القطار الخليجي.. هل سيتأخر أكثر؟

سعود الأحمد

TT

منذ عدة سنوات ونحن نسمع ونقرأ عن إنشاء خطوط للسكك الحديدية تربط ما بين دول مجلس التعاون الخليجية الست. ولا شك أن الإعلان عن مثل هذه المشاريع الحيوية له تأثير بالغ على الدراسات المالية والاقتصادية والاجتماعية. فهناك من يحتاج لمعرفة حقائق هذه القرارات ليستند إليها في بناء توقعاته المستقبلية. وبالأخص رجال الأعمال وبيوت الخبرة المعنية بإعداد الدراسات المالية والاقتصادية.

ففي يونيو (حزيران) الماضي، نفى الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية بمجلس التعاون الخليجي الأستاذ محمد المزروعي أن يكون هناك تجميد أو تأجيل لمشروع القطار الخليجي، مؤكدا أن أسلوب التنفيذ هو فقط ما تم إعادة النظر فيه. مشيرا إلى أن «مشروع القطار الخليجي الموحد سينفذ وفق برامج زمنية تحددها الجهات المختصة في دول الخليج، على أن ينطلق القطار عام 2017»... هذا النفي بقدر ما يُدخل السرور على النفس، إلا أنه يوحي بشيء من التناقض والشك في جدية الالتزام بالفترة المحددة للتنفيذ! فما دام أن موعد انطلاق القطار قد تحدد في (2017)، فالمفترض أن أسلوب التنفيذ قد حدد أيضا. لأن من المعروف (بداهة) أن كل أسلوب تنفيذي له برنامج زمني مرتبط به. إلا إذا كانت أساليب تنفيذ مشروع قطارنا الخليجي كلها متساوية في برامجها الزمنية! أو أن المدة الحقيقية التي يحتاجها إنشاء المشروع أقل وهناك خطأ في التقدير أدى إلى تحديد موعد لاحق. أو ربما يكون موعد انطلاق قطارنا الخليجي قد حدد على أبعد تقدير، وأنه أخذ في الاعتبار احتمال الخلافات على البرامج الزمنية وأساليب التنفيذ! وأن من غير المستبعد أن نفاجأ بتشغيله في موعد أقرب... لأن الحديث عن فترة سبع سنوات لإنشاء قطار يذكرني بقصة أبو نواس وأحد الخلفاء الذي عهد له بتدريس حمار الخليفة. حيث يروى عن أبو نواس أنه قد تعهد للخليفة أن يعلم الحمار القراءة، لكنه طلب مدة خمسة أعوام. فقال له الناس ويحك كيف تتعهد بذلك. فقال: خلال خمسة أعوام، إما مات الخليفة أو مات الحمار أو مت أنا.

والذي ينبغي التوقف عنده، أن الدراسات الأولية المعلنة تشير إلى وجود جدوى اقتصادية من هذا المشروع. لأن العائد المنتظر أن يحققه القطار يساوي 13.5?. هذه المعلومة تذكرنا بالتوصية التي صدرت في فبراير (شباط) الماضي عن الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (مقره الكويت).. التي تدعو فيها الدول الخليجية إلى ضرورة توجيه فوائض مواردها النفطية تجاه دول المنطقة العربية لحوض المتوسط لتمويل مشاريع البنية التحتية وغيرها من المشاريع التنموية! فالذي أعتقده أن هذه الاستثمارات الخارجية بدول حوض البحر المتوسط وما شابهها من استثمارات بالأسواق العالمية، مهما بلغت عوائدها في ظل الظروف الاستثمارية العالمية.. فهي لن تصل إلى نصف معدل هذا العائد. ناهيك بارتفاع نسب مخاطر الاستثمار المالي في الخارج. (وعلى الأقل، ليكن سمننا في دقيقنا).

وأخيرا.. أرجو ألا نتخذ من مشكلة توزيع حصص التمويل معضلة.. فالخيارات العادلة متعددة.. فما دام المشروع بهذا العائد فلا بد أن الناس ستقبل بالاكتتاب في شركته المساهمة. وعوضا عن تنفيذ المشروع بالشراكة بين الدول، يتم وضعه في شركة مساهمة تطرح في ما بعد بدول المجلس بنفس نسب مشاركة الدول في رأس مال هذا القطار.

* كاتب ومحلل مالي