الحريري يتجنب في خطابه الرمضاني التطرق إلى المحكمة.. وحزب الله يؤكد أنه غير مسؤول عن تقديم القرائن لها

النائب حوري لـ «الشرق الأوسط»: لا سجال حول المحكمة الدولية

TT

لم يقدم موقف رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الذي أعلنه أول من أمس، الأجوبة التي كان ينتظرها منه حزب الله حول المحكمة الدولية، في ضوء القرائن التي قدمها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، وقال إنها كافية لتوجه الاتهام إلى إسرائيل في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الأمر الذي زاد من الغموض وأبقى الساحة اللبنانية مفتوحة على الترقب والمزيد من الاستنتاجات. في وقت جدد فيه حزب الله عبر نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم تأكيده أنه «ليس مسؤولا عن البحث عن المتهم أو تقديم المعطيات للمحكمة، وأنه لم يتدخل بتقديم القرائن إلا بعد استبعاد اتهام إسرائيل».

وكان الحريري تجنب، في كلمته التي ألقاها في حفل إفطار أقامه في «قريطم غروب» أول من أمس، التطرق إلى ملف المحكمة الدولية أو التعليق على ما قدمه نصر الله في مؤتمره الصحافي الأخير، واكتفي بالقول إن «كثيرين يتوقعون أن يصدر عني كلام سياسي كبير، والتوقعات كبيرة، وهناك الكثير من الكلام سيقال، لكن أنا من يختار متى يتكلم وليس لأحد أن يحدد التوقيت الذي أريد أن أتكلم فيه». وقال الحريري إن «الفوضى وعدم الاستقرار هما أمران من صناعة اليد وليسا من المجهول، ونحن كمسؤولين في هذا البلد باستطاعتنا أن نتصدى لأشنع الهجمات، أيا كانت إسرائيلية أو غيرها، إذا تصرفنا بحكمة في ما بيننا وبروية. لقد صمتُّ عن الكلام طوال الفترة الماضية، وسأبقى كذلك لأنني أريد الهدوء. فبالهدوء نتكلم ويسمع بعضنا بعضا، أما بالصراخ فلا يعود أحد منا يسمع الآخر. نحن نريد أن نتكلم بهدوء في كل أمر نتعاطى فيه في هذا البلد».

وتعليقا على اعتصام رئيس الحكومة بالصمت المطبق في ما يخص القضايا الساخنة، لا سيما موضوع المحكمة الدولية، رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري أن «بعض الفريق الآخر استبق موعدا ومضمونا لكلام الرئيس الحريري، وأخذ يبني استنتاجات مسبقة وصولا إلى توقع ما سيقوله في إطلالاته الرمضانية». وأكد حوري لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس الحريري «لم ولن يساجل في موضوع المحكمة الدولية، لأن المحكمة تسير في اتجاهها الصحيح في لاهاي، ولن ينجر هو ولن ننجر نحن كتيار المستقبل أو كتلة المستقبل إلى سجالات أو ممحاكات، فقضية المحكمة لا تعالج على المنابر الإعلامية». وردا على سؤال توقع أن «يقدم حزب الله ما لديه من معطيات وقرائن لإثبات جدية ما طرحه، لكي يتاح للمدعي العام الدولي (دانيال بلمار) تقييم هذه المادة، أما عدم تسليم هذه المعطيات والاكتفاء ببث أفلام تلفزيونية فإنه يفقد المادة الكثير من جديتها». وشدد حوري على أنه «لا إمكانية لقيام أي لجنة تحقيق لبنانية للتدقيق في معلومات حزب الله، إذ لا دور للقضاء اللبناني في هذا الموضوع، فهناك قرار دولي صادر عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وهناك اتفاقية أبرمت وانتهى بنتيجتها دور التحقيق اللبناني، وأي كلام غير ذلك يفتقر إلى الجدية، وإلى النية الحقيقية للوصول إلى الحقيقة».

أما المستشار السياسي لرئيس الحكومة محمد شطح، فرأى أنه «من واجب أي طرف يملك معطيات كافية وقرائن مباشرة أن يتوجه بها إلى العنوان الصحيح»، معتبرا أن «ما عرضه نصر الله من قرائن في الأسبوع الماضي يجب أن يصل للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان لتدرسه بجدية كبيرة»، ومشددا في الوقت عينه على أن «التحقيق سري، والقرار الظني أيضا قبل إعلانه، وبالتالي لا يمكن أن نعرف ما هي فحواه منذ الآن، أما المحكمة فهي علنية، وهذا الأمر الذي يمنح تكافؤا في الفرص لكل الأطراف».

أوضح شطح أن «المحكمة ليست لجنة لتأخذ قرارا أحاديا، بل هناك فريق دفاع وادعاء سيكشفون أمام العالم ليس فقط القرار الظني، بل كل ما يمس هذا الموضوع تحديدا»، ولفت إلى أنه «إذا ثبت تورط إسرائيل عبر المعطيات التي ستقدم إلى المحكمة فهذه أكبر فرصة للعرب والعالم لوضع إسرائيل تحت المجهر»، داعيا إلى «وقف الاتهامات المسبقة والإسراع في إصدار القرار الظني والمحاكمة بعده». مجددا تأكيده أهمية «أن تكون كل المعطيات المتوافرة موجودة لدى بلمار الذي سيصدر قرارا ظنيا في النهاية، وهذا القرار سيخضع للامتحان في المحاكمة العلنية»، منبها إلى أن «اتباع أي طريق ثان غير المحكمة سيقفل الطريق على المحكمة ويترك علامات استفهام، وقد يعتبر البعض أن المحكمة أوقفت لحماية أطراف لبنانيين».

ورأى وزير الإعلام طارق متري أن «موقف رئيس الحكومة سعد الحريري هو الحرص على الاستقرار والحفاظ على المصلحة والخير المشترك، وهو أمر لا يختلف عليه اثنان»، معتبرا أن الحريري «ليس بحاجة إلى تأكيد موقفه كلما تحدث». ولفت إلى أن «الفتنة واللااستقرار لا يأتيان من مكان مجهول، بل مما يفعله اللبنانيون، فإذا قرر اللبنانيون الحفاظ على الاستقرار فستتم المحافظة عليه»، آملا أن «يكون التهديد بالفتنة يضمر رغبة في الابتعاد عنها».

بدوره، شدد وزير الدولة عدنان السيد حسين على أن «الكلام عن لبنان يحتاج إلى مسؤولية»، معربا عن اعتقاده أن «دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ملتزم بالبيان الوزاري والاستقرار العام الذي أشار إليه في خطابه». وقال «في كل الظروف ومهما كان الخلاف حول أي قضية لبنانية بما فيها المحكمة، فإن المعيار هو الاستقرار الداخلي والنظام العام». ورأى أن «البلاد مقبلة على تهدئة وليس على تصعيد أو مشكلات مفتعلة، فهذا البلد يحتاج إلى استقرار وهدوء، وهناك أطر دستورية وسياسية لمعالجة كل الأمور الصعبة في لبنان».

ورأى أن الحريري «لم يكن يتوجه إلى طرف معين، بل إلى كل الفوضويين، وكل من يصرخون، والمطلوب أن نعتبر الاستقرار هو أساس الحكم».

من جهته، أكد نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أنَّ «ما فعله حزب الله هو معالجة التقصير الذي وقع فيه المسؤولون والمعنيون بالمحاكمات»، مؤكدا أن «حزب الله ليس مسؤولا عن البحث عن المتهم أو تقديم المعطيات للمحكمة، وهي المعنية بالبحث عن الأدلة». وقال «حزب الله لم يتدخل بتقديم القرائن إلا بعد استبعاد اتهام إسرائيل، ولو عملت المحكمة وكل المتحالفين معها ومن هم تحت تصرفها لوصلت منذ سنوات إلى الحقيقة». وإذ رأى أن «هناك من لا يعجبهم أن تتهم إسرائيل»، اعتبر قاسم أن «الكل مقتنع بأنَّ إسرائيل متهمة، ولا بد من سلوك الطريق القانوني، وعلى هؤلاء أن ينتظروا حتى يروا النتائج معا». وقال «لقد أزاح المؤتمر الصحافي (لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله) هذه الغشاوة والموانع، وأصبحت إسرائيل متهمة وشهود الزور»، مشددا على ضرورة «معرفة من وراءهم لأنهم لم يضيعوا الحقيقة بل وجهوا الأمور إلى الفتنة والمخاطر»، ودعا الحكومة إلى «كشف هؤلاء ومن وراءهم من العملاء المشغلين من أجل استكمال التحقيق، ومخطئ من يحاول إقفال هذا الملف، ونحن سنتابع ونتهم إسرائيل وصولا إلى الحقيقة».

ورأى عضو كتلة حزب الله النائب نواف الموسوي، أن ما قدمه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من «القرائن والمعطيات هو أقوى من ناحية كونه قرينة مما قدمه ديتليف ميليس وغيره، وأنّ فرضيات أقل من ذلك بكثير استدعت التحقيق مع ضباط سوريين ومسؤولين لبنانيين، وزجت أربعة ضباط عسكريين وأمنيين كبارا في السجن على مدى أربع سنوات»، داعيًا في هذا الإطار إلى «خطوات عملية في مجال التحقق من فرضية وقوف الإسرائيليين وراء اغتيال الرئيس الحريري».