أميركا تستعد للانسحاب بتأسيس قنصليتين ومكتبي ارتباط لمراقبة «التماس العربي ـ الكردي»

جيفري يتجه إلى بغداد خلفا للسفير هيل.. وتوقعات بخفض الإنفاق الأميركي في العراق بنحو 15 مليار دولار

جنود أميركيون يحملون أمتعتهم وهم يستعدون لمغادرة قاعدتهم في طليلة قرب الناصرية في جنوب العراق (رويترز)
TT

بينما تبقى الصورة غير واضحة حول الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق، تواصل الإدارة الأميركية خطة مدروسة منذ أشهر، لإنهاء عملياتها القتالية في العراق والانتقال إلى قيادة مدنية للوجود الأميركي هناك. ويعتمد الوجود الأميركي المستقبلي على توسيع النشاط الدبلوماسي الأميركي فيه، من خلال السفارة الأميركية في بغداد، وهي الأكبر للولايات المتحدة، بالإضافة إلى قنصليتين في أربيل والبصرة.

وأعلن نائب مساعد وزيرة الخارجية مايكل كوربن أن واشنطن ستنشئ مكتبي ارتباط أميركيين في الموصل وكركوك «غير دائمين» لمتابعة «التماس العربي - الكردي» الذي قال عنه كوربن: «إنه مثار اهتمام للإدارة الأميركية». وأضاف كوربن أن «المكاتب الدبلوماسية في الموصل وكركوك وجودها مؤقت خلال فترة من 3 - 5 سنوات، من أجل استخدام كل الأدوات الدبلوماسية والتنمية للحل كل القضايا، ولكننا اخترنا مكانات التماس العربي - الكردي». وأضاف «ما زالت الموصل منطقة فيها أكبر نسبة تمرد وهجمات إرهابية وهذا ما سنركز على معالجته».

من جهته، أكد نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأدنى، كولن كال أن الولايات المتحدة حريصة على الوجود في العراق ولن «تفك ارتباطها استراتيجيا منه»، بل «تعمق ارتباطها الاستراتيجي على المدار البعيد». وشدد كال على التزام الرئيس الأميركي باراك أوباما بعلاقة طويلة الأمد مع العراق، مع تحقيق عملية الانسحاب التدريجي منه بحلول نهاية 2011. واعتبر أن هناك «خرافة تدور بأن أولوية الرئيس هي الانسحاب ولا يوجد أمر أبعد من ذلك عن الحقيقة».

وكان كال وكوربن يتحدثان إلى مجموعة من الصحافيين في واشنطن، أول من أمس، حول «المرحلة المقبلة من العلاقات مع العراق» مع انتهاء العمليات القتالية فيه نهاية الشهر الحالي.

وامتنع كوربن وكال عن التطرق إلى واقع عدم تشكيل الحكومة العراقية وتقليص الوجود العسكري الأميركي في العراق من دون حكومة، معتبرين أن العملية السياسية «حية» وقادرة على النجاح. واعتبر كال أن «حكومة تصريف الأعمال تقوم بعمل جيد.. لا نرى أي تهديد حقيقي من انقلاب على النظام السياسي في بغداد».

وحول الدور الإيراني في العراق وإمكانية توسعه خلال الفترة المقبلة، قال كوربن: «لا يمكن توقع ما يسعى إليه الإيرانيون، ولكن العراق يريد ألا تتدخل إيران في شؤونه». وأضاف كال أنه ما زال هناك «قلق من بعض التدخل الإيراني.. ولكن إيران تعرف الآن أن الحديث عن نفوذها في العراق كان مبالغا فيه»، في إشارة إلى ضعف الأطراف التي تدعمها إيران في العملية السياسية ورفض العراقيين للميليشيات التي تدعمها إيران. وأضاف «العراقيون لا يريدون نفوذا إيرانيا.. الوطنية العراقية حقيقية».

وهناك تركيز على تدريب قوات الشرطة العراقية وتوليها مهام حماية المدن العراقية، وهي عملية ستقودها وزارة الخارجية الأميركية من خلال بناء القدرات وتقديم الدعم للكوادر المدنية في برامج مماثلة لتلك التي أقامتها في دول أميركا اللاتينية. وقال كوربن: «إن قرار تدريب قوات الشرطة قرار عراقي، فهم يريدون أن تتخذ الشرطة القيادة في المدن بدلا من الجيش». واعتبر كوربن أن برنامج تدريب قوات الشرطة «نموذج جيد للتعاون الأميركي - العراقي مستقبلا».

وشرح كال المهام الأربع للقوات الأميركية بعد 31 يوليو (تموز) الماضي، وهي حماية العتاد والعمليات التابعة للولايات المتحدة و«الناتو» والأمم المتحدة. وأضاف أنهم «سيواصلون تدريب واستشارة ودعم القوات العراقية»، بالإضافة إلى «دعم عمليات مكافحة الإرهاب العراقية وإنهاء الانسحاب الكامل نهاية 2011». ولم يستبعد المسؤولان أن تتم دراسة خيارات إبقاء قوات ما بعد 2011 في العراق، لكنهما شددا على أن ذلك يعتمد على طلب من الحكومة العراقية المقبلة.

وهناك عامل اقتصادي مهم للانسحاب الأميركي من العراق. فبينما تعاني الولايات المتحدة من أزمة اقتصادية شديدة وتوسع من وجودها العسكري والمدني في أفغانستان، تتطلع واشنطن لتقليص تكاليف الوجود في العراق التي وصلت إلى 10 مليارات دولار في الشهر في أوج حرب 2003. وأفاد كوربن بأن الانتقال في العمليات في العراق سيعني «توفير نحو 15 مليار دولار، فالوجود المدني أقل تكلفة بكثير من العمليات العسكرية».

وبالإضافة إلى تغيير طبيعة الوجود الأميركي في العراق، هناك نقلة في الشخصيات الأميركية في العراق. وفي هذا السياق سيتجه السفير جيمس جيفري إلى بغداد هذا الأسبوع، لتولي مهام السفير هناك بعد أن أنهى كريستوفر هيل عمله في بغداد. ومن جهة أخرى، يستعد قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال راي أوديرنو لإنهاء 55 شهرا من الخدمة العسكرية الأميركية في العراق، وتسليم مهامه للجنرال لويد أوستن في 1 سبتمبر (أيلول) المقبل مع الانتهاء من العمليات القتالية الأميركية في العراق، وإبقاء 50 ألف جندي أميركي فيه، بعد أن كانوا 144 ألف جندي عندما تولى أوباما الرئاسة.