البرلمان اللبناني يعطي اللاجئين الفلسطينيين حق العمل ونواب يثيرون موضوع «تهديدات» يتعرض لها رئيس الحكومة

بحث في ملفات تسليح الجيش والمواجهة مع إسرائيل والكهرباء

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري يلقي كلمة في جلسة البرلمان أمس التي أقر النواب فيها قانونا يعطي اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حق العمل (أ.ب)
TT

نجح اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، وبعد مسيرة طويلة من المطالبة بحقوقهم المدنية والإنسانية، في نيل أحد أبرز هذه الحقوق، وهو المتمثل في حق العمل؛ إذ أقر مجلس النواب اللبناني اقتراح القانون الرامي إلى تعديل المادة 9 من قانون الضمان الاجتماعي، كما قدمته لجنة الإدارة والعدل. ويعطي الاقتراح المستفيد من العمال اللاجئين الفلسطينيين حق المعاملة بالمثل، المنصوص عليه في قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي والاستفادة من تقديم تعويض نهاية الخدمة بالشروط التي يستفيد بها العامل اللبناني. وبحسب القانون يجب على إدارة الضمان أن تخصص حسابا منفصلا مستقلا لديها للاشتراكات العائدة للعمال الفلسطينيين، على أن لا تتحمل خزينة الدولة أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أي التزام أو موجب مالي تجاههم. ولا يستفيد المشمولون بأحكام هذا القانون من تقديمات صندوق ضمان المرض والأمومة والتقديمات العائلية. كما صدّق مجلس النواب على اقتراح القانون الرامي لتعديل المادة 59 من قانون العمل اللبناني الصادر سنة 1946، ويتعلق بإعطاء إجازة العمل للاجئين الفلسطينيين تماما كباقي العمال الأجانب. ووصف السفير الفلسطيني في لبنان، عبد الله عبد الله، ما تم إقراره بـ«الخطوة المتقدمة إلى الأمام»، معتبرا أنه «تمت إزالة جزء كبير من العقبات التي كانت تسد الطريق في وجه اللاجئ الفلسطيني». وقال عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «الأهم في المرحلة المقبلة وضع آليات صحيحة لتطبيق ما اتفق عليه، وخاصة لجهة كيفية إدارة صندوق الضمان الخاص باللاجئين».

وفي ملف حق التملك قال عبد الله: «أخذت وعدا من رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بأن يندرج حق تملك الفلسطينيين ضمن حق تملك العرب والأجانب، فإذا أقر هذا القانون يشمل تلقائيا الفلسطينيين».

وكانت قوى 14 آذار توصلت، وقبل ساعات معدودة من انعقاد الجلسة التشريعية، إلى مشروع موحد فيما يخص الحقوق الفلسطينية، عرض على «الوطني الحر»، ونال بركة البطريركية المارونية. ووصف منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار، فارس سعيد، المشروع بـ«الإنجاز السياسي لتمكن 14 آذار من مقاربة هذا الملف الشائك، من دون انقسامات داخلية». وشرح سعيد لـ«الشرق الأوسط» أبرز ما تضمنه هذا المشروع وقال: «البند الأول عرّف بالفلسطينيين المستفيدين من هذا المشروع، ومنح البند الثاني حق العمل للاجئين باستثناء العمل في القطاع العام والمهن الحرة، وأعطى البند الثالث حق الحصول على إجازة عمل تصدر عن وزارة العمل، على أن يعود ملف الاستشفاء إلى مسؤولية الـ(أونروا). المشروع إنشاء صندوق خاص باللاجئين مستقل عن صندوق الضمان الاجتولحظ ماعي، يموله أرباب العمل». وشدد سعيد على أن «ملف حق تملك اللاجئين مؤجل، وغير مطروح للنقاش حاليا».

واعتبر عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب غسان مخيبر، في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «الدولة اللبنانية خطت خطوة كبيرة في إقرارها حق العمل للاجئين الفلسطينيين»، لافتا إلى أن «البحث سيستمر في مجلس النواب؛ لأن ثمة مسؤوليات أخرى ينبغي على الـ(أونروا) وسواها من الجهات المعنية القيام بها لتحسين شروط حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان». من جهته، رحب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، بخطوة «إقرار اقتراح قانون الحقوق المعيشية للفلسطينيين في لبنان، على الرغم من حساسيته التاريخية لدى اللبنانيين»، متمنيا أن «تعم هذه التجربة كل القضايا الأخرى»، وقال: «هذا القانون لن يُعالج المشكلة الفلسطينية الإنسانية في لبنان، كما أن الدولة اللبنانية لا تستطيع تحمل أي أعباء إضافية عما أُقر، وإلا سوف نقع في المحظور ألا وهو التوطين بشكل أو بآخر».

ونفى جعجع إمكانية إعطاء حق التملك للفلسطينيين أو لغيرهم، باعتبار أن «هذا الأمر غير وارد للأسباب المعروفة»، داعيا «الحكومة اللبنانية إلى تشكيل لجنة وزارية من وزيرين أو أكثر تقوم بجولة على كل الدول العربية والأجنبية لإنشاء صندوق خاص يُعنى بالجوانب المعيشية والإنسانية للفلسطينيين، باعتبار أن لبنان ليس بإمكانه تحمل المشكلة الفلسطينية وحده إلى حين استئناف المفاوضات، وإيجاد حل نهائي، وعودة الفلسطينيين إلى وطنهم».

وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية، سليم الصايغ، في كتاب رفعه إلى مدير شؤون الـ«أونروا» في لبنان، سلفاتوري لومباردو، استعداده لـ«الدعم الذي طلبته منظمة الـ«أونروا» لتقديم الدعم النفسي للفلسطينيين من ذوي الاحتياجات الخاصة، والأطفال اللاجئين الذين يستفيدون من خدماتها، بشرط أن يتوفر هذا الدعم في مراكز التنمية الاجتماعية التابعة للوزارة، التي ستقام في هذه المخيمات». وأكد الصايغ أن «الجميع يعملون بروح إيجابية، للوصول إلى أفضل صيغة لتحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين في لبنان»، قائلا: «حرصنا على أن لا يتم تفضيل أي مقيم على الأرض اللبنانية على المواطن اللبناني، لأنه لا يمكن أن نخلق أعباء إضافية على الدولة اللبنانية، لقد بدأنا بتنظيم العلاقة مع الفلسطينيين لأول مرة ولا بد من استكمال هذه الخطوة»، مؤكدا أنه «على الدولة أن تتحمل ما يجب عليها تحمله من مسؤولية، كما أن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته»، داعيا إلى «النظر إلى حقوق اللبنانيين الذين أُجحف بحقهم عبر التوسع غير الشرعي للمخيمات».

وشدد رئيس حزب الكتائب، أمين الجميل، على أن «من أهم مطالب الحزب أن لا تصل حقوق الفلسطينيين إلى التوطين»، وقال: «مطلبنا كان أن يكون هناك حقوق للفلسطينيين، ولكن ليس على حساب حقوق اللبنانيين، وكان موقفنا منذ البداية أن يكون هذا الموضوع متوافقا عليه»، متمنيا على الفلسطينيين «الرد على التعاون اللبناني في موضوع الحقوق، بالتعاون لوضع حد للفلتان الأمني في المخيمات».

وشكلت الجلسة التشريعية فرصة أمام النواب لطرح هواجسهم وفتح أكثر من ملف، فأثار النواب أنطوان زهرا، وعمار حوري، وجورج عدوان وعقاب صقر موضوع التهديدات التي يتعرض لها رئيس الحكومة والأجهزة الأمنية، وطالبوا بالحفاظ على هيبة الدولة وعدم تسعير الفتنة، داعين وزارة العدل والنيابة العامة التمييزية إلى مساءلة وملاحقة من يهدد. وردا على مداخلات بعض النواب، ذكر رئيس الحكومة سعد الحريري أن تصدي الجيش للعدو الإسرائيلي «كلفنا دماء»، وقال: «لا أحد يزايد علينا في طريقة المواجهة دبلوماسيا أو غير ذلك». وفي موضوع الكهرباء، لفت الحريري إلى «إقرار الحكومة خطة للكهرباء، وإلى إقرار مليار دولار لدعم القطاع»، آملا في «الإسراع في إقرار الموازنة كي تتيسر أمور الكهرباء والاتصالات والطرقات».

وأعلن عضو كتلة حزب الله النيابية، النائب علي فياض، أنه تقدم بسؤال خطي إلى الحكومة منذ 45 يوما، مضيفا: «وجهت السؤال بعد أن اعتقل الإسرائيليون المواطن عماد حسن، ولم أتلق جوابا على ذلك، فهذا النوع من التهاون، وعدم الإجابة عزز مخاوفي، وكأن هناك نوعا من التعايش من قبل الحكومة مع هذا الصنف من الاعتداءات الإسرائيلية». وقال: «افترضت أن السؤال دقيق، وبالتالي قطعا للطريق لما أشرت إليه، فإن هناك إحساسا متناميا بأن يلجأ الناس إلى حماية أنفسهم بأنفسهم، أحتفظ بحقي لتحويل سؤالي إلى استجواب، وما زلت أنتظر جواب الحكومة». ولم يغب موضوع دعم الجيش اللبناني عن جلسة مجلس النواب، إذ اقترح عضو كتلة القوات اللبنانية، النائب جورج عدوان، اقتطاع جزء من رواتب النواب لدعم تسليح الجيش، وقد أخذ الرئيس بري اقتراح عدوان بعين الاعتبار، ودعا إلى مناقشته في اجتماع هيئة مكتب المجلس. أما عضو كتلة حزب الله النيابية، النائب نواف الموسوي، فهاجم موقف الإدارة الأميركية من تسليح الجيش.