهابيون يستغلون الانسحاب الأميركي وتأخير تشكيل الحكومة

وزير الداخلية العراقي: هناك تنسيق أمني مع السعودية.. فمعركتنا مع الإرهاب مشتركة

جواد البولاني وزير الداخلية العراقي (رويترز)
TT

وصف جواد البولاني، وزير الداخلية العراقي، العمليات الإرهابية التي حدثت في حي الأعظمية بجانب الرصافة في بغداد الأسبوع الماضي وفي حي المنصور بجانب الكرخ أول من أمس بأنها «محاولات من قبل الإرهابيين لإثبات الوجود، إذ كلما انتصرت عليهم الأجهزة الأمنية العراقية وضيقت عليهم الخناق يقوم الإرهابيون بعمليات إجرامية ضد منتسبي الأجهزة الأمنية والمدنيين»، معتبرا هذه العمليات «نتيجة طبيعية وفقا لما يمر به العراق بسبب قرب انسحاب القوات الأميركية وتأخير تشكيل الحكومة».

وقال البولاني لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس إن «العمليتين الأخيرتين، الأعظمية والمنصور، تأتيان ضمن محاولات الإرهابيين لعرقلة الخطط الموضوعة لانسحاب القوات الأميركية»، مشيرا إلى أن «هذه العمليات جاءت بعد أن نفذت أجهزتنا الأمنية عمليات نوعية اعتمدت على خطط استخباراتية ضد الإرهابيين وتم خلالها القبض على إرهابيين قياديين في ما يسمى بدولة العراق الإسلامية، وقد قادتنا التحقيقات مع هذه القيادات إلى تفكيك خلايا إرهابية والقبض على الكثير منهم».

واعتبر وزير الداخلية العراقي أن «موضوع انسحاب القوات الأميركية وتأخير تشكيل الحكومة شكلا فرصة اعتقد الإرهابيون بأنها سهلة لاختراق الأوضاع الأمنية التي استقرت مؤخرا»، محملا «تأخير تشكيل الحكومة الكثير من التبعات التي ستؤدي إلى حدوث عمليات إرهابية محدودة».

وقال البولاني، وهو زعيم كتلة تحالف وحدة العراق التي تضم سياسيين عراقيين من السنة والشيعة من العرب والأكراد ومن غير المسلمين، إنه «كلما كان الإسراع بتشكيل الحكومة فسيكون ذلك عاملا مهما في ردع الإرهاب والجريمة المنظمة في العراق»، منوها إلى أن «الاستقرار الأمني لا يعني أجهزة أمنية وتدريبا ومعدات فقط بل إن الموضوع يرتبط بعموم الأوضاع السياسية والاقتصادية والخدمات في العراق».

وأوضح البولاني «أن تشكيل الحكومة الجديدة سوف يعزز كثيرا من القدرات الأمنية واستقرار الأوضاع في البلد، إذ أن كل حكومة جديدة تسعى لأن تؤكد قدراتها ووجودها، كما أن تشكيل الحكومة يعني وجود برلمان قوي ورئاسة جمهورية ومؤسسات راسخة وهذا يشعر المواطن بالاستقرار من جهة ويبعث برسالة قوية إلى العناصر الإرهابية محتواها وجود دولة قوية قادرة على ردعهم»، منوها إلى أن «تشكيل الحكومة يعني أيضا استقرار الاقتصاد العراقي ووجود استثمارات وعمل يستقطب العاطلين عن العمل، فمع هذه الأعداد الكبيرة من العاطلين، ووجود شعور باللاجدوى من قبل المواطنين، والشعور بالحاجة وغياب الخدمات كل هذه الظروف تشكل حاضنة للإرهابيين ولنمو عصابات الجريمة المنظمة، وبعكس ذلك فإن تحسن الأوضاع السياسية والاقتصادية والخدمات سوف يتيح فرص عمل واسعة أمام العاطلين ويفرض احترام الناس للقانون، لهذا نحن نعتقد أن معركة الحكومة المقبلة هي التنمية وأهمية تأكيدها إلى المشاريع التنموية والبناء، وهذا يحتاج إلى جهود وكفاءات عراقية مخلصة».

وعن مدى تأثير انسحاب القوات الأميركية على الأوضاع الأمنية في العراق، قال البولاني «إن انسحاب القوات الأميركية يأتي ضمن جداول ومواقيت زمنية محددة ضمن الاتفاقية الأمنية العراقية الأميركية، والعمليات الإرهابية الأخيرة تريد أن تشوش على هذه المخططات»، مشيرا إلى أن «انسحاب القوات الأميركية سيتم ضمن ما مخطط له، وأنا لا أستطيع أن أجزم بعدم تأثير ذلك على الأوضاع الأمنية لأن الإرهابيين سيستغلون هذه الظروف، إضافة إلى تأخير تشكيل الحكومة، لإيجاد ثغرة يتسللون من خلالها لضرب منتسبي الأجهزة الأمنية وقتل الأبرياء، لكن خططنا التي وضعت وفق معلومات استخباراتية موثوقة تواجه مخططات الإرهابيين وتتصدى لهم».

وفيما يتعلق بجاهزية الأجهزة الأمنية العراقية لإشغال الفراغ الذي ستتركه القوات الأميركية، أوضح البولاني قائلا «إن القوات الأميركية كانت قد انسحبت منذ فترة طويلة من شوارع المدن العراقية وبقي دورها لأغراض الإسناد والتخطيط، وعندما يؤكد قادة القوات الأميركية جاهزية القوات العراقية، الأمنية والعسكرية، فنحن نعتبر ذلك شهادة بمدى تمتع أجهزتنا وقواتنا الأمنية بخبرات وممارسات ميدانية تمكنهم من فرض الأمن والتصدي للإرهابيين وعصابات الجريمة المنظمة».

وأضاف وزير الداخلية العراقي «إذا قارنا ما بين عدد العمليات الإرهابية خلال عامي 2006 و2007 سنجد أن هناك 200 عملية إرهابية تم تنفيذها، من بينها 25 أو 30 عملية مؤثرة، بينما نفذ هذا العام بحدود 15 عملية إرهابية، منها 3 عمليات مؤثرة، وأنا أتحدث عن عموم العراق وليس عن بغداد فحسب، وأسباب هذا الانخفاض في العمليات الإرهابية هو التدريبات التي يتلقاها منتسبو قواتنا الأمنية والمسلحة ومهنيتهم العالية، لكننا نبقى بحاجة إلى جهود القوات الأميركية المتبقية لأغراض التدريب وتقديم الاستشارة، كما أن قواتنا بحاجة إلى تجهيزات وتسليح متطور، وهذا يتوقف على تشكيل الحكومة الجديدة».

وأشاد البولاني بمستوى التعاون الأمني مع بعض دول الجوار العراقي «وخاصة المملكة العربية السعودية حيث هناك تنسيق أمني على مستوى تبادل المعلومات والملفات الجنائية، ذلك أن معركتنا ضد الإرهاب مشتركة، واستقرار العراق أمنيا مهم لدول الجوار، خاصة السعودية التي تعاني هي الأخرى من مشكلة الإرهاب والإرهابيين، وإن شاء الله نتوصل إلى صيغ مشتركة للقضاء على الإرهاب، فالعراق دولة مهمة للمنطقة ولتوفير الأمن لدول الجوار».

وفيما يتعلق بالتدخل الإيراني في الشأن الداخلي العراقي، قال البولاني «نحن قادرون على التصدي لأي تدخل خارجي يتعلق بالجانب الأمني، لكن المطلوب هو حصانة سياسية ومنع التدخل بالشأن السياسي خاصة في موضوع تشكيل الحكومة، ونحن على ثقة بأن سياسيينا قادرون على اتخاذ قراراتهم بروح وطنية عالية».

وطالب البولاني بضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة كون ذلك يخلق ثقة بين النظام السياسي والشعب الذي ضحى وتصرف بروح عالية خلال الانتخابات، كما ضحت الأجهزة الأمنية ووفرت الأجواء لإجراء انتخابات ناجحة، ويجب أن يتم التأكيد على التداول السلمي للسلطة، وبعكس ذلك فإن المواطن لن يثق بأي نظام سياسي وبالتالي لن يخرج إلى انتخابات مقبلة.