عادة هندية جديدة.. مخبرين لجمع معلومات عن أزواج المستقبل

تقوم بها الكثير من العائلات في المناطق الحضرية

وتشير الكثير من مكاتب المخبرين إلى زيادة الطلب بمقدار أربعة أضعاف خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وتأتي ما بين 20 إلى 25 حالة شهريا للمكاتب الشهيرة (أ.ف.ب)
TT

لجأ راغوبير سينغ إلى الاستعانة بمكتب مخبرين مقره دلهي كي يراقب عريسا محتملا لابنته قابلته قبل ثلاثة أشهر خلال أحد تكليفات العمل الخارجية. وكان يبدو أن الشاب حسن السلوك وقال إن لديه وظيفة جيدة. ولكن، كان تقرير المخبر صادما للجميع في عائلة الفتاة، حيث اكتشفت أن هذا الشاب كانت لديه زوجة وابنة. ويقول راغوبير إن هذه الحقائق أنقذت ابنته من مستقبل كارثي.

ولا تعد هذه مجرد حادثة فردية، حيث تقوم الكثير من العائلات في المناطق الحضرية داخل الهند باستعمال مخبرين للحصول على معلومات عن زوجة أو زوج المستقبل لأبنائهم. والمعلومات التي تحرص العائلات على معرفتها عن الفتاة هي ما إذا كانت تكثر من حضور الحفلات أو لديها الكثير من العلاقات أو سلوكها سيئ. أما المعلومات التي تحرص العائلات على معرفتها عن الشاب، فهي ما إذا كان يشرب الكحوليات وهل هو متزوج وطبيعة أوضاعه الاقتصادية ووظيفته.

وفي الماضي، كانت العائلات الهندية، التي يوشك أبناؤها وبناتها على الزواج بالصورة التقليدية، يعرف بعضها بعضا على نحو جيد، أو يعرفون على الأقل شيئا عن العائلة من خلال صديق مقرب أو أحد أفراد العائلة. ولكن في الوقت الحالي، ومع تزايد عدد الهنود الذين يهاجرون إلى الخارج أو تزايد عدد من يلجئون إلى الإنترنت من أجل العثور على شريك أو شريكة الحياة، يكون هناك نقص في المعلومات، ولذا يتم اللجوء إلى مخبرين من أجل المساعدة على الحصول على المعلومات المطلوبة.

وتقوم مكاتب المخبرين داخل المناطق الحضرية بالهند بإجراء استقصاء قبل الزواج، حيث يقومون بالتأكد من الأوضاع المالية والتعرف على الحالة الاجتماعية وخلفيات زوج أو زوجة المستقبل. وفي الفترة الأخيرة، ظهر الكثير من الآباء الذين يريدون معرفة ما إذا كان العريس المحتمل لديه ميول الشذوذ الجنسي.

يقابل الشاب الفتاة ليس عن طريق الأصدقاء أو أحد أفراد العائلة، ولكن كما يحدث في هذه الأيام عن طريق شبكة الإنترنت. وعلى الفور، تنشأ بينهم علاقة. ولكن، تعيش الفتاة في دلهي، ويعيش الشاب في مدينة غورغاون المجاورة، ولا يمكنهما اللقاء في الأغلب ويستعيضان عن ذلك بمكالمات تليفونية. وقال الشاب إنه يحصل على 6 ملايين روبية سنويا من عمله لدى «إم إن سي»، وبدا أنه زوج مناسب. ولكنها كانت تتساءل عن السبب الذي يجعله يمضغ التبغ كثيرا على الرغم من أنه ينكر أن هذه عادة له. ومع احتمالية حدوث زواج، تنمو بذرة الشك في رأسها يوما بعد آخر. ولذا، لجأت إلى مكتب بهافانا باليوال «تيجاس للمخبرين»، وهو مكتب مقره دلهي ومن أكثر المكاتب التي تثق بها النساء، كي يقوم بفحصه.

ولم يستغرق المكتب طويلا كي يكشف عن المستور، وبعد تتبعه عائدا إلى المنزل من العمل، تبين أن الخاطب الذي يزعم أنه ثري يعيش في مسكن رث يتكلف 4000 روبية في الشهر، شامل الوجبات. وقالت خادمة ثرثارة إنه يشرب كمية من البيرة يوميا. وبفضل علاقاتها مع مسؤول الموارد البشرية داخل الشركات، عرفت بهافانا أيضا أنه أضاف صفرا على يمين مرتبه السنوي الذي يبلغ 600,000 روبية فقط.

وبالنسبة إلى بهافانا، وهي خبيرة في الكشف عن حياة الشباب الذين يبدو عليهم الثراء، فقد كانت هذه القضية سهلة. ومن أجل أداء مهمة أصعب، كان عليها أن تتنكر في زي خادمة (من أجل فحص شاب في التاسعة والعشرين يشك في أنه يقيم علاقة مع خادمته)، وقامت بتعقب شخص كان يوشك أن يتزوج بالثانية من مطار دلهي الدولي إلى تشانديجارا، وبقيت مستيقظة طوال الليل في غرفة بفندق خمس نجوم داخل جايبور كي تراقب عروس أحد العملاء وزميلا لها.

وتقول بهافانا: «لا توجد حالة صعبة. وعلى أي حال فقد كانت ماتا هاري، وهي امرأة هندية، من أشهر المخبرين السريين».

وتقول المخبرة إنها تستخدم الكثير من الوسائل المساعدة: الكثير من التلفونات المحمولة وكاميرات تجسس وتسجيلات صوتية. وتقول إن لديها أيضا فريقا يضم نحو 10 مخبرين يقومون بأداء العمل معها. وتحب ارتداء ملابس سوداء بالكامل عندما تعمل تحت اسم مستعار وترتدي ساري/سالوار كاميز عندما تتواصل مع الجيران والخدم. وتقول إنها تحب قراءة الروايات البوليسية التي تتضمن الجرائم العاطفية.

ويقول مؤسس شركة التوفيق بين المقبلين على الزواج الإلكتروني Shaadionline.com، جاي راج غوبتا، إن المخبر الخاص أصبح جزءا مهما من عملية الزواج. ويعد النمو في سوق الزواج عبر شبكة الإنترنت سببا في زيادة الطلب على معلومات يمكن الوثوق بها عن شركاء الحياة المقبلين، حيث يخشى الآباء من أن تكون المظاهر الجذابة مجرد أشياء مختلقة للإبهار.

ويقول: «عندما يتقابل الناس على موقعنا الإلكتروني، نوصي بقوة بالتأكد من المعلومات الخاصة بشركائهم، فهناك احتمالية قوية للخداع إذا كان شريك الحياة المحتمل يعيش على بعد أميال». ويضيف: «لا يريد الناس المخاطرة بحياة أبنائهم، ولذا يطلبون التأكد من المعلومات الخاصة بشريك الحياة المحتمل».

ويوجد سبب آخر يعزز من الطلب على خدمات المخبرين الخاصين، وهو الارتفاع الكبير في المهور التي تدفعها عائلة العروس إلى عائلة العريس. وعلى الرغم من أنه من الناحية الفنية، يعد ذلك أمرا غير قانونيا منذ 1961، ويستحق العقوبة بموجب قانون محاربة المهور الهندي، فإن أسعار المهور ثابتة، وتؤثر على المكانة الاجتماعية للعائلة.

ويشار إلى أنه لا يتم إعطاء مال وحسب إلى عائلة العريس، حيث يمكن أن تتضمن الأشياء التي تعطى إلى العريس سيارات وحليا وذهبا وأجهزة لبيت الزواج، مثل أجهزة تلفزيونات وغسالات وثلاجات وكاميرات مرتفعة الثمن. ولذا، يرغب الآباء عادة قبل الالتزام بتقديم هذه الأشياء في التأكد من أن بناتهم سوف يتزوجن من عائلة يمكن الوثوق بها.

وفي هذه الأيام، يذهب الكثير من الأبناء إلى الخارج أو إلى مدينة أخرى من أجل الدراسة أو العمل، ولذا لا يكون لدى الآباء أي معلومات عن الأنشطة اليومية التي يقوم بها هؤلاء أو أصدقاؤهم ونمط حياتهم، ولذا تظهر الحاجة إلى مخبرين خاصين.

وربما تتكلف عمليات الاستقصاء ما بين 5000 روبية و50,000 روبية اعتمادا على ما يطلبه العميل، و60 في المائة من العملاء الذين يستفيدون من هذه الخدمة ينتمون إلى ذوي الدخل المرتفع في مدن مثل دلهي ومومباي وبنغالور وشانديغارا وأحمد آباد وغيرها من المدن. وتشير الكثير من مكاتب المخبرين إلى زيادة الطلب بمقدار أربعة أضعاف خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وتأتي ما بين 20 إلى 25 حالة شهريا للمكاتب الشهيرة.

ويظهر هذا الأمر المخاوف داخل المناطق الحضرية التي تدفع العازبين وعائلاتهم إلى التقصي عن عريس المستقبل أو العروس (بدرجة أقل). وترغب العائلات في معرفة ما إذا كان العريس له علاقة بامرأة أخرى وهل يعاني عجزا جنسيا وهل يعيش معيشة جيدة وهل يرغب حقا في العروس أم يسعى وراء الجنسية الأجنبية التي تحملها، وهل سيمكن للعروس التكيف مع ثقافة ونمط حياة العريس، وهل تشرب كحوليات وهل ما زالت عذراء؟

وتقول سانغيتا ديساي، (41 عاما)، وهي تعمل كمخبرة حرة: «معظم الحالات التي تأتي إلينا تهدف إلى التأكد من معلومات قبل الزواج أو الحصول على معلومات عما إذا كانت هناك علاقات خارج إطار الزواج. ويمثل هذا النوع من الحالات 80 في المائة من عملنا، بينما تمثل عمليات الاستقصاء من أجل الشركات باقي النسبة».

ويتفق الخبراء على أن التدريب والإعداد هو ما يجعل المخبر متميزا، وربما كان هذا هو السبب في تحول تاراليكا لاهيري، وهي مخبرة أخرى تدير مكتبا خاصا في دلهي وعضو في رابطة المخبرين داخل الهند، إلى تقديم الخدمات للراغبين في العمل كمخبرين.

وتدير لاهيري أكاديمية إدارة التحقيق والاستخبارات، التي تقدم دروسا على 200 ساعة وتدريبا عمليا. وتتكلف الدورة الواحدة التي تستغرق شهرا 15.000 روبية.

وتتناول الدورة منهجا مكثفا يتضمن عمليات الاستطلاع والتخطيط وإدارة الأمن وكيفية التعرف على البصمات وتعقب التزوير من خلال الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية. وتقول المخبرة: «بالنسبة إلى قطاع ناشئ، يعد الأفراد المدربون والمؤهلون بصورة جيدة شيئا ضروريا».

شعرت عائلة صديقي، التي تعيش في دلهي، بالقلق بعد أن وصل إلى العائلة خطاب مجهول المصدر قال إن الزوج المرتقب للابنة علية شاذ جنسيا. وكانت عملية التعارف قد تمت من خلال شخص على علاقة بالعائلة، ولكن لم تكن العائلة متأكدة مما ورد في الخطاب وهل هو صحيح أم مجرد افتراء. ولذا، قامت العائلة باللجوء إلى مخبر من أجل التأكد من هذا الأمر. وخلال 24 ساعة، وصلت مكالمة إلى فني البرمجيات الذي يعيش في بانغالور. ويقول رافي كابور، مدير مكتب «آيس للمخبرين» داخل دلهي: «أعددنا مصيدة للإيقاع به. اتصلت به امرأة وأرسلت إليه رسالة نصية وشجعته على لقائها. ولم يبد الرجل اهتماما. وأرسل عميل ذكر لإغرائه، وفي هذه المرة أبدى اهتماما كبيرا». وكشفت التحقيقات أن له علاقة مع زميل له في العمل. وألغت عائلة صديقي حفل الزفاف.

ويقول جي كيه كارانث، أستاذ علم الاجتماع في معهد التغيير الاقتصادي والاجتماعي: «في ذهن العامة، يرتبط الشذوذ الجنسي بدرجة كبيرة بأمراض مثل الإيدز، وهذا ما جعل الآباء يشعرون بالخوف».

ويشير المخبر رافي كابور وآخرون إلى الزيادة الكبيرة في معدلات الخداع والكذب في ما يتعلق بالقضايا الزوجية، ويلفت النظر إلى ما يصفه بـ«ممارسات غير أخلاقية». ويقول: «يأتي الناس إلينا من دون سبب للتأكد من أنه لم يتم خداعهم أو الكذب عليهم».

ولا يرى كارانث أن ذلك يشير إلى زيادة ضعف الثقة داخل المجتمع، ويقول: «إذا كنت ستقدم على هذه الخطوة المهمة من دون التعرف على المزيد من المعلومات بشأن شخص ما، فماذا ستفعل؟ تقوم الشركات بإجراء فحوصات قبل التعامل مع الشركات الأخرى».