«الطيران المدني» لـ «الشرق الأوسط»: حماية الناقلات الوطنية في المنطقة تعوق نمو الطيران الاقتصادي

مطالبات بالتخفيف من القيود التنظيمية على قطاع الطيران

تعتبر الخصخصة حلا واقعيا من شأنه أن يجلب الكثير من الفوائد إلى القطاع والتي من ضمنها تحسين الكفاءة التشغيلية («الشرق الأوسط»)
TT

كشف مصدر مسؤول في الهيئة العامة للطيران المدني (فضل عدم ذكر اسمه) أن حماية الناقلات الجوية الوطنية في المنطقة تشكل عائقا أمام نمو قطاع شركات الطيران الاقتصادي، مما يسهم في خفض كفاءة وتطور الأسواق، وبالتالي انخفاض عدد المسافرين في ظل غياب المنافسة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تعتبر الخصخصة حلا واقعيا من شأنه أن يجلب الكثير من الفوائد إلى القطاع، والتي من ضمنها تحسين الكفاءة التشغيلية وإدخال أساليب إدارة ومهارات تسويقية جديدة توفر للمستخدمين قرارات استثمارية أكثر فعالية، عدا عن الخدمات التي تولي العملاء مزيدا من العناية».

وأشار إلى أن عدم دخول ناقلات طيران أخرى للدولة من شأنه أن يسبب ضيقا في مجال فتح الأجواء بين الدول العربية، غير أن الهيئة العامة للطيران المدني تسعى لفتح تلك الأجواء، مثلما حدث بين كل من السعودية ومصر على خلفية توقيع اتفاقية ثنائية بينهما عام 2006 - بحسب قوله.

وأفاد بأن فتح الأجواء يساعد في نمو القطاع السياحي، لا سيما أنه يشجع على خلق منافسة نزيهة، ويسهم في توفير فرص عمل جديدة، وتسهيل التجارة، وتحسين الإنتاجية، مما يجعل المطارات مساهما رئيسيا في دعم الاقتصاد الوطني.

يأتي ذلك في وقت كشفت فيه الهيئة العامة للطيران المدني، لـ«الشرق الأوسط»، عن تجاوز عدد الوثائق التي تم توقيعها خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين لتنظيم النقل الجوي 300 وثيقة، شملت اتفاقيات ثنائية وتعديلات ومذكرات تفاهم، لافتة إلى مشاركة أكثر من 159 دولة في تدابير وخطوات نحو تحرير قيود النقل الجوي بشكل أو بآخر.

وأوضحت أنه تم إبرام جملة من الترتيبات قامت بها نحو 120 دولة، تتيح دخول الأسواق بشكل كامل، إضافة إلى 80 اتفاقا ثنائيا للأجواء المفتوحة، الأمر الذي كان له أثر في تحقيق قدر كبير من تحرير القيود التنظيمية.

وأكدت أن السوق العربية أصبحت قائمة على المنافسة كأساس لكل التعاملات والأنشطة، مشيرة إلى أن ذلك دفع بشركات الطيران الأوروبية والأميركية إلى تطوير معاملاتها وسياستها التجارية وعقد الكثير من التحالفات فيما بينها كوسيلة لمواكبة التحرير والمنافسة.

وأعلنت لـ«الشرق الأوسط» عن أن حركة المسافرين بين كل من السعودية ومصر تعد الأعلى على مستوى الدول العربية، حيث يقدر عدد المسافرين بين البلدين بنحو 3 ملايين مسافر سنويا.

وبالعودة إلى المصدر المسؤول في الهيئة العامة للطيران المدني، أضاف «تسعى تلك الاتفاقية إلى فتح الأجواء بين الدولتين بجميع أنماط التشغيل إذا ما كانت مستوفية لشروط السلامة بالكامل، إلا أن الاتفاقيات الثنائية للأجواء المفتوحة عادة ما يتم تطبيقها وفق البنود المتفق عليها من قبل الدولتين». وبحسب تقرير صادر من الهيئة العامة للطيران المدني، أفاد بأن قطاع الطيران في المنطقة العربية يتمتع بآفاق وفرص كبيرة مهيأة للنمو، وذلك نتيجة ضخامة حجم سوقه الإجمالية التي تصل إلى 339 مليون نسمة هم تعداد سكان العالم العربي، الأمر الذي يجعل منها سوقا ممتازة تضاهي السوق الأميركية التي تصل إلى 308 ملايين نسمة، في حين تصل ضخامة سوق الاتحاد الأوروبي إلى ما يقارب 419 مليون نسمة.

وأكد التقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن الطيران يعد الوسيلة الأكثر أمانا والأفضل لانتقال الأعداد الكبيرة من المسافرين في المنطقة العربية، لا سيما أنها تفتقر إلى شبكات الخطوط الحديدية أو القطارات السريعة الكافية.

وأضاف «تعد المنطقة العربية سوقا ناشئة سريعة النمو نتيجة اقتصادها المستقر، إلى جانب امتلاكها أسطولا جويا يعد من بين الأحدث في العالم، عدا عن استثمارها مبالغ ضخمة للحصول على الجيل الأكثر تطورا بين الطائرات». وهنا أبان المصدر المسؤول في الهيئة العامة للطيران المدني أن سياسة فتح وتحرير الأجواء في المنطقة العربية تعتبر دون المستوى المطلوب، نتيجة القيود التي تطال أنظمة الحركة الجوية في بلدانها، الأمر الذي يحول دون نمو الحركة فيها.

وأستطرد في القول «لا يزال قطاع الطيران في المنطقة العربية يرزح تحت كم هائل من القيود التنظيمية والإجراءات البيروقراطية، مما يحد من فرص نمو هذه السوق».

وطالب بضرورة التخفيف التدريجي لتلك القيود على قطاع الطيران، لا سيما أنه يعتبر خطوة واقعية يجدر بالحكومات النظر إليها باعتبارها مبادرة أساسية لنمو الاقتصاديات الإقليمية.

وزاد «إن كل دولة تنظر إلى سياستها ومصالحها بالدرجة الأولى في ظل وجود دول ترى أن دخول طيران آخر قد يؤثر على الناقل الوطني لها، عدا عن وجود بعض القيود السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية التي من شأنها أن تحد من مجال فتح الأجواء بين الدول».

وذكر أن بعض الدول قد تتخوف من سياسات فتح الأجواء، خاصة أن ناقلات الطيران الخاصة تعطي أسعارا مخفضة، الأمر الذي قد يؤثر على الناقل الوطني نفسه في ظل نمو الاقتصاد والشركات وتوافر مقاعد للسفر، مما يمكّن الراكب من اتخاذ قرار السفر في أي لحظة نظرا لوجود البديل، إضافة إلى شريحة كبيرة من الأسعار المتفاوتة ما بين كل شركة ناقلة وأخرى.

وبيّن أن الهدف من فتح الأجواء بين السعودية والدول الأخرى يتمثل في تدوير عجلة الاقتصاد واتساع السعة المقعدية للركاب في ظل دخول ناقلات طيران أخرى من شأنها أن تكون مشجعة للسفر باعتبارها تقدم تذاكرها بأسعار متاحة، مؤكدا في الوقت نفسه على أن كثرة السفر والحجوزات تعد عاملا أساسيا لتشغيل المطارات.

ويفتح تطبيق اتفاقيات الأجواء المفتوحة المجال لحقوق حركة غير مقيدة بين السعودية والدول العربية الأخرى، تغطي بحد أدنى الحريات الثالثة والرابعة والخامسة، وذلك بحسب ما أكده تقرير الهيئة العامة للطيران المدني.

وأضاف «يتحقق في تطبيق اتفاقيات الأجواء المفتوحة أيضا وجود وجهات جوية متعددة من دون قيود على خطوط السير، وتعدد النمط التشغيلي للناقلات الجوية مقابل مرونة في السعة المقعدية، إضافة إلى تحرير تعريفة تذاكر السفر وتوفر العرض في مقابلة الطلب بسعات مقعدية متعددة وخيارات تنافسية في متناول شرائح المجتمع المختلفة».

وذكر المصدر المسؤول في الهيئة العامة للطيران المدني أن اتفاقيات الأجواء المفتوحة تتعلق بالطيران الدولي، إلا أنها تعتمد على وجود نمو في حركة المسافرين، خصوصا أن شركات الطيران عادة ما تراعي مصلحتها».

واستطرد في القول «من الممكن أن تعمل شركات الطيران الخاصة وفق اتفاقيات الأجواء المفتوحة من دون أي مشكلات إذا ما توافرت الكثافة العددية في عدد الركاب، إضافة إلى أن تلك الشركات عادة ما تكون بحاجة إلى وكلاء ومكاتب مبيعات وخدمات أخرى»، مبينا أن ذلك يتيح فرص عمل ووظائف للشباب السعودي ومن ثم تدور عجلة النشاط الاقتصادي.

وأكد على أن أي زيادة للتشغيل بين الدول من شأنها أن توفر فرص عمل وظيفية فيما بينها، حيث إنه وبحسب دراسات وإحصائيات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (الاياتا) فإن أي زيادة في عدد المسافرين سنويا تصل إلى مليون مسافر يقابلها توافر 4 آلاف فرصة عمل ووظيفة مباشرة وغير مباشرة - بحسب قوله.