المصريون يقاومون حرارة رمضان بالمساجد المكيفة والعصائر والمثلجات

درجات حرارة فاقت الأربعين والرطوبة وصلت إلى 90%

يلجأ المصريون الى وسائل عديدة للتغلب على موجة الحر الشديد في رمضان («الشرق الأوسط»)
TT

«يا رب خفف عنا الحر في الشهر الكريم»، دعاء تدعو به إحدى السيدات المصريات منذ بداية شهر رمضان هذا العام أثناء أدائها صلاة القيام (التراويح) في أحد المساجد، وبجوارها زجاجات من المياه الباردة والعصائر المثلجة أحضرتها بصحبتها من منزلها كي تروي ظمأها بين كل ركعتين في ظل الحر الشديد الذي تشهده مصر منذ بداية شهر رمضان المتزامن مع شهر أغسطس (آب) الذي تتخطى درجات الحرارة فيه الأربعين مئوية.

وسائل عديدة يلجأ إليها المصريون خلال شهر رمضان للتغلب على موجة الحر الشديدة التي تضرب أنحاء البلاد نهارا وزيادة نسبة الرطوبة خلال ساعات الليل والتي وصلت نسبتها في بعض المناطق لأكثر من 90% وهو ما يتزامن مع وقت صلاة التراويح التي يخرج إليها الرجال والنساء كل ليلة، مما يجعلهم يلجأون إلى وسائل وحلول متعددة للتغلب على هذا الحر وتساقط قطرات العرق للتمكن من أداء الصلاة وأداء الشعائر في خشوع لله تعالى.

اللجوء إلى «المساجد المكيفة» يعد أول تلك الحلول أمام شرائح عديدة من المصلين خاصة في القاهرة، حيث يشهد رمضان هذا العام صورة جديدة للمساجد لم تكن معتادة من قبل، بعد أن استبدل الكثير منها بالتهوية داخل المسجد أجهزة التكييف عوضا عن استخدام المراوح، حيث تم تركيب هذه الأجهزة عن طريق التبرعات والجهود الذاتية في مقابل ضعف الإمكانيات الرسمية المتاحة لذلك، لتشهد المساجد المكيفة إقبالا كبيرا من جانب المصلين الباحثين عن الراحة وعن جو يتيح لهم التعبد في خشوع، بل أصبح ملاحظا اصطحاب بعض المصلين خاصة من الفقراء أسرهم للتمتع بهواء المكيف البارد، حيث تجلس النساء في الأماكن المخصصة لهن بينما يذهب الأطفال في صحبة آبائهم.

أحمد هاشم، أحد المصلين، يوضح أنه خلال اليوم الأول من رمضان لم يستطع إكمال صلاة التراويح والمكوث في المسجد المجاور لمنزله حتى انتهاء الصلاة بسبب الحر والعرق الغزير والإحساس بالاختناق الذي صرفه عن أداء الصلاة في تدبر، وهو ما جعله منذ اليوم الثاني يبحث عن مسجد مكيف لأداء الصلاة، وبالفعل وجد ضالته في مسجد آخر تم تركيب 17 جهازا للتكييف به قبل رمضان خصيصا تبرع بها أحد المرشحين في انتخابات مجلس الشعب المصري، ورغم بُعد المسجد عن منزله فإنه يفضل السير إليه يوميا حتى يبتعد عن حرارة الجو من ناحية والشعور بالراحة والهدوء من ناحية أخرى.

الحرارة العالية وحالة انقطاع الكهرباء التي تشهدها جميع محافظات مصر في الأسابيع الأخيرة، جعلت العديد من أئمة وخطباء المساجد يبادرون في توجيه النصيحة للمصلين للتبرع وتوفير الإمكانيات المادية لإيجاد مكيفات هواء أو مولدات كهربائية لتغطية أي انقطاع للتيار على اعتبار أن ذلك صدقات جارية، وهو ما وجد صدى لدى المصلين في محاولة للهروب من درجات الحرارة والرطوبة وللاستمتاع بأداء صلاة القيام والتقرب من الله، كذلك فالكثير من الأئمة يحاولون التخفيف على المصلين بالاكتفاء بإحدى عشرة ركعة في صلاة التراويح وعدم اشتراط ختم القرآن، أو إلغاء الدروس الدينية التي تتوسط الركعات.

الحر الشديد يمنح شعورا دائما بالعطش وهو ما جعل الكثير من المصلين والمصليات في المساجد المصرية يصطحبون معهم زجاجات المياه المثلجة أو عبوات العصائر والمرطبات لري ظمئهم خلال صلاة التراويح، حيث تصطف هي الأخرى في صفوف تجاور صفوف المصلين، فلم يعد غريبا أن تشاهد رجلا يضع بجواره زجاجة مياه مثلجة، أو شابا يحمل معه بعض عبوات العصائر في حقيبة خاصة، أو سيدات يحملن معهن المشروبات الطبيعية التي تمد الجسم بالعديد من الفيتامينات والمعادن مثل الكركديه والسوبيا والخروب والتمر الهندي والعرقسوس وقمر الدين وهي المشروبات التي يزيد الإقبال عليها من جانب الأسر المصرية خلال شهر رمضان.

كما تهتم بعض السيدات باصطحاب بعض أنواع الفاكهة الصيفية مثل العنب والتين والتمر لتناولها أثناء الصلاة أو القيام بتوزيعها على غيرهن من المصليات، خاصة أنها تسهل من عملية هضم وجبة الإفطار وتمنع الشعور بالعطش لأنها تحتوي على نسبة عالية من الماء، وأحيانا تكون أطباق الحلويات كالكنافة والقطايف ملازمة لأنواع الفاكهة والعصائر والمياه.

الشاب ياسر محمد، اعتاد في رمضان هذا العام على اصطحاب زجاجة مياه مثلجة للتغلب على العطش الشديد الذي يلازمه خلال صلاة التراويح، حيث يعتبرها وسيلة تعينه هو وغيره من المصلين على أداء صلاة التراويح التي تستمر لمدة طويلة. أما صديقه نادر فيتغلب على حرارة الطقس بأن يأخذ لنفسه مكانا مميزا بالمسجد قريبا من مبردات الماء المثلج وأسفل أحد المراوح، ويقول: «نستقبل هذا العام شهر رمضان في ظروف مناخية صعبة، كما تتجاوز ساعات الصوم سبع عشرة ساعة يوميا، لذلك أحاول التغلب على ذلك بشرب كميات كبيرة من المياه خاصة أثناء صلاة التراويح حيث الزحام الشديد من جانب المصلين والجو الحار».

أما إلهام، ربة منزل، فهي تدعو الله أن يخفف عن الصائمين وطأة الحر، مشيرة إلى أنها تتغلب على الحر بالمشروبات الطبيعية والتي لا تتردد في إحضار بعضها في زجاجات إلى المسجد أثناء صلاة القيام للشرب منها هي وبناتها أثناء توقف الصلاة لإلقاء الدرس الديني، ولا تخفي مطالب الكثير من السيدات من المسؤولين عن المساجد في وزارة الأوقاف المصرية بتوفير الإمكانيات التي تجعل المصلين يشعرون بالراحة أثناء أداء الصلوات خاصة صلاة التراويح.