جمهوريون يعارضون عرضا قدمته شركة اتصالات صينية لأميركا

انطلاق حملة لحظر عرض الشركة الصينية قد يقود لتفاقم العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة

دافعت «هواوي» عن نفسها ضد تهم سابقة بأنها انتهكت حقوق الملكية الفكرية للشركات الأميركية (رويترز)
TT

طالب ثمانية مشرعين جمهوريين، حذروا من تهديد محتمل للأمن القومي، إدارة أوباما بفحص عرض قدمته واحدة من كبرى الشركات في الصين لتوريد معدات اتصالات لشركة «سبرينت نيكستيل» في الولايات المتحدة.

وفي خطاب أرسل الأسبوع الماضي لكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، بمن فيهم وزير الخزانة تيموثي غيثنر ومدير الاستخبارات الوطنية الليفتنانت جنرال جيمس كلابر، أعرب أعضاء مجلس الشيوخ عن مخاوفهم من الادعاءات بأن الشركة باعت معدات لنظام صدام حسين، وكانت لديها علاقة تجارية وثيقة مع الحرس الثوري في إيران.

كما قال أعضاء مجلس الشيوخ إن الشركة، «هواوي إنك»، لديها علاقات وثيقة مع جيش التحرير الشعبي في الصين.

وكتب مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ، منهم جون كيل من ولاية أريزونا، وكريستوفر بوند من ميسوري، وسوزان كولينز من ولاية مين، في الخطاب قائلين: «تقدم شركة سبرينت نيكستيل معدات مهمة إلى الجيش الأميركي والوكالات المسؤولة عن تطبيق القانون، وتقدم مجموعة واسعة النطاق من الأجهزة والأنظمة والبرمجيات والخدمات إلى القطاع الخاص. إننا نشعر بالقلق من أن وضع شركة «هواوي» باعتبارها مورد معدات لشركة «سبرينت نيكستيل» من الممكن أن يتسبب في مخاطرة كبرى بالنسبة للشركات الأميركية، ومن الممكن أن يضر بالأمن القومي الأميركي».

ومن المؤكد أن انطلاق حملة لحظر عرض الشركة الصينية بيع أجهزة إلى الولايات المتحدة سيقود لتفاقم العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وسيكثف من نقاش طويل الأمد حول مدى إمكانية السماح لشركات صينية كبرى بالاستثمار في صناعات حساسة في الولايات المتحدة.

وجرى إثناء الكثير من الشركات الصينية، بما فيها «هواوي»، مرارا وتكرارا، عن الدخول في صفقات مع شركات أميركية، أو تم منعها من القيام بذلك، نظرا لمخاوف متعلقة بالأمن القومي، وهذه القرارات أغضبت المسؤولين الصينيين وقادة الأعمال هناك.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخزانة الأميركية، ناتالي ويث، إن الوزارة تلقت الخطاب، وتقوم الآن بدراسته. وقالت إن الحكومة ترحب بالاستثمار الأجنبي بصفة عامة، بما في ذلك الاستثمارات القادمة من الصين. وأضافت: «يخلق الاستثمار الأجنبي فوائد اقتصادية كبيرة للعمال الأميركيين، بما ذلك ملايين من الوظائف جيدة الأجر».

وأثار هذا الخطاب، الذي يحمل تاريخ 18 أغسطس (آب)، ردودا حادة من جانب الحكومة الصينية وشركة «هواوي». وأصدر وانغ باو دونغ، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، بيانا قال فيه إن شركة «هواوي» شركة خاصة وتريد بكل بساطة الدخول في مجال الأعمال في الولايات المتحدة.

وقال وانغ في البيان: «نأمل أن يتبنى بعض الأشخاص في الولايات المتحدة نهجا عقلانيا تجاه هذه الأنشطة التجارية العادية، بدلا من اتخاذ أي موقف من شأنه عرقلة هذه الأنشطة عن طريق إساءة استخدام المخاوف المتعلقة بالأمن القومي».

وأصدرت شركة «هواوي»، ومقرها شنتشن جنوب الصين، بيانا يوم الجمعة الماضي، قالت فيه إن الحكومة الصينية والجيش ليس لديهما أي نوع من أنواع السيطرة على الشركة.

كما دافعت «هواوي» عن نفسها ضد تهم سابقة بأنها انتهكت حقوق الملكية الفكرية للشركات الأميركية.

وقال روس غان، المتحدث باسم الشركة، في البيان: «شعرت (هواوي) بخيبة أمل لدى سماعها أن الصفات الخاطئة بشأن الشركة لا تزال قائمة».

وبموجب القانون الأميركي، تستطيع لجنة مشتركة، تدعى لجنة الاستثمارات الأجنبية، منع أي شركة أجنبية من الاستحواذ على شركات أو الاستثمار بها.

وفي هذه الحالة، طالب أعضاء مجلس الشيوخ في خطابهم إدارة أوباما ووكالات الأمن القومي بالتحقيق الكامل في حالة «هواوي» وتقييم المخاطر التي تظهر عند السماح لها ببيع معدات إلى شركة «سبرينت نيكستيل».

وفي سياق الإعراب عن مخاوفهم، استشهد أعضاء مجلس الشيوخ بتقارير إعلامية؛ وبيان صحافي من السفارة الصينية في إيران؛ وتقرير من مجموعة المسح العراقي، وهي لجنة أنشئت عقب سقوط العراق؛ والكثير من الوثائق الأخرى.

وقال أعضاء مجلس الشيوخ إن وجود «هواوي» في إيران، «لا سيما في مجال الصناعات العسكرية، يشير إلى أنه في ظل العقوبات الأميركية على إيران، ينبغي منع هواوي من عقد صفقات تجارية مع الحكومة الأميركية».

كما ألقى الخطاب الضوء على «علاقة» الشركة مع جيش التحرير الشعبي في الصين، مستشهدا بما وصفه «بتركيز الصين الموثق بصورة جيدة على تطوير قدرات الحرب الإلكترونية».

واختتم الخطاب بسلسلة من الأسئلة، سأل فيها أعضاء مجلس الشيوخ عما إذا كانت وزارة الخزانة تتفاوض حاليا حول صفقة للسماح لشركة «هواوي» بالاستحواذ على شركات أميركية أو الاستثمار بها، وما إذا كانت السيطرة المحتملة لشركة «هواوي» على شركة لديها عقود حساسة مع الحكومة «ستمثل تهديدا متعلقا بالأمن القومي لتسريب التكنولوجيا أو تعزيز التجسس ضد الولايات المتحدة».

ورفض متحدث باسم شركة «سبرينت نيكستيل»، وهي واحدة من أكبر مشغلي خدمات الهاتف المحمول في الولايات المتحدة، التعليق على القضية في نهاية الأسبوع الماضي. وفشلت الجهود الرامية للتوصل إلى أعضاء في مجلس الشيوخ في التحدث بالتفصيل حول الخطاب.

وعلى الرغم من أن «هواوي» ليست مشهورة في الولايات المتحدة، فإنها بالفعل واحدة من أكبر موردي معدات الاتصالات في العالم، ولديها عمليات كبرى في الصين وأوروبا وأفريقيا، وتجاوزت إيراداتها العام الماضي 20 مليار دولار.

وتحرص الشركة الآن على دخول سوق معدات الاتصالات الأميركية. بيد أن ما عرقل هذه الخطوة كان الأسئلة القائمة حول تاريخ الشركة، والمتعلقة بما إذا كانت قد باعت معدات لدول مثل العراق وإيران؛ وما إذا كانت قد تلقت تمويلا من الحكومة الصينية؛ وما إذا كانت قد سرقت تكنولوجيا من شركات عالمية.

وتأسست الشركة في ثمانينات القرن الماضي على أيدي رن تشنغ في، ضابط سابق في جيش التحرير الشعبي. وقال بعض المحللين إن الحكومة الصينية ساعدت «هواوي» على الفوز بعقود في دول أفريقية وغيرها من الدول النامية، وساعدت في الغالب على تمويل مشتريات الحكومة من معدات «هواوي».

وقاضت «سيسكو سيستمز» شركة «هواوي» عام 2003، وقالت إن الشركة نسخت برمجياتها بصورة غير قانونية وانتهكت الكثير من براءات الاختراع. وقامت الشركتان بتسوية النزاع خارج المحكمة.

وفي الشهر الماضي، قاضت شركة «موتورولا» شركة «هواوي» في الولايات المتحدة، واتهمتها بالتآمر لسرقة أسرار تجارية بمساعدة مجموعة من الموظفين السابقين لدى «موتورولا». وتصر «هواوي» على أن هذه القضية لا تحتوي على أي أدلة، وقالت إنها تعتزم مواجهتها في المحكمة.

ولم تقل «هواوي» ما التعاقد الذي تقدمت بعرض من أجله مع شركة «سبرينت نيكستيل». بيد أن «هواوي» كانت لديها مشكلات في الدخول إلى السوق الأميركية.

وفي عام 2008، ألغت عرضا للاستحواذ على «ثري كوم كوربوريشن» بعدما بدأت الحكومة الفيدرالية التحقيق فيما إذا كان الاستحواذ سيشكل مخاطر متعلقة بالأمن القومي أم لا. وفي وقت سابق من العام الحالي، فقدت «هواوي» عروضا لشراء أصول شركة البرمجيات «تو واير» ووحدة معدات لاسلكية تابعة لشركة «موتورولا»، وفقا لما ذكرته «بلومبيرغ نيوز». وقالت «بلومبيرغ» إن «هواوي» خسرت العرضين، رغم أنها قدمت عروضا أكبر من الشركات التي فازت بالصفقات، لأن البائعين أبدوا الشكوك في أن «هواوي» من الممكن أن تحصل على استحسان فيدرالي.

*خدمة «نيويورك تايمز»