مسجد نيويورك يقسم الحزب الديمقراطي

«أميركان مسلم» وزعامات دينية ينتقدون الذين عارضوا البناء

مهدي براي، مدير منظمة «أميركان مسلم فريدوم» (حرية المسلمين الأميركيين)، وزعامات دينية يهودية ومسيحية في مؤتمر صحافي بواشنطن أمس (إ.ب.أ)
TT

بينما أعلن أمس المسؤولون عن بناء مسجد بالقرب من مكان مركز التجارة العالمي، الذي دمره هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001، تطورت ردود الفعل المتعارضة داخل الحزب الديمقراطي إلى انقسام واضح يهدد مصير الحزب في انتخابات الكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: «لأن الرئيس أوباما دافع عن بناء المسجد، فقد زاد قلق مرشحين واستراتيجيين في الحزب الديمقراطي». ونقلت الصحيفة قول مسؤول في الحزب، طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته: «كيف سيكون ما حدث إيجابيا، ونحن نعرف أن أحاسيس الناس لا تزال مشتعلة حول هذا الموضوع؟» وقال آخر: «أصاب أوباما في الجانب الموضوعي، لكنه أخطأ في الجانب السياسي». وأشار مراقبون في واشنطن إلى مثال يصور الوضع الصعب للحزب الديمقراطي، وهو السيناتور هاري ريد (من ولاية نيفادا)، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، الذي أثار من قبل مشكلة المسجد، الذي كان مهددا بالسقوط حسب الاستفتاءات الشعبية. وأصدر أمس جيم مانلي، المتحدث باسم السيناتور بيانا كتب فيه: «يؤيد السيناتور حرية الأديان. لكنه يرى أن المسجد يجب أن يبنى في مكان آخر».

لكن، حسب وكالة أخبار «رويترز»، تعهد مؤيدو مشروع المركز الإسلامي، الذي يتضمن مسجدا، بالمضي قدما في المشروع الذي يتكلف مائة مليون دولار.

وفي مؤتمر صحافي في واشنطن، قال مهدي براي، مدير منظمة «أميركان مسلم فريدوم» (حرية المسلمين الأميركيين)، أن هناك «عادة متزايدة» لمعارضة بناء مساجد في الولايات المتحدة. وأن معارضة بناء مسجد في نيويورك بالقرب من مكان مركز التجارة العالمي، الذي دمره هجوم 11 سبتمبر سنة 2001، ليست المرة الوحيدة. وأضاف: «نحن مصممون على الدفاع عن حرية الأديان. ونؤمن بأن الدستور الأميركي يحفظ لنا حقا مقدسا». وانتقد «جماعات معارضة للمسلمين داخل الولايات المتحدة تهدف لمنع بناء مساجد ومراكز إسلامية هنا»، وأشار إلى معارضة عصبة الدفاع اليهودية (أي دي إل) التي يترأسها إبراهام فوكسمان، من قادة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. وقال إن منظمات أميركية «دينية وحقوقية» انتقدت العصبة اليهودية لهذا السبب. وقال براي: «توحد حملة ممولة تمويلا قويا في وطننا لتشويه سمعة الجالية الإسلامية». وأضاف: «لكن حرية الدين يحميها الدستور الأميركي. فحريتنا ليست موضوع نقاش. وأن نكون مواطنين درجة ثانية، ليس واحدا من خياراتنا».

وانتقد براي قادة الحزب الجمهوري، الذين عارضوا بناء المسجد، ومنهم سارة بالين، حاكمة ولاية ألاسكا سابقا، ومرشحة الحزب الجمهوري في انتخابات سنة 2008. وأيضا، انتقد السيناتور هاري ريد، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، الذي عارض، أيضا، بناء المسجد.

وكان تحالف للتسامح بين الأديان قد أصدر بيانا أشاد فيه بتأييد الرئيس أوباما لحرية الأديان. وقال إن بناء المسجد «صفعة على وجه» الذين يريدون الحجر على حرية الأديان». من جهته قال شريف الجمال، مالك العقار الذي سيقام فيه «بيت قرطبة»، إن التقرير الذي تحدث عن تغيير المكان، ونشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أول من أمس، كاذب. وقال الجمال: «كل شيء على المسار، ونتحرك قدما فيما يتعلق بالموقع». وكان المشروع، الذي أعلن عنه في الربيع، قد أثار غضب عدد كبير من سكان نيويورك، الذين يشعرون بأن اختيار هذا الموقع لإقامة المركز فيه يحمل قدرا من عدم الحساسية لذكرى نحو 3000 شخص قتلوا في هجمات 11 سبتمبر، وكان الرئيس أوباما قد تطرق إلى القضية يوم الجمعة الماضي خلال حفل الإفطار السنوي الذي يقيمه البيت الأبيض بمناسبة شهر رمضان، وحضره دبلوماسيون من دول إسلامية وأعضاء الجالية الإسلامية بالولايات المتحدة. وقال أوباما: «كمواطن وكرئيس أعتقد أن للمسلمين الحق نفسه في ممارسة شعائر دينهم كأي شخص آخر في هذا البلد». لكن، حاول أوباما بعد ذلك أن يبتعد عن الجدل المثار حول المسألة، قائلا إنه لن يعلق على «حكمة» قرار بناء المسجد في ذلك المكان. وقال أوباما للصحافيين، أثناء زيارة ساحل الخليج الأميركي يوم السبت الماضي: «لم أكن أعقب ولن أعقب على حكمة اتخاذ قرار إقامة مسجد هناك. كنت أعقب تحديدا على حق الناس الدستوري، وهو حق يعود إلى وقت تأسيس الولايات المتحدة. هذا هو ما يعنيه بلدنا».

وأظهر استطلاع للرأي نشر يوم الأربعاء أن نحو 60 في المائة من الأميركيين على مختلف أطيافهم السياسية، يعارضون بناء هذا المشروع قرب موقع هجمات سبتمبر. لكن مؤيدي المشروع يقولون إن إقامة مركز إسلامي فرصة جيدة لتعزيز فهم الإسلام الصحيح، وبدء عملية تعاف بعد مرور نحو عقد على الهجمات. وفي وقت سابق من الشهر الحالي مهدت لجنة بمدينة نيويورك الطريق أمام إقامة «بيت قرطبة»، الذي يبعد ببنايتين عن موقع هجمات 11 سبتمبر. وتخطى المشروع عقبة سياسية كبيرة، حين رفضت لجنة الحفاظ على معالم مدينة نيويورك طلبا بمنح العقار وضعا خاصا، واعتباره من معالم المدينة. ويعني هذا أن المبنى القائم يمكن هدمه، ليحل محله المركز الإسلامي الجديد. وهو مبنى مؤلف من 13 طابقا.