اللحم الهندي يثير جدلا في الجزائر

رجال دين شككوا في جواز استهلاكه.. والحكومة تخشى كساد الأطنان المستوردة

TT

يثير استيراد السلطات الجزائرية كميات كبيرة من اللحم الهندي جدلا واسعا في الأوساط الدينية والشعبية، بسبب شكوك حول ما إذا كان مذبوحا وفق الطريقة الإسلامية ومدى توفره على شروط صحية تجعله صالحا للاستهلاك. وفيما كان الهدف من الاستيراد تخفيض أسعار اللحوم الحمراء تحسبا لشهر رمضان، تحول الأمر إلى مشكلة حقيقية بالنسبة للحكومة.

ويتابع الجزائريون باهتمام بالغ ما يعرف بـ«قضية اللحم الهندي» المستورد، بسبب جدل بين متدينين أفتوا بعدم جواز استهلاكه، بدعوى أنه غير مذبوح على الطريقة الإسلامية، وبين السلطات ومعها سفارة الهند في الجزائر، فقد دافعتا على «صحة» المنتج. وأعلنت الحكومة الأسبوع الماضي أنها تعتزم استيراد 4 آلاف طن من لحم البقر من الهند.

وتتعاطى الصحافة المحلية بشكل يومي مع هذه القضية، ونشرت عدة جرائد رأي أشد معارضي استهلاك اللحم الهندي وهو الشيخ شمس الدين بوروبي، المعروف بفتاواه في الأوساط الدينية وخاصة في مساجد العاصمة. وقال شمس الدين: «إن اللحوم الهندية التي بدأت أولى شحناتها المستورة في الوصول إلى ميناء العاصمة منذ ثلاثة أيام، لا يعلم الناس هل هي مذبوحة على الطريقة الإسلامية أم مخنوقة أم مقتولة بالرصاص، أم ضربت بمطارق الحديد؟». وأعاب على الحكومة التي استوردتها عدم توضيح حقيقة الأمر «وكأن أمر الحلال والحرام لا يعنيها».

وقال الشيخ شمس الدين إنه يملك تقارير حول اللحوم والذبائح المستوردة وصفها بـ«المهمة»، على أساس أنها تكشف تلاعب الشركات المصدرة للحوم إلى العالم الإسلامي، خاصة الشركات التي يملكها القاديانية (فرقة دينية في الهند)، منها تقرير الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وتقرير الشباب المسلم في الدنمارك وتقرير إمام المركز الإسلامي في البرازيل، وهي كلها تؤكد تلاعب هذه الشركات ووضعها العلامة «ذبح على الطريقة الإسلامية لترويج بضاعتها فقط».

وانتشر رأي الشيخ شمس الدين بشكل سريع في أوساط سكان العاصمة المهتمين في الوقت الحالي بالمواد الغذائية، خاصة اللحوم، التي تصبح هاجسا حقيقيا كلما اقترب شهر الصيام بسبب ارتفاع الأسعار، في مقابل تدهور لافت للقدرة الشرائية لغالبية الجزائريين.

ويسبب الرأي الديني المعارض للاستيراد اللحوم صداعا بالنسبة للسلطات، التي تتخوف من كساد البضاعة وبالتالي فشل خطة خفض أسعار اللحوم في شهر رمضان. وتشير التوقعات إلى أن سعر اللحم مرشح لينخفض من ألف دينار إلى 400 دينار جزائري (أي من 10 دولارات إلى 4 دولارات) للكيلوغرام الواحد بفضل اللحم الهندي المستورد. ومنحت الحكومة رخص استيراده لـ«الشركة العمومية لتحويل وتعليب اللحوم».

ودافعت وزارة الفلاحة والتنمية الزراعية على «سلامة» اللحم الهندي من الناحية الشرعية ومن الناحية الصحية. وصرح مدير الصحة الحيوانية في الوزارة بأن ذبحها تم على الطريقة الإسلامية، داعيا إلى «عدم تصديق الشائعات» التي تحرض على مقاطعتها في السوق. أما سفير الهند لدى الجزائر كولديب باهراداغ، فقال أمس: «إن اللحم المجمد الذي وصل الاثنين الماضي إلى الجزائر (حلال مائة في المائة)»، مشيرا إلى أن لحم البقر الموجه إلى الجزائر «مذبوح حسب الطقوس الإسلامية». وأضاف أن الهند تتوفر العشرات من المذابح التي يملكها مسلمون وتخضع للمراقبة باستمرار بخصوص طريقة الذبح التي تجرى بها. وتابع أن «دولا إسلامية كثيرة تستورد اللحم الهندي، من بينها ماليزيا ومصر والأردن والكويت».