المطرب المغربي عبد الهادي بلخياط ينفي خبر اعتزاله الغناء

تحدث عن مسيرة حياته في «نغموتاي» حيث بدأ سائقا.. وأسباب رفضه البقاء في مصر

عبد الهادي بلخياط مع مقدم برنامج «نغموتاي» عادل بلحجام («الشرق الأوسط»)
TT

قال الفنان المغربي عبد الهادي بلخياط، الذي يعتبر إلى جانب عبد الوهاب الدكالي، أهم قمتين فنيتين في المغرب: «إنه لن يعتزل الغناء كما قيل من قبل، لكنه سيعتزل فقط الأغاني العاطفية». وكان التلفزيون المغربي كرم الليلة قبل الماضية، عبد الهادي بلخياط، الذي حل ضيفا في أولى حلقات برنامج «نغموتاي» الذي يعده إدريس المريني في نسخته الجديدة، بعد غياب دام أشهرا.

وكانت «القناة المغربية الأولى»، اختارت برنامج «نغموتاي»، الذي يحظى بنسبة متابعة عالية، لتقديم السهرات الرمضانية خلال هذه السنة، بعد غياب دام شهورا، كما عاد المنشط الشاب عادل بلحجام إلى تقديم فقرات البرنامج، بعد أن كان قد تم استبداله بالمذيعة المغربية المقيمة في واشنطن، فيروز الكرواني، وكذا سناء البقالي التي هجرت عالم الصيدلة لتمارس التنشيط التلفزيوني.

خلال الحلقة التي سجلت في فاس، مسقط رأس عبد الهادي بلخياط، تحدث بشجن عميق عن طفولته بفاس، التي عشقها حتى النخاع، وقال إن ظروفا قاهرة اضطرته إلى الانتقال للدار البيضاء، ليعود من جديد إليها عام 1958، لكن ظروفا أخرى تدفعه للانتقال إلى الرباط هذه المرة، حيث عمل سائقا في وزارة الشباب والرياضة.

عبد الهادي بلخياط من مواليد 1940 بمدينة فاس، اقترن مولده بمجاعة عارمة شملت كل أرجاء المغرب، حتى عرف عام مولده بـ«عام البون»... اسمه الأصلي زكاري الإدريسي عبد الهادي، غادر باكرا مسقط رأسه ليتجه إلى الدار البيضاء، هجرة كان سببها الرئيسي تأثر المغرب كما باقي دول العالم بظروف الحرب العالمية الثانية.

قال إنه أحب الموسيقى منذ صغره، فأراد الاحتراف في هذا الميدان، فاتجه إلى دار الإذاعة بالدار البيضاء وكانت أولى محاولاته ناجحة وتتابعت تسجيلاته بداية من الستينات. وأشار إلى أنه ظهر في مرحلة عرفت ازدهارا فنيا لا مثيل له، خصوصا مع بروز أسماء لافتة في مجال كتابة الكلمات واللحن ونظم القصيد، أمثال الموسيقار الراحل أحمد البيضاوي، عبد النبي الجراري، عبد القادر الراشدي، عبد السلام عامر. وهكذا عرفت مراحل الخمسينات وبداية الستينات إنتاجا واسعا من القصائد الرائعة باللغة الفصحى، وأخرى بالعامية المغربية ما زالت تردد حتى الآن بكثير من العشق والشجن وخاصة بكثير من الأسى على زمن الفن الأصيل.

وأوضح أنه أدى تجربة صوتية، لاقت استحسان الجميع، أسند إليه الفنان عبد النبي الجراري أداء «نشيد العرش» عام 1962 احتفاء بأول سنة يعتلي فيها الراحل الحسن الثاني عرش المغرب، لتكون بعد ذلك الانطلاقة الفنية التي استمرت على مدى نصف قرن.

وقال إن رحلته مع الطرب الأصيل لم تكن مجرد رحلة مسافر عابر، بل كانت رحلة للاكتشاف والبحث العميق.

وتميز بلخياط بقصائده من النوع المعاصر، أمثال: رموش، الهاتف، الميعاد، القمر الأحمر، الشاطئ، والأمس القريب، التي هي من ألحان عبد الهادي بلخياط، وقصائد أخرى.

تحدث عبد الهادي بلخياط عن هجرته إلى مصر ولقائه بالموسيقار محمد عبد الوهاب، الذي قال عنه: «إنه كان مدرسة فنية بكل المعاني، واصفا رحلته الفنية بأنها شكلت تحولا»، مشيرا إلى أنه إثر وصوله مصر، فهم أن الموهبة وحدها لا تكفي للنجاح، بل لا بد من تكوين موسيقي، فدخل المعهد العالي للموسيقى العربية بالقاهرة، وتعرف خلال هذه الفترة على الكثير من الشعراء والملحنين، لكنه قرر العودة لأنه أصر على أداء لونه الأصلي المغربي، ولم يقبل أن يغني باللهجة المصرية.

وقال بلخياط: «خلال لقائي بعبد الوهاب الذي أعجب كثيرا بأغنية (القمر الأحمر) وقال إنه يشرفه أن تكون في خزانته، ووصفها بأنها قصيدة لكل العرب، لكنه طلب مني الغناء باللهجة المصرية، فاستوعبت آنذاك الرسالة، وفهمت أنه لا مقام لي بمصر، فحزمت حقائبي وعدت إلى وطني».

ووفي أوج تألقه، الذي لم يخب قط، أحيا مبدع «القمر الأحمر» عروضا غنائية بجل الدول العربية والغربية، فنالت أغانيه إعجاب جماهير عربية عريضة في عدد من المهرجانات في كل من لبنان وسورية ومصر، إضافة إلى بلدان الخليج العربي.

كما خاض ثلاث تجارب سينمائية، أولاهما عام 1973 بعنوان «سكوت.. اتجاه ممنوع» والثانية «دنيا غرامي» بلبنان، والثالثة عام 1979 بعنوان «أين تخبئون الشمس» مع مجموعة من الممثلين المصريين.

خلال الأمسية المتميزة، التي افتتح بها برنامج «نغموتاي» عودته، أطرب الفنان عبد الهادي بلخياط، على مدى أكثر من ساعتين، جمهوره بمجموعة من الأغاني من ريبرتواره الشخصي، كما غنى لمحمد عبد الوهاب وأم كلثوم، وكذا مجموعة من الأغاني الدينية سبغت البرنامج بروح صوفية وسمو ذوق ارتفع مع ما طبع كلام بلخياط من مواعظ دينية حث فيها الجمهور على التمسك بالدين والزهد في الحياة.

واغتنم عبد الهادي بلخياط الفرصة ليصحح ما راج حول قرار اعتزاله الغناء بصفة نهائية، فقال موضحا: «لن أعتزل الغناء لأنه يسكنني، وإنما سأعتزل الغناء العاطفي فقط بحكم السن، وسأتفرغ للغناء الديني والاجتماعي».