نجفة مسجد شربتلي في القاهرة تدخل موسوعة غينيس العالمية للأرقام القياسية

وزنها 3 آلاف كيلوغرام وارتفاعها 17.7 متر

النجفة الأكبر في العالم تتألق وتشع من زوايا جمالية متنوعة (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

استقبل المصريون رمضان هذا العام بأكبر نجفة على مستوى العالم، بعد أن قامت إحدى الشركات المصرية المتخصصة في صناعة وحدات الإضاءة بتصنيعها مؤخرا حيث تزن 3 آلاف كيلوغرام (3 أطنان)، ويبلغ ارتفاعها 17.7 متر بقطر 17.6 متر، مما دفع القائمين على موسوعة غينيس للأرقام القياسية العالمية إلى إدخال النجفة إلى الموسوعة الشهيرة كونها أكبر نجفة في العالم.

النجفة يحتضنها مسجد رجل الأعمال السعودي حسن شربتلي بالتجمع الأول في القاهرة الجديدة، وقد صممت على طراز إسلامي، حيث تتكون من 3 مستويات، الأول هو القاعدة المربعة التي يبلغ طول ضلعها 12.5 متر وهو المستوى القريب من المصلين، والمستوى الثاني هو شكل المثمن وهو في العمارة الإسلامية شكل هندسي يعبر عن عرش الرحمن، ثم المستوى الثالث الدائري الذي يتكون من 7 دوائر يزيد قطرها كلما اتجهنا من أعلى لأسفل للتعبير عن السبع سماوات، وتم ربط المستويات الثلاثة بواسطة أحبال من النور من أعلى إلى أسفل.

مصمم النجفة الدكتور أمير صالح، أستاذ العمارة الهندسية بجامعة الفيوم، يوضح لـ«الشرق الأوسط» فكرة تصميم النجفة بقوله: «عند تصميم المساجد يتم التعامل مع التراث الإسلامي باعتباره مصدرا للأفكار، وهو ما اعتمدنا عليه في مكونات النجفة لكي تعبر عن روح العمارة الإسلامية من ناحية، ومن ناحية أخرى تتناسب مع الروح العصرية لأن المسجد مبني في القرن الـ21، والتعامل مع العمارة الإسلامية له طريقتان، الأولى إحياء التراث من خلال الأشكال، مثل عمارة الملصقات كالمشربيات والأرابيسك، ولكن التصميم قد لا يعبر عن العمارة الإسلامية، والطريقة الثانية وهي الأكثر عمقا حيث يتم إحياء التراث من خلال التعامل مع الأفكار وليس الأشكال، مثل مفاهيم حق الجار والتوحيد، وهي مفاهيم كانت تملأ العمارة الإسلامية، وهو ما حاولنا التعبير عنه في نجفة مسجد شربتلي، فقد جسدنا بعض المفاهيم بالرمز بدلا من كتابة بعض الآيات فبدلا من آية (الله نور السماوات والأرض) استبدلنا ذلك بحبال النور، وبدلا من آية الكرسي عبرنا بالمثمن، فمن المعروف أنه كلما استطاع المصمم أو الفنان تجريد الأفكار وتحويلها إلى أشكال دون كتابة زادت قيمتها».

ما يميز النجفة بحسب الشركة المنفذة، أنها مصنوعة من الحديد الذي غطي بغطاء من النحاس الخالص المطلي بالذهب عيار 24 حيث استخدم 2 كيلوغرام من الذهب الخالص لطلاء مساحة إجمالية تبلغ نحو 700 متر مربع هي إجمالي مسطحات النجفة، كما تضاء بأكثر من 612 لمبة باستخدام أحدث تقنيات الإضاءة المتمثلة في لمبات الليد (LED) بجانب لمبات التنجستن العادية، وتم استخدام 2333 مترا من السلاسل والمواسير المعدنية لتصنيع النجفة، وقد اشترك في تصنيعها وتركيبها 90 مهندسا وفنيا وعاملا بإجمالي ساعات عمل بلغت نحو 17 ألف ساعة على مدار 4 أشهر.

الزائر لمسجد حسن شربتلي لا يلاحظ فقط الحجم العملاق للنجفة؛ فقد جاء تصميمها بشكل مختلف عن أشكال النجف التقليدية المعتادة في المساجد، وهو ما يشير إليه الدكتور أمير بالقول: «ينتمي مسجد حسن شربتلي إلى عمارة ما بعد الحداثة، وهو ما ينعكس على بعض المفردات بالمسجد، مثل المحراب والشكل الخارجي، لذا كان يجب أن تتماشى وحدات الإضاءة هي الأخرى مع هذا التصميم، كما أن الفكر العام عند اختيار وحدات الإضاءة في المساجد الجديدة يقوم على نقل الأشكال القديمة من المساجد المعروفة والكبرى، ولكننا وجدنا أن اتباع نفس النهج لن يتماشى مع روح العصر وتصميم المسجد، لذلك عمدنا إلى أن تكون النجفة مختلفة عن أي مسجد سواء في الشكل أو الحجم، ولم يكن مقصودا أن تدخل موسوعة غينيس، فالقيمة الحقيقية في رأيي في قيمة التصميم وقيمة الفكرة ومكوناتها».

أما عن الصعوبات التي واجهت فريق العمل في تنفيذ النجفة، فيشير مصمم النجفة إلى أن الصعوبة كانت تكمن في تنفيذ هذا الحجم الكبير للنجفة بتكلفة قليلة من خلال مواد غير مبالغ في تكلفتها، ويضيف «تقوم النجفة على فكرة جديدة تستغل المساحة الرأسية للمسجد، فعند بداية التفكير في تصميم النجفة سألنا أنفسنا لماذا لا يتم استغلال كامل المساحة بحيث تبدأ النجفة من أعلى نقطة في المسجد بعكس ما هو معتاد داخل المساجد، أن تتدلى السلاسل الحديدية من أعلى نقطة ثم تركب فيها النجفة حتى تكون قريبة من المصلين، وهو ما تجنبناه لتتكون النجفة من 3 مستويات تشغل كافة المساحة بطول 17.7 متر وعلى أن يبقى مستوى الإضاءة قريبا من المصلين».

بجوار النجفة العملاقة يضم مسجد حسن شربتلي أيضا عددا من النجف الصغير على هيئة وحدات مربعة تم تكرارها بنفس روح وفكرة النجفة الكبيرة، لكن مع اختلاف الشكل والحجم فهي نسخ مصغرة، مما أضاف جمالا على تصميم المسجد، وأضفى إيقاعا نغميا على كل وحدات الإضاءة به، كما خلق حافزا معنويا لدى الشركة المنفذة، دفعها لمخاطبة المسؤولين عن موسوعة غينيس العالمية لتسجيل النجفة كونها الأكبر عالميا، بعد أن تفوقت على نجفة سلطنة عمان التي سبق أن دخلت موسوعة غينيس بارتفاع 14 مترا وعرض 8 أمتار، مما جعل المسجد يتحول إلى مزار سياحي ديني في الآونة الأخيرة لارتباطه بالنجفة، وأصبح هناك فضول بين المصريين ممزوج بحب الاستطلاع لزيارة الجامع، وقبل كل شيء رؤية النجفة الأكبر في العالم.