الحكم على عالمة «القاعدة» الباكستانية بتهمة الإرهاب الشهر المقبل

لا يعرف مصير أطفالها وسط غموض 7 سنوات

TT

مع استمرار غموض يحيط بعالمة أعصاب نفسية باكستانية اعتقلتها القوات الأميركية بتهمة الإرهاب، ثم نقلت إلى نيويورك وقدمت إلى المحاكمة، أعلن أمس أن الحكم عليها سيصدر في الشهر المقبل. ولا يزال مصير أطفالها الثلاثة مجهولا.

وأمس، قالت إيلين شارب، محامية العالمة الباكستانية عافية صديقي المتهمة بمحاولة قتل جنود أميركيين، إنها بعد صدور الحكم سوف تستأنف بالنيابة عن صديقي وذلك لأنها تؤمن بأن صديقي بريئة.

قبل سنتين، أعلنت القوات المسلحة الأميركية اعتقال صديقي في أفغانستان بتهمة مساعدة الإرهاب. وأثناء التحقيق معها، نزعت بندقية من جندي أميركي، وحاولت إطلاق النار عليه وعلى جنود أميركيين آخرين.

لكن، أمام محكمة نيويورك، وبعد تحقيقات قام بها مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي)، وقدمت نتائجها إلى المحكمة، نفت المحامية التهمة، وقالت إن صديقي صغيرة الحجم، ولا يمكن أن تقدر على نزع بندقية أوتوماتيكية من جندي أميركي عملاق. هذا بالإضافة إلى أن الشخص الوحيد الذي جرح خلال المواجهة كان صديقي، وذلك عندما أطلق عليها جندي أميركي النار من بندقيته.

وأشار مراقبون وصحافيون في واشنطن إلى أن صديقي (37 سنة) تتحدر من عائلة باكستانية متدينة، وأن والدها أرسلها إلى الولايات المتحدة، حيث درست في جامعة برندايس، ثم درست علم الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم إي تي)، ثم عادت إلى باكستان. لكنها، منذ 7 سنوات، اختفت فجأة مع أطفالها الثلاثة عندما كانوا في كراتشي في باكستان.

بعد سنة من اختفائها، ظهر اسمها في قائمة الذين يؤيدون منظمة القاعدة التي أصدرتها وزارة العدل الأميركية. لكن، لـ5 سنوات لم تصدر وزارة العدل بيانا عن اعتقالها.

في سنة 2008، أصدرت شرطة أفغانستان بيانا قالت فيه إن صديقي اعتقلت في أفغانستان، وكانت تحمل معلومات عن صناعة أسلحة نووية ومتفجرات وضعتها في حقيبة يدها الخاصة بها.

ولا يعرف كيف انتقلت صديقي من باكستان إلى أفغانستان. وأيضا، لا يعرف إذا كانت القوات الأميركية وراء انتقالها، ومتى بدأت التحقيق معها.

غير أن منظمات أميركية لحقوق الإنسان قالت إن صديقي «اختطفت» من باكستان سنة 2003، في نفس السنة التي اختفت فيها، مع أطفالها الثلاثة. وإن القوات الأميركية احتجزتهم لـ5 سنوات، وعذبتهم، ونقلتهم من مكان سري إلى مكان سري.

وقالت تينا فوستر، مديرة «إنترناشيونال جستس نيتويرك» (شبكة العدل العالمية) من رئاستها في نيويورك: «نعتقد أن صديقي وأطفالها عانوا كثيرا وخلال سنوات كثيرة في سجون سرية كثيرة».

في يناير (كانون الثاني) الماضي، حكمت محكمة فيدرالية في نيويورك بإدانة صديقي بتهمة محاولة قتل، واستعمال سلاح هجومي، ونقل متفجرات.

وأمس، قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن اثنين من أطفال صديقي لا يزالون مفقودين عندما اختفيا سنة 2003، كان عمر واحد ثلاثة شهور، وعمر الثاني أربع سنوات. لكن، لم توضح الوكالة مصير الثالث.

ونقل تلفزيون «سي إن إن» أن إدانة صديقي في يناير الماضي كانت بالجملة، حسب التهم الـ7 الموجهة إليها، بعد أكثر من 48 ساعة من الجدل بين أعضاء هيئة المحلفين، وأن صديقي استمعت لحكم المحلفين عليها دون أن يرف لها جفن. لكنها خلال مرافقة الشرطة لها خارج القاعة قالت: «هذا الحكم من إسرائيل وليس من أميركا. يجب توجيه الغضب نحو الهدف المحدد. ويمكنني أن أشهد عن هذا ولدي الدليل».

ووصفت العالمة الباكستانية الحكم بأنه «غير عادل»، مشددة على وجوب أن تنال محاكمة عادلة بعد الطعن بالقرار.

كانت صديقي أول امرأة تضاف إلى لائحة الإرهاب لصلتها المفترضة بتنظيم القاعدة.

وأمام محكمة نيويورك، قدم الاتهام بيانات بأن صديقي، عندما اعتقلت، كان بحوزتها بطاقة ذاكرة كومبيوتر تحتوي على مراسلات تشير إلى وجود «خلايا» محددة و«هجمات» نفذتها «خلايا» و«أعداء». وأشارت وثائق أخرى إلى «عمليات استقطاب لعناصر جدد» و«عمليات تدريب في معسكرات»، من دون الإشارة إلى تفاصيل. وأشار مراقبون وصحافيون في واشنطن إلى أنه في سنة 2004 وقف جون أشكروفت، وزير العدل الأميركي، أمام مؤتمر صحافي وهو يحمل صورا عملاقة لـ6 رجال وامرأة هي صديقي، وقال إنهم يشكلون «خطرا حقيقيا» على الولايات المتحدة. وحذر الأميركيين بأن يساعدوا الشرطة في اعتقالهم. وقال: «نبحث عنهم كلهم لصلتهم بتهديدات إرهابية ضد الولايات المتحدة. كلهم يشكلون خطرا واضحا وحقيقيا». في ذلك الوقت، نشرت صحف أميركية أن صديقي «أهم امرأة في العالم مطلوب القبض عليها». وأصدر وزير العدل أشكروفت بيانات متواصلة دعت الأميركيين لمراقبة قائمة الرجال وصديقي. ونشرت أخبار بأن «جهادية» تخطط لدخول أميركا والقيام بعملية إرهابية كبيرة تستعمل فيها ربما أسلحة كيماوية أو نووية.

وأشارت بيانات إلى أن زوجها، اختصاصي تخدير، طلقها، وأنها كانت أرسلت تحويلات مالية إلى باكستان وأفغانستان لشراء مواد متفجرة لاستعمالها في خططها الإرهابية.

وقالت تقارير أخرى إن لها صلة مع خالد شيخ محمد، الذي يوصف بأنه مهندس هجوم 11 سبتمبر (أيلول). وإنه بعد الهجوم على مركز التجارة العالمي، كان يريد الهجوم على رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في واشنطن. وكان يريد من صديقي أن تقود العملية.

في الوقت نفسه، وصف أميركيون وباكستانيون صديقي بأنها بريئة. وقالت سلمه كاظمي، التي تعيش في بوسطن وكانت زميلة صديقي في الجامعة: «نشروا صورة مزورة لها لتبدو كأنها إرهابية. عافية آخر من يقوم بالأعمال التي اتهموها بها. كانت أما قبل أن تكون أي شيء آخر».

لكن، أشار مسؤولون أميركيون في ذلك الوقت إلى أن صديقي زارت سيراليون للاشتراك في تجارة الماس، وتحويل العائد إلى منظمة القاعدة. وأنها عقدت صفقة بـ20 مليون دولار.

ولـ5 سنوات، لم تعلن السلطات الأميركية أي شيء عن اعتقالها. حتى قبل سنتين، عندما أعلنت اعتقالها في أفغانستان، ونقلها إلى نيويورك للمحاكمة.