مبارك يقر نظاما للحزب الحاكم يقلص «النفوذ المركزي» في اختيار مرشحيه للانتخابات

اقترحه الحزب ويبدأ تطبيقه الخريف المقبل ولا يسري على مرشح الرئاسة

TT

أقر الرئيس المصري حسني مبارك، بوصفه رئيس الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، أسسا جديدة من شأنها تقليص «النفوذ المركزي» في اختيار مرشحي حزبه للانتخابات النيابية المقرر لها خريف هذا العام، وتحظى باهتمام من القوى السياسية المصرية كونها تسبق الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

لكن الدكتور علي الدين هلال، أمين الإعلام في الحزب قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأسس الجديدة لاختيار مرشحي الحزب التي سيتم العمل بها لأول مرة هذه السنة، لن تسري على اختيار مرشحي الحزب للرئاسة، لأن هذه الأخيرة تحكمها مادة (مختلفة) في النظام الأساسي للحزب الحاكم.

وصرح صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني بأن الرئيس مبارك أقر أسس ومبادئ تطوير أسلوب العمل الخاص باختيار مرشحي الحزب في انتخابات مجلس الشعب 2010، وطلب عرضها على الأمانة العامة (التي من المقرر أن تجتمع اليوم، في أعقاب اجتماع لهيئة مكتب الحزب الليلة قبل الماضية) وذلك وفقا للنظام الأساسي للحزب.

وقال الشريف إن تطوير أسلوب الاختيار يستهدف توسيع مشاركة القيادات التنظيمية وجميع أعضاء الحزب بشكل مباشر في اختيار المرشحين تأكيدا لمبادئ الديمقراطية الداخلية ومشاركة القطاع العريض من أعضاء الحزب وإتاحة الفرصة لهم في اختيار مرشحي الحزب.

ووافقت هيئة مكتب الحزب، ومن بين أعضائها جمال مبارك الأمين العام المساعد لشؤون السياسات، على توسيع المجمعات الانتخابية المنوط بها اختيار مرشحي الحزب للانتخابات النيابية، بغرض إشراك عدد أكبر من القيادات التنظيمية والشعبية. وعلى الأساس الجديد سيضم المجمع الانتخابي لكل دائرة انتخابية في المحافظات المصرية أعضاء لجنة المحافظة عن الحزب الحاكم من عدة مستويات تنظيمية. كما وافقت هيئة المكتب على دعوة جميع أعضاء الحزب في الدوائر لإجراء انتخابات داخلية لاختيار مرشحي الحزب من بين الأعضاء الذين عبروا عن رغبتهم في الترشح وشاركوا في المجمع الانتخابي، و«يمكن لهيئة المكتب عدم الدعوة إلى هذه الانتخابات في بعض الدوائر».

وأضاف الشريف أن هذا النظام الجديد لاختيار مرشحي الحزب يعطي الفرصة لكل من القيادات التنظيمية وأعضاء الحزب للمشاركة في اختيار مرشحيه. وعلى أن تكون نتائج التقييم في المجمع الانتخابي ونتائج الانتخابات الداخلية واستقصاءات الرأي العام للمواطنين في الدائرة تحت نظر هيئة المكتب عند اتخاذ قرارها.

وفي رده على أسئلة «الشرق الأوسط»، أوضح الدكتور علي الدين هلال أن اتباع نظام الانتخابات الداخلية وتوسيع المجمع الانتخابي لاختيار مرشحي الحزب «نظام جديد يتم الأخذ به لأول مرة بهذا الشكل.. يوجد تطوير جذري»، مشيرا إلى أنه في السابق «كان يوجد مجمع انتخابي، لكنه كان محدود العدد.. وما حدث الآن هو توسيع ضخم، تقريبا بعض المجمعات (سوف) يزداد عددها ثلاث أو أربع مرات.. هذه المجمعات أساسا هي تعبير عن القيادات الحزبية». وتابع هلال قائلا عن الانتخابات الداخلية كإجراء من الأسس الجديدة: «أضفنا إلى نظام اختيار مرشح الحزب للانتخابات النيابية بعدا آخر، وهو عضو الحزب العادي، وهو أن تجري انتخابات في داخل كل دائرة بين أعضاء الحزب للتعبير عن تفضيلاتهم»، وعن الإجراء الثالث في اختيار مرشحي الحزب، قال هلال: «استقصاءات الرأي العام للمواطنين في الدائرة. نحن نأخذ رأي الشخص العادي في الحزب ورأي القيادات الحزبية ورأي المواطن العادي غير العضو في الحزب».

وعن الهدف من توسيع إجراءات عملية اختيار المرشحين الحزبيين في الانتخابات النيابية، قال الدكتور هلال: «هذا يستهدف تأكيد معنى الديمقراطية الداخلية.. أي عدم انفراد أي قيادة مركزية في القاهرة، أو مجموعة من القيادات التنظيمية بهذه العملية.. الإجراء توسيع لدائرة المشاركة في الاختيار تصل إلى كل عضو في الحزب من حقه أن يشارك في اختيار ممثليه على مستوى الدائرة، وتحقيق مزيد من ارتباط عضو الحزب بحزبه، ويهدف أيضا إلى أن يكون موقف المرشح عن الحزب، بعد صدور قرار اختياره، بناء على هذا كله، أقوى ولديه سند من دائرته».

وعما إذا كانت مثل هذه الإجراءات الجديدة في اختيار مرشحي الحزب لخوض انتخابات البرلمان يمكن أن تسري مستقبلا على الانتخابات الرئاسية، قال الدكتور هلال: «انتخابات الرئاسة توجد مادة في النظام الأساسي للحزب تحكمها، وتنص على الدعوة لمؤتمر عام للحزب به نحو 6 آلاف قيادة، هم الذين يختارون كتابةً المرشح للحزب»، لخوض انتخابات الرئاسة.

ويهيمن الحزب الوطني الذي أسسه الرئيس الراحل أنور السادات منذ نحو 30 عاما، على الأغلبية العظمى من مقاعد البرلمان والمجالس المحلية. وأسهم بروز بعض القيادات فيه ممن تعرف بالجيل الجديد في زيادة الحراك داخله منذ مطلع الألفية الجديدة. وتمكن الجيل الجديد في الحزب بقيادة جمال مبارك نجل الرئيس المصري ورجال أعمال آخرين، من إدارة شؤون السياسات والتنظيم في الحزب بطريقة أكثر عصرية من السابق، وساعد في ذلك بعض القيادات التاريخية والوسطي في الحزب، على رأسهم الرئيس مبارك وصفوت الشريف ومفيد شهاب وعلي الدين هلال.

وفي مؤتمره السنوي العام الماضي اعترف الحزب بوقوع أخطاء أدت لاستحواذ جماعة الإخوان المسلمين، أقوى قوة معارضة في البلاد، على 20% من مقاعد البرلمان في انتخابات 2005، وذلك حينما لم يلتزم أعضاء في الحزب الحاكم باختيارات الحزب لمرشحيه، وقاموا بمنافسة بعضهم بعضا، مما أدى لخسارة مرشحيه الرسميين لغالبية مقاعد البرلمان. وقال الحزب في مؤتمر 2009 إنه لن يسمح بتكرار مثل هذه الأخطاء في انتخابات 2010.

وفي اجتماع الليلة قبل الماضية قررت هيئة مكتب الحزب الوطني تحويل 13 من الأعضاء التنظيميين، للتحقيق معهم في أمانة القيم، بعد أن اتهمهم قياديون في الحزب بالخروج عن الالتزام الحزبي وخاضوا انتخابات مجلس الشورى (المجلس الثاني في البرلمان) التي جرت قبل شهرين.

وقرر الحزب الحاكم أمس فتح الباب أمام الراغبين في التقدم بطلباتهم للترشح لانتخابات مجلس الشعب إلى أمانات الحزب بالمحافظات خلال الفترة من 21 إلى 28 من الشهر الحالي، على أن تعقبها فترة طعون ومراجعة ثم إعلان قائمة المرشحين، وذلك بناء على الأسس الجديدة في الاختيار.

ومن المقرر أن تعقد الأمانة العامة للحزب الوطني ظهر اليوم (الثلاثاء) اجتماعا لمناقشة قضية أسلوب اختيار مرشحي الحزب في انتخابات مجلس الشعب القادمة، وكيفية التطبيق العملي لها خاصة مع اقتراب موعد فتح باب الترشح لها، وهي الانتخابات التي تعول عليها القوى السياسية كأهم انتخابات تسبق التنافس على الرئاسة في الانتخابات الرئاسية في أواخر 2011.