الرئيس الكوري الجنوبي يمد يد السلام إلى الشمال

دعا بيونغ يانغ «لتغيير شجاع» وعرض خريطة طريق من 3 مراحل لإعادة توحيد الكوريتين

الرئيس لي وزوجته كيم يون أوكي خلال مشاركتهما في احتفالات يوم الاستقلال عن الاستعمار الياباني، في سيول أمس (إ.ب.أ)
TT

حث الرئيس الكوري الجنوبي أمس بيونغ يانغ على «التخلي عن الاستفزازات العسكرية» وتبني «تغيير شجاع» تجاه تحقيق السلام في شبه الجزيرة الكورية. واستخدم الرئيس لي ميونغ باك الخطاب الذي ألقاه بمناسبة تحرير شبه الجزيرة الكورية من الاستعمار الياباني لرسم ما يشبه خريطة طريق لإعادة توحيد الكوريتين.

ولم ترد كوريا الشمالية على الفور على الاقتراح، لكنها أصدرت تحذيرا بأن جيشها لن يتردد في الرد، «بدون رحمة»، على الجولة الجديدة من التمارين العسكرية المشتركة المقرر أن تبدأها كوريا الجنوبية والولايات المتحدة اليوم. وقدم الرئيس الكوري الجنوبي اقتراحه في وقت تشهد فيه العلاقات بين الكوريتين مزيدا من التدهور بعد حادثة غرق سفينة حربية تابعة لكوريا الجنوبية في مارس (آذار) الماضي قتل فيها 46 بحارا. واتهمت كوريا الجنوبية جارتها الشمالية بإغراق السفينة بطوربيد، الأمر الذي نفته بيونغ يانغ.

وقال لي في خطابه الذي بث عبر التلفزيون للأمة: «يجب على كوريا الشمالية أن لا تغامر أبدا وتقوم باستفزاز آخر، كما لا يمكننا التسامح معهم إذا قاموا بذلك مجددا». ووصف حادث غرق السفينة بأنه كان «هجوما لم ينجم عن استفزاز». وطالب الرئيس لي، بيونغ يانغ بالاهتمام بالدعوات المطالبة بتحسين العلاقات مع سيول.

وقال أيضا إن كوريا الشمالية يجب عليها أن تستعد لعملية إعادة توحيد الكوريتين، عبر دراسة الترتيبات اللازمة لذلك. واقترح في هذا الصدد «ضريبة» للمساعدة على تمويل كلفة إعادة التوحيد في نهاية الأمر. وقال: «أعتقد أن الوقت قد حان لبحث السياسات الواقعية للإعداد لذلك اليوم مثل فرض ضريبة لإعادة التوحيد». ودعا لبدء الادخار لتغطية التكلفة الهائلة للتوحيد مع الشمال الذي يوشك اقتصاده على الانهيار بسبب التخطيط الاقتصادي المركزي والإنفاق العسكري الكبير وسنوات المجاعة. وتظهر بعض التقديرات أن تكلفة توحيد كوريا الجنوبية مع الشمال ستتكلف أكثر من تريليون دولار.

وقال الرئيس الكوري الجنوبي أيضا إنه يتعين على الشمال أن يواجه الحقيقة ويقدم على «التغيير الشجاع». واقترح ثلاث مراحل لإعادة توحيد الكوريتين، تبدأ بإقدام الكوريتين على تشكيل «مجتمع سلام» يضمن الأمن والانسجام في شبه الجزيرة الكورية، معتبرا أن إخلاء شبه الجزيرة من السلاح النووي ضروري لهذه المرحلة. أما الخطوة الثانية، حسب الرئيس لي، فتتمثل في تشكيل «مجتمع اقتصادي» يتجسد في تبادلات شاملة وتعاون بين الكوريتين». وفي الأخير يتم تشكيل «مجتمع للأمة الكورية» لا تكون فيه أي حواجز دستورية بينهما.

وأعرب الرئيس الكوري الجنوبي عن تقديره لجهود اليابان لتطوير العلاقات مع سيول، التي تجلت في الاعتذار الذي قدمه رئيس الوزراء الياباني ناوتاو كان الأسبوع الماضي، حيث اعتذر عن فترة استعمار اليابان لشبه الجزيرة الكورية في الفترة من عام 1910 إلى 1945 وإقراره بأن الاستعمار كان ضد رغبة الشعب الكوري. وقال لي في خطابه أمس: «لقد لاحظت الجهود اليابانية التي تعتبر خطوة للأمام». كما أكد الرئيس على أهمية تحويل الأقوال إلى أفعال، فقال: «ما زالت هناك العديد من القضايا المتبقية تنتظر الحل. على البلدين التوصل لإجراءات ملموسة لتكوين علاقات جديدة متينة من أجل 100 عام أخرى». وتابع: «على البلدين عدم نسيان التاريخ، لكن في الوقت ذاته عليهما العمل سويا لتطوير نوع جديد من العلاقات في المستقبل. هذا هو الطريق والاتجاه الذي يجب أن تتخذه سيول وطوكيو».

وجاء خطاب الرئيس لي غداة استئناف القوات الأميركية والكورية الجنوبية ثاني مناورات مشتركة بينهما خلال أقل من شهر. وتأتي هذه المناورات المقررة اليوم، بعد أسبوع من انتهاء سيول من مناورات خاصة بها قرب حدود بحرية متنازع عليها قبالة الساحل الغربي مما دفع كوريا الشمالية إلى الرد بإطلاق وابل من قذائف المدفعية في نفس المنطقة.

وقالت كوريا الشمالية في رد بنفس اللهجة التي استخدمتها في الماضي، إن تلك المناورات «عمل خطير لإشعال فتيل حرب جديدة». وكثيرا ما لجأت بيونغ يانغ إلى التهديد باستخدام القوة لتوصيل رسالتها، لكن محللين يقولون إنه من غير المرجح أن تجازف بحرب كاملة تواجه فيها القوة المشتركة للقوات الأميركية والكورية الجنوبية.

غير أن مسؤولين أميركيين قالوا إن من المحتمل أن تقوم كوريا الشمالية بمزيد من الاستفزازات خلال الأشهر المقبلة لا سيما في الوقت الذي تحاول فيه بيونغ يانغ بناء زخم سياسي لخلافة الزعيم كيم جونغ إيل والمتوقع أن يسلم السلطة إلى ابنه الأصغر.

وعلى عكس مناورات استعراض القوة التي جرت الشهر الماضي والتي ضمت حاملة طائرات أميركية، فإن مناورات هذه الشهر أقل مستوى. وتقول واشنطن وسيول إن هذه المناورات دفاعية وتهدف إلى إرسال رسالة إلى بيونغ يانغ بأن سلوكها عدواني ولا بد من الكف عنه. وتثير المناورات أيضا توترات إقليمية مع وصف الصين، حليف كوريا الشمالية الرئيسي الوحيد، هذه المناورات التي تقودها أميركا بأنها تمثل تهديدا لأمنها واستقرار المنطقة.